تراهن اتحادية الدراجات كثيرا على نجاح دورة الجزائر الدولية العشرين؛ لما لها من أهمية ودور كبير في تشجيع ممارسة هذه اللعبة بمنطقة الجنوب، الذي يستقبل لأول مرة في تاريخ رياضة الدراجات ببلادنا، منافسة قافلة الطواف الدولي أو ما تُعرف بتسمية «الملكة الصغيرة»، حيث خصصت الهيئة الفيدرالية للعبة في برنامجها الخاص بالعهدة الحالية، حيزا كبيرا من الاهتمام للنهوض بهذه الرياضة بمناطق الجنوب. وجاء هذا المسعى خاصة أن الاستراتيجيات التي سطرتها هيئة الفرع فيما مضى، لم تأخذ بعين الاعتبار هذه المناطق؛ شأنها شأن كثير من الرياضات الأخرى، بل إن رابطات الفرع قليلة بالجنوب، والموجودة لا تنشط على نطاق واسع لافتقارها إلى المشاركة في منافسات البطولات الوطنية باستثناء ولاية بسكرة؛ حيث يتواجد نادي القنطرة المعروف بكونه مدرسة عريقة في رياضة الدراجات، التي تملك أبطالا في كل الأصناف، أبرزهم عداؤها الدولي برباري الذي انتقل للاحتراف بفرنسا. أكثر ما شجع الهيئة الفيدرالية للفرع على تنظيم دورة الجزائر الدولية في منطقة الجنوب، هو جاهزية الطرقات التي تسمح بتنظيم المنافسات على أعلى مستوى، بعضها جديد وأخرى تم إعادة تهيئتها بالشكل الذي لا يعيق الدراجين، حيث إن طرقات الجنوب مبسطة بنسبة تسعين في المائة، وبالتالي مقبولة بشكل جيد لاستقبال منافسات الدراجات المحلية والدولية، فحتى الذين كانوا متخوفين من حرارة الجنوب تفاجأوا هذه المرة بالطقس المعتدل الذي طبع كل الفترة الزمنية التي مرت خلالها قافلة الدراجين، وبشكل خاص ولايات بسكرة، لوادي ، تقرت وورقلة، بل لم يختلف الأمر كثيرا في ولايات الجنوب القريبة من الشمال الجزائري، كالأغواط، الجلفةوالمسيلة. لكن بالنسبة لتقنيي واختصاصيي هذه اللعبة فإن تنظيم منافسات الدراجة بالمناطق التي ذكرناها لا يمكن أن يتم سوى في فترة الخريف، إذ عادة ما يكون الطقس فيها خاليا من الحرارة الشديدة والرياح الرملية التي تعيق سير الدراجين. ولا شك في أن المفاجأة كانت كبيرة ببعض هذه الولايات من الجنوب التي استقبلت جماهيرها الشعبية بحفاوة كبيرة في الطبعة العشرين لدورة الجزائر الدولية، وجسّدها الحشد الشعبي الكبير من مواطنيها، الذين اصطفوا بأعداد كبيرة على الطرقات القريبة من خط وصول الدراجين. كما أن المنتخبات والفرق الأجنبية أعجبتها كثيرا المسالك التي اختارها المنظمون لسير قافلة «الملكة الصغيرة»، فجلّ أعضاء الأطقم الفنية لهذه الفرق والمنتخبات الأجنبية، رأوا أن التنافس في هذه المناطق يرجع بالفائدة على دراجيهم، لا سيما عندما يكونون بصدد الاستعداد للمشاركة في منافسات دولية، مثلما أكد ل «المساء» مدرب منتخب سوريا سليم ماهر ومدرب منتخب فريق النصر الإماراتي خليل حداد، إذ أصر كلاهما على خوض أطوار دورة الجزائر التي اعتبراها محطة تحضيرية حاسمة، قبل المشاركة في البطولة العربية بشرم الشيخ (مصر) والبطولة الإفريقية بكيغالي (رواندا)، المقررتين خلال شهر نوفمبر القادم. إلاّ أنّ أكبر عائق يواجه مسؤولي اتحادية الدراجات في حالة تنظيم منافسات هذه اللعبة بمناطق الجنوب، هو ضعف إمكانيات الإيواء، والأمر يُطرح بحدّة عند مشاركة الفرق والمنتخبات الأوربية التي عادة ما تطالب بالمبيت في أكبر الفنادق، حسبما تمليه قوانين الاتحاد الدولي للدراجات، الذي يفرض شروطه في هذا المجال، لما تكون المنافسات مؤهلة للبطولات والكؤوس العالمية، فطواف الجزائر لسنة 2017 لم يمر كلّه بسلام بعدما وجد المكلفون بالتنظيم بعض الصعوبات في إيواء الدراجين ومرافقيهم وحتى الصحافيين؛ لعدم توفّر الفنادق المهيأة لاستقبال هذا الحدث الرياضي الدولي الكبير، على غرار ما حصل في الجلفةوالمسيلة. ففي الولاية الأولى قضى المشاركون في الطواف ليلتهم بمتقنة تفتقر لجزء كبير من شروط الإيواء، في حين لم يقض الوفد الرياضي ليلته بالولاية الثانية لعدم توفرها على الفنادق الكبيرة. وتم نقل القافلة ومرافقيها بمجرد انتهاء المرحلة السادسة الجلفةالمسيلة إلى غاية مدينة بوسعادة، حيث وجدت وسائل الراحة كي يتم تحضير المرحلة الأخيرة من هذا الطواف. لكن تطوير ممارسة رياضة الدراجات بمناطق الجنوب ليس مرهونا فقط بتوفير هياكل الإيواء، بل يتطلب الأمر، بشكل خاص، تنظيم بطولات ودورات بين رابطات الفرع الموجودة في هذه المناطق، والأمر يبدو سهلا مادامت الولايات المعنية بالمنافسة قريبة فيما بينها ولا تكلف الرياضيين المشاركين فيها أموالا كبيرة.