تم أمس، إعادة انتخاب شي جين بينغ لعهدة ثانية على رأس الحزب الشيوعي الصيني، وهو ما كان منتظرا من قبل جميع المتابعين للشأن الصيني ولمجريات المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي الصيني الذي انطلق في 18 أكتوبر الجاري. وسيكون بذلك أمام الأمين العام للحزب ورئيس الدولة خمس سنوات جديدة لتجسيد برنامجه الإصلاحي الذي ركز عليه كثيرا خلال افتتاح أشغال المؤتمر، حين قدم خارطة طريق لما يسمى ب«الاشتراكية ذات الخصائص الصينية» التي يعوّل عليها للذهاب قدما في اتجاه بناء صين العصر الجديد. وتم انتخاب جي بينغ أمس، من طرف اللجنة المركزية للحزب في جلسة مغلقة رفقة ستة أعضاء دائمين آخرين في المكتب السياسي، وبذلك يكون في الرابعة والستين من عمره قد تمكن من إحكام قبضته على السياسة الصينية، وفق منظور جديد يراه السبيل لترجيح كفة الصين كقوة اقتصادية عالمية. واختتم المؤتمر الوطني ال19 للحزب الشيوعي الصيني يوم الثلاثاء أشغاله بعد إدراج فكر شي جين بينغ حول «الاشتراكية ذات الخصائص الصينية من أجل عصر جديد»، في دستور الحزب وانتخاب لجنة مركزية جديدة للحزب الشيوعي الصيني ولجنة مركزية جديدة خاصة بالانضباط. وقال جي بينغ في الخطاب الختامي بقاعة الشعب الكبرى «نحن على يقين من أن مختلف القرارات والترتيبات الموضوعة في هذا المؤتمر، وشتى المنجزات المحققة فيه، ستلعب دورا إرشاديا وضمانيا بالغ الأهمية بالنسبة إلى تحقيق انتصار حاسم في إنجازاتنا الرئيسية»، مذكرا أنه «منذ الفترة الزمنية الطويلة، ظل حزبنا يتحد مع أبناء الشعب الصيني والأمة الصينية ويقودهم في الكفاح الدؤوب والنضال العنيد، مما غيّر نهائيا الوضع المأساوي للصين القديمة والمتمثل في التعرض للإهانة والإذلال بعد حرب الأفيون، وغيّر نهائيا الوضع المأساوي للشعب الصيني والأمة الصينية والمتجسد في معاناة مشاكل الفقر والضعف المتراكمة». وبالنسبة للزعيم الصيني، فإن السنوات الخمس المقبلة ستشهد منعطفات ومعالم هامة. وهو ما أوضحه خلال لقاء صحفي ترأسه أمس، مع الأعضاء الآخرين للجنة الدائمة للمكتب السياسي للجنة المركزية ال 19 للحزب الشيوعي الصيني. وقال إنه، وبعد عقود من العمل الشاق، «دخلت الاشتراكية ذات الخصائص الصينية عصرا جديدا.. وفي هذا السياق الجديد، يجب علينا التحلي بنظرة جديدة، والأهم من ذلك، تحقيق إنجازات جديدة». ودعا الإعلاميين في كافة أرجاء العالم لزيارة الصين للتحقق من التطور الذي تشهده، معلنا عن ترحيبه ب«التغطية الموضوعية والاقتراحات البناءة»، مستشهدا بالمقولة الصينية «أن ترى مرة واحدة أفضل من أن تسمع مئات المرات». ومررت الجلسة الختامية قرارا بشأن تعديل دستور الحزب، الذي ينص على فكر شي جين بينغ حول الاشتراكية ذات الخصائص الصينية للعصر لجديد، كمكون جديد لتوجيه العمل الحزبي. كما تم إدراج فكره العسكري وقيادة الحزب المطلقة للقوات المسلحة وكذلك بيانات أخرى، منها اتباع مبدأ تحقيق النمو المشترك عبر المناقشات والتعاون وكذا مواصلة مبادرة الحزام والطريق ضمن دستور الحزب. ووفقا لدستور الحزب المعدل، يتعين على الحزب بذل جهود شاملة لضمان مواصلة الحرب ضد الفساد. للإشارة، عدل الحزب الذي أسس عام 1921 وتولى السلطة بعد 28 عاما والذي يضم قرابة 90 مليون مناضلا، دستوره بصفة دورية خلال المؤتمرات الوطنية السابقة لمواكبة العصر. كما مرر المندوبون في المؤتمر قرارات بشأن تقرير اللجنة المركزية ال18 للحزب الشيوعي الصيني وتقرير عمل اللجنة المركزية لفحص الانضباط، ووافقوا على خطة عمل الحزب في السنوات الخمس الماضية. وكان الأمين العام للحزب الذي عزز صلاحياته بصفة ملحوظة في ختام المؤتمر - قد تحدث عن المواقف الخارجية لبلده خلال الجلسة الافتتاحية للمؤتمر، حيث أكد أن الصين سترفع «راية السلام والتنمية والتعاون والفوز المشترك»، وإنها ستلتزم بأهداف السياسة الدبلوماسية لبلده القائمة على «حماية السلام العالمي ودعم التنمية المشتركة» بعيدا عن كل محاولات الهيمنة الخارجية، داعيا إلى نبذ «عقلية الحرب الباردة وسياسة القوة بحزم» وتفضيل طريق «الحوار لا المجابهة والشراكة لا الانحياز». وشدد على أن الصين ستواصل بثبات «انتهاج سياسة خارجية سلمية مستقلة واحترام حقوق شعوب العالم في اختيار طريقها التنموي حسب رغبتها، وحماية الإنصاف والعدالة الدولية ومعارضة فرض إرادة أي دولة على غيرها وتدخلها في شؤون غيرها واستغلال القوة لاضطهاد الضعفاء». وقال إن تنمية الصين «لاتشكل أي تهديد على أية دولة أخرى»، وإنها لاتسعى أبدا وراء الهيمنة، و«لن تقوم بالتوسع الخارجي أبدا مهما بلغ مستواها في التنمية».