غسلت وجهها بماء الحب والوطن، وطلت كهامة عالية، تحكي عن افكارها، فكانت المثقفة التي نعرف، والحبيبة التي لا يمكن الا ان نقع بشرك شباكها، لطيفة التونسية ضيفة جومانة بوعيد في "كلمة فصل". جومانة حاورت لطيفة بما يليق بها، ففردت امامها كل الفصول ورحلنا معهما في رحلة الفن، كل الفن من الغناء الى المسرح الى السينما، ونحو كل معاني الضعف والقوة والخيبات والآمال والغربة والحنين.
الحلقة كانت مضاءة بنور زائد، ليس لان الحوار كسيدته انيق وشفاف فقط، بل لان الضيفة ايضاً اشعلت من داخلها فتيل الوهج، وتكلمت لاول مرة عن حبيبها. ربما كان يلزم لطيفة القمة والشموع حتى تبوح بمكنوناتها فحكت حتى صار الحب طقس مشتهى، قالت : حبيبي من كل وطن عربي ليس مهماً ما هي هويته، فهو صادق ومعطاء ومكافح، يحترم الفن والمرأة، يعشق نجاحي ويحبني وهو انسان رائع، لم تصرّح باسمه، لكن وجه لطيفة كان مطلياً بالحب ليلتها. جومانة توغلت مع لطيفة وعلاقتها بالرحابنة فصرحت بأن ربما هناك عمل مسرحي سيجمعها مجدداً مع زياد، هذا الزياد الذي يعرف طريقه ويعرف مسلكه في الفن والارض وعلاقته بالله والآخرين، فيروز هي ربيع الغناء، وبدون الرحابنة لا تكتمل فصول الفن في الوطن العربي. خيطت جومانة اسئلتها جيداً لتدلف نحو اعماقها فسألتها كيف انها دوماً تلبس ثوب القوة، وبأن حبها دوماً موجود لكنه مستتر وراء ستار سميك قد يكون نتيجة لمركز هذا الرجل الاجتماعي او السياسي النافذ. لكن لطيفة في هذه النقطة لم يكن بوحها كاملاً، الا انها اعترفت بضعفها وبأنها تبكي اسوة بأي إنسان ضعيف. كلمة الله والوطن لم تبارح اجواء لطيفة، وكأنها المتشبثة بحب كل الوطن العربي، والمؤمنة التي لا تتكل الا على ربها. لم تتستر لطيفة وراء الكلام وزينته، بل قالتها بالفم الملآن بأن هناك من يدّعون الفن وهم اشبه بالهرويين والكوكايين الذين يسممون الذائقة والأخلاق لدى شباب وجيل اليوم، لم تشأ ان تصرح باسماء هؤلاء لكنها قالت بأنه كلما زاد الإسفاف وزاد التعري زادت قلة الأخلاق في الفن الذي لا يعرفه هؤلاء. مفاجأة الحلقة كانت استثنائية، فكانت هناك مداخلة للكاتبة احلام مستغانمي ابنة الأرض الواحدة التي تجمعها بلطيفة ارث الوطن والوجدان ومتاعب الامة. ودموع مشتركة جمعتهما في موت الفنانة ذكرى واعدام صدام حسين. كلام مستغانمي كان جريئاً جداً عندما قالت بأن يوسف شاهين لم يعط لطيفة حقها وظلمها، وان كان اضاف لها مجداً لمسيرتها، وبأن لطيفة تعيش مع وحدتها معزولة. هنا وضحت لطيفة الموقف وقالت بان يوسف شاهين اعطاها 50 بالمائة من المجد الذي هي فيه، وان الدور الذي استند اليها ادته كما يجب، اما بكاؤها على صدم حسين فمرده الى انه اعدم صبيحة عيد الاضحى، وكان بالامكان ان يكون الحكم اقسى لكن ليس في مثل هذه المناسبة الجليلة. شكلت لطيفة حديقة الاصوات من فنانين تحبهم حثل اليسا، نجوى كرم، جوليا بطرس، جورج وسوف، هاني شاكر وزياد الرحباني. لا تنكر لطيفة بأنها عاتبت احلام على كلامها حين صرحت بانه يجب ان لا يغني اللون الخليجي الا الخليجيون انفسهم. لكن لطيفة زادت على ذلك بان احلام حبيبتها وهي افضل من يغني اللون الخليجي، لكن الاغنية الخليجية هي للجميع لانها في روح ووجدان الشعب العربي كله وليست حكراً لاحد. لاننا في النهاية كلنا شعب واحد ولنا لغة واحدة واحساس ووجع واحد.