إذا كان الصوت البشري آلة موسيقية، فصوتها من أكثر الآلات شفافية وقدرة على استلهام كل الألحان... خلال استضافتها في "كلمة فصل"، أطلقت فلة حنجرتها بالغناء للرد على معظم الأسئلة، وكأنها تود القول أنا الفنانة الأصيلة من قمة رأسي حتى أخمص قدمي.. كان حواراً شيقاً أدارته جومانة بحرفية، ولقاء لم يخل من المفاجآت والمصالحات والرسائل المبطنة ودموع غسلت الشوق في كحل العيون. فصول تعاقبت بأمزجة مختلفة، والضيفة تنطلق في بوح عفوي مفضوح وسجية نابضة بالحيوية.
الحوار بدأ من الجزائر، والجزائر عند فلة بداية الكون. من هنا انطلقت طفلة تغني وتعزف وتلحن، وتقول فلة أنا لا يسعني الا أن اشكر أهلي وحبهم لي، علما بأنه كان ينقصني الكثير من الاهتمام. دلفت جومانة نحو كل المحطات والفصول في حياة فلة الشخصية والفنية، حاورتها عن الظلم والبراءة والغيرة وأهل الفن.. لتقول فلة أنا لا اعرف الظلم حتى اعرف اذا كنت بريئة، أما الغيرة فمشروعة فأنا نفسي أغار من كل شيء جميل، وطالما قالوا عني جميلة وصوتي جميل.. علما بأني لا أرى نفسي امراة جميلة.. أما أهل المغنى فحالهم عجب. وتعترف فلة بأن سجنها في مصر لم يورثها الحقد، وان حقدت في البداية.. لأنها متسلحة بفنها وصوتها الذي لا يوجد أحلى منه. أما علاقتها المشوبة بلطيفة فردت عليها بحمل الميكروفون وغناء "في الكم يوم اللي فاتوا". مردفة القول، لطيفة قالت تحبني، وأنا أحب هذه الأغنية لأنها جميلة. ومازالت فلة لا تعرف لماذا لم تسأل عنها لطيفة عندما دخلت السجن.. علما أنهما تعيشان في العمارة ذاتها، ولا تعرف لماذا هي ممنوعة من دخول مصر.. علما بأنه لا يوجد شيء ضدها. ودلفت فلة الى القول لقد رحلت ذكرى وسوزان تميم وانا لا يسعني الا ان اشكر الله لاني ما زلت حية. واعترفت بأن هناك ورقة مطوية في حياتها لا تود فتحها لأنها مليئة بالأسرار وتطال شخصيات كبيرة، لكن في يوم ما ستعترف لحفيدتها خلود بذلك، لأنها مرآتها الحقيقية. أسئلة جومانة الذكية واجهتها فلة بإيجابيات أشبه برسائل كمن يضرب تحت الحزام.. سواء عندما تكلمت بحب عن جمال بغدال الموسيقي الذي رافقها في كل حفلاتها، وتركها في حفلة يوم المرأة العالمي لتتدبر أمرها، وفعلت عندما استلمت هي العزف والغناء معا لتقول "بيروح موسيقي في كثر غيره".. أو عندما تكلمت بإنصاف عن الرجل السند وصاحب الدور في حياتها ورغم ذلك بقيت وحيدة، لأنه تبين بأن الرجل في البداية يتقرب ثم تبدأ الغيرة ويتحول الى عنصر إزعاج يعيقها في مسيرتها الفنية.. ولهذا السبب تركت القفص الذهبي مع زوجها الكويتي نجيب مطاوع ومن ثم مع خطيبها العراقي عمر بشير. الشتاء أحلى الفصول عند فلة وأحبها، وفي فصل المطر اغتسل وجهها بالدمع وهي ترافق ربورتاجا يصور فناني الجزائر وأهلها يتكلمون عنها بحب وشغف، واكتمل دمع الحب على ضوء الشموع عندما كشفت العتمة عن وجه الشاعر صفوح شعالة، الذي كان على محاكم وخلاف مع فلة ليصدح صوتها تغني لشاعرها " مين يصدق مين" "رح اشتق لك" ويبادلها الشعر انا المخطئ انا الغلطان ... ويتحول دمع الخلاف الى عناق حار. تكره فلة التصنع والبرستيج، فهي التي عاشرت الكبار وعلية القوم واكتشفت انها بطبيعتها سلطانة واميرة وملكة.. واجهت الحرب واحتفظت بالفرح اكثر من الحزن. وتنتظر الى فتح باب من نور في زيارتها الحرم الشريف. جديد فلة الفني، اتضح في "كلمة فصل" من خلال البومها القادم باللهجة الخليجية، وستغني فيه لكبار فناني الخليج محمد عبده، ابو بكر سالم، صالح الشهري، يعقوب الخبيزي، رابح صقر، محمد فتحي. منوهة بأن الفن الخليجي لم يشوه ولم ينجرف الى موجة الأغنية الهابطة. شكلت فلة بستانا كبيرا من الأصوات الجميلة: نجوى كرم جبل لا تهزه الريح، يارا، أسماء المنور، باسمة، سميرة سعيد، صونيا صادق، أماني السويسي، معين شريف، عاصي الحلاني فارس الأصالة، عريس الأغنية ملحم زين، رامي عياش، وائل كفوري ... واعتراف بكلمة نعم قالتها فلة لجومانة : نعم كل هذه الأغاني كانت لي ومسجلة على اسمي ورحلت الى سواي وهي مشتاقة ليك لنانسي عجرم، ريم الفلا لراغب علامة، ارجع للشوق لاليسا، اليك المشتكى لأصالة، اسمر لسميرة سعيد.. معلنة انها كانت لا تهتم بفلة كما يجب وحان الوقت لتمسح خدودها وتطلقها اكثر تختتم فصلها الخامس على طريقتها " أحبني وأحب كل من يحيني".