تحيي الفنانة المتألقة ليلى بورصالي، هذا الخميس ابتداء من السابعة مساء، بقاعة ابن زيدون، حفلا أندلسيا في غرض الصوفية، وذلك إحياء لليلة المولد النبوي الشريف، وسيستمتع الجمهور العاصمي خلال هذه المناسبة الدينية بروائع السماع الصوفي. يخصص كل الحفل للغناء وللألحان الصوفية كدعوة للجمهور لتذوق هذا الفن الراقي المستمد من عمق الأحكام ومن تقاليد الصوفية، وكذا اكتشاف التاريخ المؤثر لحكماء الصوفية من خلال العديد من النصوص المتوارثة منذ قرون خلت في جوار روحاني مبهر زاده صوت السيدة ليلى عذوبة ورونقا. تسافر ليلى بورصالي في سهرة مميزة بجمهورها إلى عوالم الموسيقى الأندلسية وعبق الكلمة المعبرة، وتصل حتى القرن الرابع عشر. تتناول بورصالي التي ترتبط بالمدرسة التلمسانية في أدائها العديد من المواضيع، وحققت فيه تناغما كاملا بين أحاسيس النصوص وأدائها الأصيل، لتوظف صوتها الرخيم لأداء نصوص جميلة من التراث من ذلك المديح الديني المكرس لسيد الخلق محمد خير الأنام. حافظت بورصالي في أدائها الراقي الذي يتفاعل معه الجمهور على هالة سامية تغلف أحاسيس وجدانية عميقة. تحمل أغلب الأغاني نصوص أكبر شعراء التراث الأندلسي، وكذا شيوخ الشعر الملحون في الجزائر تميزها نفحات شرقية وصوفية لتتنوع المواضيع بين حب الله والنقاء والبوح الوجداني وهي خصال لازمت المجتمع الجزائري الأصيل، ويتجلى ذلك بوضوح أيضا في حرص الفنانة الكبير على روح البيئة في موسيقاها، كما ينعكس ذلك أيضا على اللباس التقليدي الذي ترتديه وعلى للفرقة الموسيقية التي لا تظهر إلا باللباس التقليدي. يضرب الموعد إذن مع مسالك روحية وطقوس عريقة توثق العلاقة بهذه المناسبة الدينية والاجتماعية، التي تسطع في جلسة السماع الصوفي والمديح النبوي التي يتم إحياؤها بصوت الفنانة ليلى. يشكل السماع والمديح جانبا هاما من التراث الموسيقي والغنائي الزاخر مما استوجب المحافظة عليه وتوارثه عبر الأجيال المتعاقبة منذ قرون خلت، كما يمثل ثقل المرجعية الصوفية في الجزائر وفي الديار المغاربية حاضنة الزوايا والأولياء الصالحين. ينهل السماع من الشعر الصوفي المناجي للخالق المتلمس لسبل التواصل مع الملكوت الأعلى، والمديح الذي يعد جزءا من السماع، لكنه يختص حصرا باستحضار مآثر الرسول صلى الله عليه وسلم والتعبير عن الشوق إليه وتخليد محاسنه وصفاته. وارتبط هذا الفن بترسيخ تقليد الاحتفال بذكرى عيد المولد النبوي، الذي دأب الملوك والولاة عبر التاريخ على رعايته بجلسات وحلقات مع مجموعات للمنشدين، قبل أن يتسع نطاقه إلى العائلات والزوايا. ويتوقف الكثير من المختصين عند الدور الذي اضطلعت به فنون السماع والمديح النبوي في الحفاظ على الموسيقى الأندلسية، التي يمتد عمرها قرونا طويلة، خصوصا خلال الفترات التاريخية التي عرفت نوعا من التشدد الديني ضد الممارسة الموسيقية، حيث ظل الباب مفتوحا أمام الإنشاد الديني في الزوايا، وهو ما ساهم في حفظ الطبوع والإيقاعات التي عبرت من الأندلس إلى جنوب الضفة المتوسطية. للتذكير، فإن بيع التذاكر ب800دج يكون يوميا بقاعة ابن زيدون . مريم . ن