تميزت السهرة الرابعة من المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية و الموسيقى العتيقة بأداء أجمل ما قدمته الفرقة الموسيقية الاسبانية »إدواردو بانياقا» ، فرقة »يالو يالو» اليونانية والثنائي ليلي بورصالي وعباس ريغي من الوصلات الموسيقية النابعة من التراث الغنائي للأندلس خلال القرون الوسطى بعبق الفن المتوسطي الذي طغت عليه الإيقاعات العتيقة التي رحلت بالجمهور إلى زمن الطرب الجميل. عرفت السهرة الرابعة من المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية و الموسيقى العتيقة حضورا غفيرا للجمهور الذي كان في الموعد لاكتشاف أجمل ما قدمته الفرق المشاركة، أول أمس، والتي تفننت في أداء أجمل النوتات التي يتميز بها كل فن يتنوع في الإيقاعات ويتحد في جمال المقاطع التي أطربت الحضور .حيث استهلت السهرة بأداء الفرقة الاسبانية المتكونة من ادواردو بانييغا وعازف العود السوداني وافرشيخ, حيث أطربت الفرقة التي تعمل على الغوص والبحث في جذور الموسيقى العربية الأندلسية من خلال القصائد المنشدة التي ترجع إلى أصل اسباني قديم كتبت باللغة العربية وأخرى بالجاليكية البرتغالية »لغة قديمة تستخدم في أنحاء اسبانيا والبرتغال« وجدان الحضور الذي أنصت في سكون ساد القاعة إلى قصائد تشدو للحب و لمدح النبي محمد »ص«. ويعد إدواردو بانياقا من المختصين في الريبيرتوار الاسباني في القرون الوسطى،بدأ مشواره ضمن الفرقة العائلية » اتريوم موزيكا» (قريقوريو ،لويس،كارلوس) و هو في سن السادسة عشر أين أنتج أربعة ألبومات. شارك في عدة جولات فنية عالمية للفرقة بالآلات الموسيقية الإيقاعية و المنفوخة بين 1966 و 1983 و هو أيضا عضو مؤسس للفرقة الموسيقية العربية الأندلسية »كالاموس هوكيتوس» . سنة 1994 أسس فرقة »موزيكا انتيقا» مكرس لريبرتوار الكونتيقا ل »سانتا ماريا» و كذا فرقة »ابن باجة» بإدارة مشتركة مع عمر متيوي و الذي اشترك معه في إبداع» كانتيقا دي الفونسو اكس» و الموسيقى الأندلسية كما أسس أيضا دارا للإنتاج »بنوما» و التي تنتج لفنانين آخرين. ونتيجة لأعماله الجليلة و دوره في نشر الموسيقى العتيقة حاز »ادواردو بانياقا» على عدة تكريمات وجوائزوتألقت في الجزء الثاني من السهرة فرقة »يالو يالو» اليونانية التي أبحرت بالحضور الى اليونان القديمة وذلك عبر مقاطع موسيقية تشدو تارة للوحدة والهجرة وتارة أخرى للحنين واللقاء. واستحسن الجمهور أداء أعضاء الفرقة الثلاث لمختلف الإيقاعات الموسيقية التي ميزتها النكهة المتوسطية حيث قدمت مزيجا من الموسيقى التركية واليونانية التي كانت سائدة سنوات العشرينات من القرن الماضي إبان الحرب اليونانية التركية. وفي لقاء آخر جمع كل من الفنانين ليلي بورصالي وعباس ريغي في ثنائي أين امتزجت فيه مدرسة المالوف والمدرسة الغرناطية, استمع الحضور بمقاطع موسيقية أديت بطبع رمل ماية. ويعد هذا التمازج بين المدرستين المنتميتين الى الموسيقى العربية الأندلسية اللتان تشتركان في الطبوع والقصائد وتختلفان في طريقة الأداء ثمرة عمل مضني جمع الفنانين محض الصدفة خلال الصائفة الفارطة, حسبما أكده الفنان عباس ريغي الذي اهتم دائما بالموسيقى القسنطينية التقليدية المالوف ، ففي سن 14 التحق بالزاوية الرحمانية ، أين جمع نصوص قصائد على يد الشيخ العربي بوشلطة . وفي سن 16 سنة التحق جمعية العقيقية العيساوية ، وبعد سنوات قصيرة ضمن الطريقة الصوفية ، جعل عباس ريغي وجهته المفضلة موسيقى المالوف .انضم سنة 2002 إلى جمعية »تلاميذ معهد المالوف» ، أين تعلم الدربوكة على يد الشيخ قدور الدرسوني ، الذي اكتشف مواهب المطرب عباس ريغي ووجهه بداية لتعلم تقنيات الإيقاع والتي هي قاعدة أساس لتأدية أي قطعة غنائية ناجحة في فن المالوف .سنتان بعد ذلك نجح في التحكم في آلتي المندولين والعود ، فأخذ يغرف من تراث المالوف بتشجيع من شيخه قدور الدرسوني ، فكون فرقة خاصة به وقادها كمطرب عواد ، فرقة تنحدر من زملاء له في الفن من الجمعية والزاوية فاستفاد من علم شيخه قدور الدرسوني لجمع النوبات وتأديتها بطريقة أصيلة فرقته ذاع صيتها في مختلف المحافل ، لاسيما في مهرجان الموسيقى الأندلسية بتلمسان سنة 2005 ، مهرجان الحوزي بالبليدة خلال طبعات 2006 و 2010 ومهرجان المالوف بقسنطينة خلال طبعاته الأربع ، كما أدى بكفاءة واقتدار جولة فنية بالغرب الجزائري بمناسبة تظاهرة تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011 . للإشارة ،تتواصل فعاليات الطبعة الثامنة من المهرجان الدولي للموسيقى الأندلسية والموسيقى العتيقة الى غاية 29 ديسمبر بمشاركة 13 فرقة موسيقية تمثل دولا مختلفة الى جانب جمعيات موسيقية جزائرية.