نظمت القوات الجوية بالتنسيق مع مديرية الاتصال والإعلام والتوجيه لأركان الجيش الوطني الشعبي أول أمس، بالمتحف المركزي للجيش الشاذلي بن جديد، احتفالا رسميا بمناسبة مرور الذكرى الستين للتعاون الجزائري الروسي في مجال الطيران العسكري، حيث تم استعراض مسيرة حافلة ولدت في خضم حرب التحرير ثم توطدت عبر عقود من التعاون الذي بلغ أرفع المستويات. أشرف على مراسم الحفل اللواء عبد القادر لوناس، قائد القوات الجوية، الذي ركز في كلمته الترحيبية على استعراض مختلف المراحل التي ميزت التعاون الجزائري الروسي في مجال الطيران العسكري منذ سنة 1957، وحتى يومنا هذا. من جهة أخرى ذكر أن تنظيم الفعالية بالمتحف المركزي للجيش ما هو إلا دليلا على التزام الجزائر بتاريخها الوطني الممتد عبر الحقب وصولا إلى حرب التحرير المجيدة، وهو الحال مع تاريخ 1957 الذي شكل نقطة انطلاق لتعاون جزائري روسي له عمقه التاريخي في ترسيخ هذه العلاقات المبنية على أسس متينة، لتتعزز أكثر بالاستمرارية وفي كل الميادين، حيث ساهمت روسيا (الاتحاد السوفياتي سابقا) قبل الاستقلال وبعده في تطوير القوات الجوية الجزائرية. هذه الأخيرة التي قطعت أشواطا كبيرة سواء من حيث التجهيزات أو المرافقة التقنية أو التأطير والتكوين، وهذه الحركية كما أشار اللواء لوناس تندرج ضمن استراتيجية شاملة تجسدت عبر عقود وصولا إلى أفريل 2001، حين تمت اتفاقية بين الطرفين لتعزيز التعاون ضمن إطار استراتيجي شامل يهدف إلى الاستمرار في ترقية التعاون المبني على الصداقة التي تربط الأمتين الجزائرية والروسية. بعدها ألقى سفير روسيابالجزائر، كلمة نوّه بمستوى هذه العلاقات العسكرية، مع الإشارة إلى أن المعرض المنظم ببهو المتحف شاركت فيه البعثة العسكرية الروسية بالجزائر، كما حرص على تحية ضباط جيش التحرير مثمّنا مشوارهم البطولي خاصة في مجال الطيران الحربي وتمنى أن تصل خبرتهم للأجيال الصاعدة. السفير الروسي ذكر أن التعاون الروسي الجزائري كان وليد حرب التحرير وقد تجاوز الجانب الدبلوماسي إلى الدعم العسكري بالعتاد الحربي وبالكوادر، خاصة من قوات الهندسة السوفياتية مع إرسال مجموعة خبراء روس، حيث تم تكوين 200 عسكري جزائري بالمعاهد والمدارس العسكرية الروسية، بعدها جاء إلى الجزائر خبراء روس للمشاركة في تأسيس بنية تحتية للجزائر الفتية، وهنا ذكر المتحدث موقف الرئيس بن بلة، الذي أولى أهمية قصوى للتعاون الجزائري الروسي واعتبره مثمرا، كما تم بناء 80 مصنعا ومحطة توليد كهرباء وغيرها. وحين دخول الألفية الثالثة ظهرت مرحلة جديدة من التعاون تجسدت أكثر بعد زيارة الرئيس بوتفليقة، لموسكو ليتم التوقيع على اتفاقيات عدة في مجالات العلوم والثقافة والتجارة والدفاع وتوالت القمم الثنائية ليصل المطاف إلى أكتوبر الماضي حين زيارة رئيس الوزراء الروسي للجزائر. عرض بالمناسبة فيلم وثائقي بعنوان «صقور الوطن ، رجال القوات الجوية الجزائرية» تناول تاريخ هذه القوات منذ حرب التحرير وحتى اليوم ابتداء من التضحية إلى التكوين والتسليح والقدرة القتالية والتكنولوجية العالية، بعدها تقدم محمد بوشيبة، من القوات الجوية ليستعرض جانبا من هذا التاريخ في مجال الطيران العسكري، مؤكدا أن الروس رافقوا كل مراحل تطور هذه القوات الجزائرية خاصة في مجال العصرنة وتجهيز العتاد والتكوين النوعي . يمتد التعاون عبر فترات منها من الاستقلال حتى 1970 بإرسال بعثات مكثفة للتكوين في أصناف الطيران العسكري، ثم إنشاء مدارس تكوين بالجزائر خاصة سنة 1966 بمساعدة الروس منها مدرسة طفراوي، إضافة إلى أولى صفقات التسليح منها مطاردات «ميغ» والمقنبلات وطائرات نقل وتدريب وحوامات وغيرها، ثم تأتي الفترة من 1970 إلى 1980، حيث بادرت القيادة الجزائرية باقتناء سلاح أكثر تطورا يتماشى والاحتياجات الجديدة إضافة إلى التكوين، ومن 1980 حتى 1990 قررت القيادة العليا إعادة هيكلة سلاح الطيران باستحداث وحدات جوية جديدة، وفي 1990 حتى الألفين تحسّن التعاون في الطيران الجوي وبسلاح جديد منها طائرات تزويد بالوقود وحوامات بحث وإنقاذ ومناورة واستطلاع ثم حتى سنة ألفين وأربعة كانت القفزة النوعية ودخل التعاون في برامح تطور شاملة وبتجهيزات جد حديثة لم تشهدها الجزائر من قبل منها طائرات الجيل الجديد وحوامات قتالية وأخرى للنقل الثقيل وحوامات طائرات تدريبية. بالمناسبة هنّأ السيد اسكندر، رئيس البعثة العسكرية الروسية الحضور، مؤكدا أن الجيش الجزائري اليوم جيشا متطورا وعصريا ويسعى للمزيد من أجل خدمة وطنه، مستحضرا من رفعوا المشعل منهم الراحل السعيد مسعودان، من الأوائل الذين استفادوا من التكوين في مجال الطيران بروسيا وتقلّد عدة مناصب سامية في الدولة الجزائرية وتأسست على يده عدة قواعد منها قاعدة الدار البيضاء ثم بوفاريك وغيرها، كما زار أكبر الخبراء الروس الجزائر بعد الاستقلال منهم مارشالات لتكوين القوات الجزائرية على أحسن تكوين عبر العالم، كما توقف المتدخل عند المواقف المشرفة للمسؤولين العسكريين الجزائريين الذين وقفوا موقف الأب اتجاه أبنائه في الخارج، حيث كانوا يتابعون تكوين البعثات الجزائرية وكان من بين هؤلاء محمود لعرابة. يعدها تم تقديم هدايا رمزية للضيوف الروس وكذا لقدماء الطيارين الجزائريين بعضهم شارك في الحروب العربية، لينتقل الجميع باتجاه المعرض الذي ضم صورا خاصة بالقوات الجوية والعلاقات مع الاتحاد السوفياتي سابقا وكان من ضمن الصور وصول أول سرب طائرات إلى الجزائر في أكتوبر سنة 62، وصورة لتفقد رئيس الحكومة المؤقتة فرحات عباس لمجموع الطلبة الطيارين، وصورة من الصفحة الأولى لجريدة المجاهد في 6 فيفري 59 خصصت لأوائل ضباط الطيران الجزائريين، وصور لخبراء روس يكوّنون جزائريين في دروس تطبيقية وكذا تسليم شهادات للمتخرجين من طرف الراحل بومدين وغيرها. للإشارة فإن هذا المعرض سيفتح أمام الجمهور وسيقام على 3 مراحل أي حتى 9 ديسمبر بالمتحف المركزي للجيش، والمرحلة الثانية من 14 إلى 18 ديسمبر بمركز الإعلام الإقليمي بالبليدة والثالثة من 5 إلى 9 ديسمبر بمركز الإعلام الإقليمي بوهران.