أجمع مكتبيون على ضرورة تفعيل النشاط الثقافي في المكتبات العمومية في عصر يشهد غزوا معلوماتيا واتصاليا، خلال اليومين الدراسيين اللذين نظمتهما المكتبة الولائية ببسكرة مؤخرا، بعنوان «التنشيط الثقافي في المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية». بهذه المناسبة التي احتضنتها المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية «محمد عصامي» في ولاية بسكرة، قالت سودة دو، مديرية المكتبة أن تنظيم هذه الفعاليات يهدف إلى التعريف بواقع التنشيط الثقافي بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية «محمد عصامي» لولاية بسكرة، من خلال تسليط الضوء على مختلف النشاطات الثقافية المتنوعة التي قدمتها ولازالت تقدمها، ومدى نجاح هذه المؤسسة في التعريف بمجموعاتها الوثائقية، واستقطاب جمهور عريض ومتنوع يشمل مختلف شرائح المجتمع، إضافة إلى اهتمامها ببناء شبكة علاقات متينة مع محيطها. من جهته، تطرق نصير موسي، مكتبي وثائقي وأمين المحفوظات بمكتبة بسكرة في مداخلته، إلى موضوع جمع المعطيات اللازمة وكيفية إجراء دراسة حالة، مضيفا أن هيئته اعتمدت على الملاحظة والتجربة، كأداتين رئيسيتين لجمع البيانات بمكتبة بسكرة ويشارك في مختلف نشاطاتها المقدمة منذ سنة 2011. أما شاكي حياة، محافظة المكتبات والوثائق والمحفوظات بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية «بودراي بلقاسم» لولاية المسيلة، قالت إن المكتبة العامة تعد أقرب مؤسسة تقدم المعلومات للشعوب، حتى أصبحت تعرف ب»مدرسة الشعب»، مضيفة أنه مع عصر المعلومات وما تشهده البشرية من غزو تكنولوجي مزدوج (معلوماتي واتصالي) وعلى رأسها الأنترنت ومصادر المعلومات الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي، التي أضحت تنافس المكتبات العامة في استقطاب وجذب اهتمام أكبر شريحة من الشعب بمختلف مستوياته العلمية والمهنية، لم تجد مكتبات المطالعة العمومية أمامها من سلاح فعّال لمواجهة هذه المنافسة الشرسة،سوى اللجوء إلى تنشيط فضائها. استرسلت قائلة «لهذا، أعتبر عملية التنشيط الورقة الرابحة التي تراهن بها مكتبات المطالعة العمومية في ظل التطورات المستمرة، من أجل كسب رهان المحافظة على مكانتها في المجتمع والمحافظة على استمرار تواصل وتردد مختلف أفراد المجتمع عليها، رغم الإغراءات التي تقدمها لهم التكنولوجيا الحديثة». أما المكتبي والوثائقي، وأمين محفوظات المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية الوادي، شوشاني محمد، فأكد اهتمامه بالتنشيط الثقافي، معتبرا أن المكتبات لم تعد في عالمنا أداة من أدوات الزينة أو حلية من حلي البيت، بل أصبحت شيئا أساسيا، لا يستغنى عنه في المدرسة، الجامعة، المسجد ولا حتى في البيت. كما أن المكتبة دليل الحضارة والتقدم، فكلما كثر عدد المكتبات في قطر من الأقطار وعدد الكتب فيها وتنوعها، وكلما كثر رواد المكتبات وعدد المستعيرين، كان ذلك دليلا على رقي ذلك القطر وانتشار التعليم بين أبنائه، يضيف المحاضر. أضاف أن انتشار المكتبات يعد من أعظم المعايير والمقاييس المستعملة في وقتنا الحاضر، للدلالة على رقي الأمم والشعوب ورسوخ قدمها في مضمار الحضارة، رغم أن المكتبات في الحاضر حسبه- لا تعطي الثمرة المرجوة منها والحل يكمن في مراعاة ميول القراء والاعتماد على التنشيط الثقافي. في هذا السياق، أشار شوشاني إلى أهمية إبراز دور التنشيط الثقافي في مكتبات المطالعة العمومية، من خلال تنمية ميول القراء، عبر التطرق إلى أبرز الأساليب العلمية المتبعة في هذه المهمة، بداية من التخطيط، وصولا إلى التنفيذ الناجع، وهو ما يُمكن من الحصول على النتائج الإيجابية في تحبيب عادة المطالعة لدى الأفراد، خاصة الأطفال وتنمية ميولاتهم لممارسة المطالعة، بعيدا عن كل أشكال الضغط التي تمارسها القراءة المقررة عليهم. في المقابل، كشفت سباح سدية، مديرة المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية تيبازة، أن هذين اليومين سمحا بعرض تجربة مكتبة تيبازة التي انطلقت منذ ست سنوات، معتبرة أن هذه المناسبة، مكنت أيضا من توضيح عمل المكتبة في الإطار الثقافي، وتقديم مختلف الجوانب الثقافية المتعلقة بالكتاب، مضيفة أن الاستثمار في الطفل سيدفع به إلى حب المطالعة. من جانبها، قالت إفتيني ليلية، رئيسة خدمة المستعملين بالمكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية تيبازة في مداخلة بعنوان «التنشيط الثقافي في المكتبة الرئيسية للمطالعة العمومية لولاية تيبازة»، بأن نجاح أي مشروع ثقافي على مستوى أية مكتبة، يتطلب الاعتماد على ثلاثة أسس هي: توفير واستغلال الإمكانيات المادية والبشرية التي تتمتع بها المكتبة، تعيين طبيعة الأنشطة الثقافية المراد تنظيمها مع تسطير رزنامة لذلك، بالإضافة إلى تحديد الجمهور المستهدف من خلال كل نشاط. ❊نور الدين العابد