توجهت أصابع الاتهام بعد الخسائر المادية والبشرية الأخيرة التي خلفتها الفيضانات التي سجلت بعدد من ولايات الوطن وعلى رأسها غرداية الى مصالح الري والسلطات المحلية التي لم تتمكن من حماية السكان وتحذيرهم في الوقت المناسب من خطر ارتفاع سيول الأودية، في حين تؤكد مصادرنا من وزارة الموارد المائية أن الإجراءات المتخذة لحماية المدن الكبرى والدراسات التي شرع فيها منذ التسعينات ستسمح بإعداد خريطة طبوغرافية لتحديد مسارات الأودية لدعمها بنظام معلوماتي يتم تجريبه حاليا على مستوى الحوض المائي للحراش بغرض مراقبة نسبة امتلائه قصد تحذير الجهات الوصية في حالة ارتفاع منسوبها. وكان السيد آيت عمارة أحسن مدير التطهير وحماية البيئة بوزارة الموارد المائية قد أكد في تصريح ل " المساء" أن مصالحه شرعت منذ مدة في إعداد عدة دراسات لانجاز الأحواض المائية لتكون جدار صد للسيول الجارفة التي قد تحدث عبر عدد من الأودية مرجعا الفيضانات الأخيرة المسجلة بعدد من ولايات الوطن إلى الاضطرابات الجوية الناتجة عن التغيرات المناخية بالإضافة إلى عدم احترام الإجراءات الوقائية الخاصة بعملية البناء على حواف ومجاري الأودية القديمة". فالمختصون يؤكدون أن الأودية تعود دوما إلى مجاريها القديمة حتى ولو هجرته لأكثر من قرن، كما أن ما حدث بغرداية يعود الى نزوح السكان الى مجري الوادي وليس الوادي الذي ذهب الى السكان "على حد تعبير المسؤول الذي أشار إلى أن وادي ميزاب عرف منذ 1995دراسة لتحديد مسار الوادي وحماية السهل من الفيضانات، حيث سلمت الدراسة لمكتب دراسات سويسري ودامت خمس سنوات قبل أن يتم تجريب نتائج الدراسة في مخبر الدراسات البحرية وأعطت نتائج ايجابية، ليتقرر انجاز ثلاثة حواجز مائية بالأودية الممونة لكل من وادي لبيض، بوبريك وحيمر، وتم فعلا انجاز الحاجز الأول بوادي البيض انتهت الأشغال به شهر سبتمبر الفارط وهوالحاجز الذي سمح ليلة الكارثة بجمع 22 مليون متر مكعب علما أن طاقته تصل إلى 25 مليون متر مكعب. كما شدد وزير القطاع في خرجته التفقدية الأخيرة للولاية على المؤسسات المنجزة للحاجزين الثانيين على ضرورة الإسراع في الانجاز ليتم تسلمهما بعد 12شهرا على أكثر تقدير ليتم بذلك حماية المنطقة بصفة نهائية من الفيضانات، وبالمقابل أشار الوزير إلى أن المسؤولية الملقاة على السلطات المحلية تتمثل في السهر على تطبيق القانون في مجال البناء على مسافات بعيدة عن مجري الوادي. وبالإضافة إلى عمليات التطهير يقول السيد ايت عمارة انه تقرر تعجيل عملية انجاز محطة للتطهير على مستوى الولاية والتي تعد الأولى من نوعها في المنطقة لتطهير المياه الملوثة واستعمالها في النشاط الزراعي وبذلك تكون الوزارة قد أنهت الدراسة العامة للتطهير والتأمين لحماية المنطقة من خطر الفيضانات والتلوث في وقت واحد. 30 مدينة مهددة بفيضانات الأودية وعلى صعيد آخر كشف مدير التطهير وحماية البيئة على مستوى الوزارة عن نتائج دراسة لإعداد مخطط توجيهي لكل الأودية عبر التراب الوطني كلفت خزينة الدولة 50 مليار دج والتي أفضت إلى تحديد 30 مدينة مهددة بخطر الفيضانات، وكانت مدينة سيدي بلعباس نقطة البداية في أشغال التهيئة لحمايتها من فيضان وادي مكسرة، حيث تم إنشاء سد طابية لجمع المياه المتدفقة من الوادي خاصة عند ارتفاع معدلات تساقط الأمطار، ويتوقع أن تتسلم الوزارة هذا الهيكل المائي قبل نهاية السنة الجارية وهوما سيؤمن المدينة والمناطق المجاورة، كما أن الاضطرابات الأخيرة يقول السيد آيت عمارة نبهتنا إلى ضرورة الإسراع في أشغال انجاز عدة حواجز مائية وتهيئة مجاري الوديان لحماية المدن المهددة مثل العاصمة، سكيكدة، خنشلة، تنس وتبسة، لذلك دعت الوزارة إلى تخصيص غلاف مالي ثاني ب 50 مليار دج بين 2009 و2010 للانتهاء من مختلف أشغال التهيئة والانتقال إلى المرحلة الثانية من التأمين والمتعلقة بإعداد خريطة طبوغرافية لتحدد مسار مختلف الأودية التي قد تشكل خطرا وذلك بالتنسيق بين الوكالة الوطنية للموارد المائية وخبراء أجانب بالإضافة إلى والوكالة الفضائية الجزائرية التي ستساهم في نقل الصور عبر الأقمار الصناعية لتحديد منابع ومصادر مختلف الأودية. وبخصوص المرحلة الثالثة التي ينتظر أن ترى النور قبل نهاية 2010 فتتعلق بإعداد نظام معلوماتي تحذيري يتم حاليا تجريبه على مستوى حوض الحراش من طرف الوكالة الوطنية للموارد المائية، علما انه تم العمل به سنوات التسعينات على مستوى وادي سيباو بولاية تييزي وزو قبل أن يتم التخلي عن المشروع ثم إعادة بعثه مؤخر، حيث يقوم بتسجيل نسبة التساقط ومراقبة نسبة ارتفاع منسوب الحوض وإرسال المعلومات آنيا للمصالح المختصة. من جهة أخرى صرح المسؤول أن تأمين محيط الأودية لا يمكن أن ينجح دون التركيز على شق التطهير، حيث تسجل الوزارة حاليا اشتغال 77 محطة تطهير وهناك 32 محطة في طور الانجاز وهو ما سيسمح ببلوغ نسبة 600 مليون متر مكعب مطهرة في حدود 2010 ، ويبقى الإشكال المطروح، حسب مدير التطهير وحماية البيئة، يتعلق بالنفايات السائلة الصناعية التي تهدد سلامة محطات التطهير التي أنشئت لتطهير المياه المنزلية المستعملة ولا يمكن لها في أي حال التعامل مع النفايات السامة التي تتخلص منها المناطق الصناعية بشكل غير شرعي من خلال رميها في المحيط وغاليا ما تربط قنوات صرفها بشبكات الصرف الصحي وهو ما كان سببا في توقف عدد من محطات التطهير على غرار محطة براقي التي ينتظر أن يتم توسيع نشاطها مستقبلا.