أجمع المشاركون في الندوة التاريخية التي نظمت بمناسبة الذكرى ال60 لاستشهاد البطل عبان رمضان، أن هذا الأخير عمل بفضل حنكته السياسية وخبرته النّضالية على جمع كل أطياف الحركة الوطنية والتيارات السياسية حول مشروع الثورة المسلحة وبناء مؤسساتها على ضوء قرارات مؤتمر الصومام التاريخي 1956، نافين أن يكون هذا الرجل البطل في يوم من الأيام «خائنا» لإستراتيجية العمل المسلّح، «بل كان مقتنعا كل القناعة بأن ما أخذ بالقوة لا يستعاد إلا بالقوة». وأكد الأكاديمي والباحث في التاريخ الصادق بخوش، في تدخل له خلال هذه الندوة التي انتظمت أمس، بمنتدى جريدة «المجاهد»، في إطار منتدى الذاكرة لجمعية «مشعل الشهيد» تحت عنوان «الشهيد عبان رمضان وبناء مؤسسات الثورة التحريرية في الذكرى ال60 لاستشهاده»، أن الرجل وفق في مساعيه لجمع شمل كافة التيارات السياسية والنضالية المنضوية تحت لواء الحركة الوطنية، بما فيها مختلف شرائح الشعب الجزائري، حول ضرورة تجسيد الكفاح المسلّح ضد الاستعمار الفرنسي بالرغم من الاختلافات الشكلية التي كانت مطروحة بينه وبين بعض الأطراف حول طبيعة الإعداد للثورة. وأوضح بخوش، في هذا الصدد أن الشهيد عبان باعتباره من المسارعين للالتحاق بجيش التحرير الوطني فور اطلاق سراحه من سجن الحراش يوم 18 جانفي 1955، لم يتوان في الاتصال بكافة الفاعلين المشكلين لتيار الحركة الوطنية، بما فيها أحزاب نجم شمال إفريقيا والاتحاد من أجل الانتصار للحريات الديمقراطية وجمعية العلماء المسلمين وحتى الحزب الشيوعي، ولم يستثن أي طرف من معادلة الحشد الجماهيري لثورة التحرير المباركة، منتقدا النظرة السلبية لبعض الجهات والأطراف «التي تعمل على تشويه صورة عبان رمضان وتخوين المسيرة التاريخية لهذا البطل الذي يعود له الفضل في هندسة مؤتمر الصومام، ومن ثمة التأسيس لمختلف المؤسسات والهيئات الإدارية السياسية والعسكرية للثورة التحريرية». وسعى الأكاديمي في مداخلته إلى إزاحة «الضبابية» التي يحاول البعض إلصاقها بشخصية عبان رمضان، بزعم أنه «شخص ديكتاتوري ومستبد ومنفرد بالقرارات الأحادية ويحاول فرض آرائه»، مؤكدا في هذا الصدد بأن الشخصية الحقيقية للشهيد مخالفة تماما لكل هذه الأوصاف، حيث كان يتسم بالرزانة والصرامة وحبّه للتشاور والاستشارة والاستماع لكل الأطراف، بدليل أنه كان حريصا خلال اجتماعاته مع قادة الثورة ومسؤولي والولايات والنواحي على تكريس ثقافة الحوار والنقاش». بدوره دعا الرائد لخضر بورقعة، مسؤول ناحية بالولاية التاريخية الرابعة، إلى ضرورة إنصاف الكتاب والمؤرخين لشخصية عبان رمضان وعدم الانسياق وراء بعض التصريحات والشهادات التي تحاول طمس وتشويه إسهاماته خلال ثورة التحرير المجيدة، وقال في هذا الصدد إن الرجل حتى ولو كانت هناك أخطاء قد ارتكبها «فلا أحد معصوم من الخطأ»، مؤكدا بأن الشهيد عبان رمضان، بقي وفيا لقناعاته وأفكاره لا سيما المتعلقة بضرورة إشراك الجميع في الثورة، الأمر الذي كلّفه حياته فيما بعد على حد تعبيره. من جهته أوضح المجاهد طاهر قايد، أحد مرافقي ومساعدي الشهيد عبان رمضان في شهادته حول الرجل أن هذا الأخير «كان يتسم بعدة صفات جعلته يحتل مكانة هامة من بين مسؤولي قيادة الثورة، باعتباره يمتلك بعد النّظر والنّظرة الاستشرافية»، مضيفا بأن «تحرير الوطن من الاحتلال الفرنسي كان هاجسه الوحيد، بدليل أنه كان يهمل الاهتمام بلباسه ومأكله ويركز فقط على العمل الثوري». واستطرد رفيق الشهيد يقول «عندما التقيته لأول مرة في أفريل 1955، رفقة كل من عمارة رشيد ولمين خان ومحمد يزيد وغيرهم من الأبطال، لمست فيه الوقار والرزانة والحرص على مبدأ عدم إقصاء أي طرف مهما كان في التشاور وإبداء الرأي..». للإشارة تم في ختام المنتدى تكريم عائلة الشهيد عبان رمضان التي أبت إلا أن تحضر هذه الندوة وذلك عرفانا لما قدمه الرجل من مساهمات وتضحيات خلال الثورة التحريرية الغرّاء. ❊م.أجاوت