دعا المدير العام للأمن الوطني اللواء عبد الغني هامل، أمس، إلى ضرورة إشراك كافة الفاعلين من هيئات إدارية وقضائية والشركاء الاجتماعين في بلورة رؤى وأفكار تهدف للحد من ظاهرة الاتجار بالأشخاص التي أخذت أبعادا متنامية في الآونة الأخيرة لاسيما في منطقة الساحل، في ظل تدهور المستويات المعيشية والأوضاع الأمنية بالمنطقة، مبرزا جهود رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، في الاهتمام بتعزيز المنظومة القانونية والتشريعية في مواجهة هذا الظاهرة، لاسيما فيما يتعلق بحماية حقوق الإنسان وصون كرامته. وفي كلمة قرأها نيابة عنه مدير الشرطة القضائية بالمديرية، مراقب الشرطة علي فراغ، في افتتاح أشغال اليوم الدراسي التحسيسي حول الاتجار بالأشخاص بالمعهد الوطني للشرطة الجنائية بالسحاولة، بحضور إطارات وضباط من المديرية العامة للأمن الوطني ورؤساء هيئات وطنية وحقوقية وممثلي الحركة الجمعوية شدد اللواء هامل، على ضرورة توحيد الجهود الجماعية لمواجهة الخطر المتنامي لظاهرة الاتجار بالأشخاص «التي أضحت اليوم تشكل إحدى أهم الرهانات الكبرى المهددة لأمن وسلامة الدول والحدود»، مبرزا أهمية إشراك كافة الأطراف الفاعلة في هذه المعادلة، وحثّهم على التبليغ وفضح السياسات والمخططات الرامية إلى ممارسة هذه الجريمة العابرة للأوطان، والتي تمهد بدورها لتجسيد أعمال إجرامية أخرى على غرار تجارة المخدرات والأسلحة والتهريب وتشكيل الجماعات الإرهابية وغيرها. وأوضح المدير العام للأمن الوطني، أن الهدف من تنظيم اليوم الدراسي هو الالتقاء بالخبراء والمختصين وأهل الاختصاص لتشريح هذه الظاهرة، وتسليط الضوء أكثر على أسبابها ودوافعها، واعتبر المناسبة مبادرة تندرج ضمن المساعي العديدة والمتنوعة للمديرية العامة للأمن الوطني في إطار التحسيس والتوعية بخطورة هذه الآفة على المجتمع والبلد ككل، مؤكدا بالمناسبة بأن المديرية وكافة إطاراتها وأعوانها تبقى وفية للالتزام بمساعي اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص التي تعد عضوا فيها إلى جانب التزامها الكبير بجهود رئيس الجمهورية، في مراجعة النصوص القانونية والتنظيمية والتشريعية لترقية منظومة حقوق الإنسان وحماية حقوق النساء والأطفال بموجب دستور 2016. في سياق متصل أبرز اللواء هامل، القرارات الصادرة عن مبادرة الجمعية ال05 للبيان الدولي لندوة «كيغالي» المنظمة بالجزائر العاصمة يومي 7 و8 مارس 2016، حول دور أجهزة الأمن في الحد من العنف الممارس على الأحداث والمرأة، إلى جانب مواصلة تعزيز التعاون ضمن منظمة «أفريبول» بهدف مكافحة الجريمة بالمنطقة الإفريقية، داعيا في آخر كملته المشاركين للخروج بتوصيات لتبنّي قرارات وسياسات فعّالة للحد من هذه الجريمة الخطيرة. بدورها استعرضت رئيسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان فافا سي لخضر بن زروقي، في تدخل لها مساعي ومبادرات مجلسها في إطار مكافحة ظاهرة الاتجار بالأشخاص منذ تنصيبها بعد التعديل الدستوري الأخير، وتأسيس اللجنة الوطنية لمكافحة الظاهرة في أفريل 2017، ضمن مراجعة جوهر المواد الضامنة للحقوق والحريات، مبرزة النية الحسنة للأمم المتحدة لتصنيف الجزائر ضمن تقريرها السنوي في المرتبة الثانية في إطار احترام حقوق الإنسان، بعدما صنّفت العام الماضي في المركز الثالث، وأكدت في هذا الصدد مواصلة الاجتهاد إلى غاية الوصول إلى المرتبة الأولى بحكم القفزة النوعية التي قطعتها الجزائر في هذا المجال الحسّاس. وتطرقت السيدة بن زروقي، إلى مختلف البروتوكولات والاتفاقيات الدولية ذات الصلة بحماية حقوق الإنسان التي انخرطت فيها الجزائر كعضو فعّال، على غرار اتفاقية الأممالمتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية «باليرمو 2000» التي تم على إثرها منذ سنة 2013 إقرار 30 جويلية من كل عام يوما عالميا لمكافحة الاتجار بالبشر وكل ما له صلة بذلك كالعمل القسري والبغاء.. ومن جهته أكد رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص مراد عجابي، أن مواجهة هذه الظاهرة لا يمكن أن تكون بشكل فردي ومنعزل وإنما عن طريق توحيد جهود جميع الفاعلين في إطار خطة عمل موحدة تستهدف الأسباب والدوافع الكامنة وراء ذلك. واستعرضت رئيسة الهلال الأحمر الجزائري سعيدة بن حبيلس، خلال اللقاء تجربة هيئتها الإنسانية في التكفّل بالرعايا الأفارقة والسوريين والمشردين على حد سواء، مؤكدة أن مؤسسة الهلال الأحمر لها من الرصيد الخيري التضامني ما يجعلها الفاعل الرئيسي «إن لم يكن الوحيد» الذي ينخرط بقوة في تجسيد سياسة الحكومة الرامية إلى التكفّل بالفئات الهشة والمعوزة والمشردة، إلى جانب التعاطف والتضامن مع المهاجرين الأفارقة والعرب الوافدين إلى الجزائر. بدورها أكدت رئيسة فرقة حماية الطفولة بمديرية الشرطة القضائية بالمديرية العام للأمن الوطني العميد أول للشرطة خيرة مسعودان، أن هذا اليوم الدراسي يتيح الفرصة للمشاركين، للخروج بمقترحات وتصورات عملية من شأنها مناقشة حلول كفيلة بالحد من ظاهرة الاتجار بالأشخاص، وبشكل خاص استغلال الأطفال والأحداث باعتبار أن هذه الفئة إلى جانب فئة النساء هي الأكثر استهدافا بآفات العنف والاختطاف والاغتصاب، ما يستدعي حسبها تبنّي استراتيجية شاملة للتحسيس على مستوى القطر الوطني، تشارك فيها جميع أطياف المجتمع المدني لحماية هاتين الشريحتين الحساستين. وعرفت الفترة المسائية لليوم الدراسي، تنظيم 3 أفواج عمل لتشريح ظاهرة الاتجار بالبشر من خلال 3 محاور رئيسية، تتعلق بتحديد ماهية ظاهرة الاتجار بالأشخاص بالجزائر وتحديات التكفل بها، إلى جانب إبراز جهود المديرية العامة للأمن الوطني في مجال الوقاية ومكافحة الظاهرة، وتحديد دور الأمن الوطني والمجتمع المدني والإعلام في التحسيس والوقاية من هذه الآفة الخطيرة. ❊م.أجاوت