أكد سفير الولاياتالمتحدةالأمريكية جون ب-ديروشر، أمس، أن الجزائر أثبتت ريادتها في المنطقة بفضل جهودها في مكافحة الإرهاب والتطرف وحل النزاعات الإقليمية عبر دبلوماسية متوازنة ترتكز على الحوار و الوساطة للم شمل الفرقاء، كما أشاد بالتطور الذي يشهده التعاون الثنائي في ظل اعتماد الجزائر نموذج اقتصادي متنوع من شأنه استقطاب المستثمرين الأمريكيين الذين يتطلعون لتوسيع نشاطاتهم في مجالات أخرى بعيدا عن قطاع المحروقات. في محاضرة ألقاها بالمعهد الدبلوماسي لوزارة الشؤون الخارجية بمناسبة مرور 55 سنة من العلاقات بين البلدين، تحدث الدبلوماسي الأمريكي الذي تسلم مهامه بالجزائر منذ أشهر فقط، عن أولويات عمله و التي لخصها في نقطتين، الأولى تتمثل في تعزيز التعاون في مجال مكافحة الإرهاب و تكريس الاستقرار في المنطقة و الثانية في توسيع مجالات الشراكة الاقتصادية. كما أشار المتحدث أمام طلبة المعهد الدبلوماسي والمدرسة العليا للعلوم السياسية إلى أن نشاطه سيشمل أيضا تعزيز الروابط الإنسانية بين الشعبين عبر تشجيع الحوار بتعزيز دور المجتمع المدني والديمقراطية بما يعود بالنفع على البلدين. وأعرب ديروشر، عن تفاؤله للمنحى الذي ستشهده العلاقات الثنائية، مستشهدا في هذا الصدد بسلسلة اللقاءات التي جمعت الجانبين على أعلى مستوى خلال السنوات الأخيرة والتي ارتكزت على التباحث حول قضايا الإرهاب والأمن في شمال إفريقيا، مضيفا أن حكومتي البلدين عقدتا بالتناوب دورات للحوار الاستراتيجي و العسكري. كما أكد السفير الأمريكي أن حكومة بلاده تدعم جهود الجزائر في تنويع اقتصادها، مشيرا إلى أن كتابة الخزينة الأمريكية أوفدت العام الماضي، مستشارين تقنيين للجزائر لتقديم خبراتهم حول تسيير الديون في المؤسسات المحلية، مضيفا أن السفارة بالجزائر لم تبخل بدورها في تقديم الدعم لتعزيز تواجد المؤسسات التجارية الأمريكية. ولأن الجزائر تبقى من بين الدول الأكثر إنتاجا للمحروقات فضلا عن أنها الممون الرئيسي لأوروبا والشرق الأوسط، فقد أكد السفير الأمريكي أنه يشجع مؤسسات بلاده لإقامة علاقات شراكة قوية مع الشركات الجزائرية في هذا المجال، غير أنه لا بد كما قال من استغلال فرص الشراكة الأخرى خارج المحروقات و التي تفتح حتما آفاقا واعدة. في هذا الإطار أشار الدبلوماسي الأمريكي إلى أن الجزائر تتوفر على فرص جذابة لجذب المستثمرين الأجانب بعد قرارها بإقامة اقتصاد متنوع و ترقية القطاع الخاص، مضيفا أنها باشرت العام الماضي، في اعتماد نموذج اقتصادي جديد لتطوير وتنويع صناعاتها المحلية، علاوة على إعادة تقييم برامج الدعم المالي والبحث عن صيغ جديدة في هذا المجال. وفي سياق إبراز إرادة السلطات الجزائرية لتعزيز المسار السياسي في البلاد أكد ديروشر، أن تبنّي سلسلة الإصلاحات الدستورية و ضمان إجراءات حرية ممارسة الشعائر الدينية من شأنها أن تعزز النسيج الاجتماعي و يكرس الاستقرار الذي تسعى الجزائر لتحقيقه في ظل التحديات التي تعيشها المنطقة. وعلى المستوى الإقليمي حيا الدبلوماسي الأمريكي الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل حل الأزمات عبر الحوار كما هو الشأن للازمة الليبية، مشيرا إلى أن دبلوماسيتها اتسمت بالحكمة والاتزان من خلال تمسكها بالحل السياسي، وأكد أن الولاياتالمتحدة تدعم رؤيتها في هذا الاتجاه قائلا في هذا الصدد: "من المهم أن نستمع لرأيها (الجزائر) في سبيل تحقيق التوافق بين مختلف الأطراف ". في رده على سؤال لطالب صحراوي بالمعهد الدبلوماسي حول موقف الولاياتالمتحدة من قضية الصحراء الغربية، أكد ديروشر، أن هذا الملف يحظى بالكثير من الاهتمام لدى واشنطن التي تدعم بقوة جهود منظمة الأممالمتحدة، من خلال مبعوثها لإيجاد حل نهائي يضمن استقرار المنطقة. وحول سؤال يتعلق بالتقارير التي تعدها كتابة الدولة الأمريكية حول حقوق الإنسان ومدى احترام الأديان التي عادة ما تثير سخط العديد من الدول كونها غير مطابقة للحقيقة بنظرها قال الدبلوماسي الأمريكي إن إعداد هذه التقارير يتم بموضوعية ووفق المعطيات التي يتم استقاؤها من تقارير لمنظمات المجتمع الدولي والجمعيات غير الحكومية الناشطة. من جهة أخرى أوضح السفير الأمريكي أنه يصبو خلال مهمته بالجزائر لتعزيز روابطه مع المجتمع الجزائري و الغوص في ثقافته من خلال متابعة الأحداث واكتشاف عمق البلد وثرائها التاريخي، مضيفا أن الجميع لاحظ محادثاته المقتضبة مع المواطنين عبر شبكات التواصل الاجتماعي بكلمات باللغة العربية و الأمازيغية. وكان السفير قد عرج في بداية محاضرته على المسار التاريخي العريق للعلاقات الثنائية، مضيفا أن المعلومات التي استقاها حول الجزائر من كتب التاريخ أبرزت عمق روابط الصداقة التي جمعت البلدين، و يكفي كما قال أن الجزائر كانت من أولى الدول التي اعترفت باستقلال الولاياتالمتحدةالأمريكية، في حين أن واشنطن كانت قد دعمت استقلال الجزائر واستقبلت العديد من المسؤولين بالبيت الأبيض مباشرة بعد نيل حريتها، كما أكد ديروشر، أن الحكومة والشعب الأمريكيين مازالا ممتنّين لفضل الجزائر في تحرير الرهائن الأمريكيين سنة 1981 بطهران عبر وساطة قادتها باقتدار.