وجه هورست كوهلر، المبعوث الخاص للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، دعوة للمغرب وجبهة البوليزاريو لإجراء أول محادثات بينهما بالعاصمة الألمانية برلين على أمل إعادة بعث المفاوضات المتوقفة بينهما منذ سنوات. وينتظر أن يعقد كوهلر، ضمن الديناميكية الجديدة لإعادة بعث هذه المفاوضات تنظيم جلسات حوار خلال هذا الشهر وشهر فيفري القادم بين طرفي النزاع واستشارة دول الجوار مثل الجزائر وموريتانيا. وقال ناطق باسم منظمة الأممالمتحدة إن هذه المشاورات ستتم شهري جانفي وفيفري ولكنه لم يحدد تاريخا لإجرائها. وأضاف بيان أممي أن المبعوث الأممي وجه دعوة إلى وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة والأمين العام لجبهة البوليزاريو الرئيس إبراهيم غالي، بالإضافة إلى وزيري خارجية الجزائر وموريتانيا بصفتهما ملاحظين بحكم الجوار مع طرفي النزاع في الصحراء الغربية، جبهة البوليزاريو والمغرب. يذكر أن الرئيس الألماني الأسبق الذي تم تعيينه شهر أوت الماضي لخلافة سابقه الأمريكي كريستوفر روس، تعهد لدى استلامه مهامه شهر سبتمبر الماضي بإعادة بعث مسار المفاوضات لإنهاء أحد أقدم النزاعات في إفريقيا وتسوية آخر قضية تصفية استعمار فيها. وقام كوهلر بأول جولة شملت عواصم دول المنطقة ومخيمات اللاجئين الصحراويين شهر أكتوبر الماضي وغادرها من دون أن يدلي بأي تصريحات بخصوص نتائج جولته ربما من أجل عدم فتح المجال أمام مختلف وسائل الإعلام للتعليق وربما التشويش على مهمته. يذكر أن المفاوضات المباشرة بين المغرب وجبهة البوليزاريو توقفت شهر مارس سنة 2012 بمدينة منهاست الأمريكية بعد أن رفض المغرب التفاوض حول خيارات التسوية الأخرى المطروحة على طاولة المفاوضات وأراد حصرها في فكرة «الحكم الذاتي» التي سعى إلى فرضها بشتى الوسائل على الأممالمتحدة والشعب الصحراوي بدعوى أنها الحل الأمثل لنزاع دخل عقده الخامس. وهو الشرط التعجيزي الذي أدى في كل مرة إلى فشل مساعي الأممالمتحدة وأرغمت كريستوفر روس على تقديم استقالته وبقي معها النزاع في نقطة الصفر. ورغم مواقف التعنت المغربية، إلا أن جبهة البوليزاريو قدمت تنازلات جوهرية من أجل إنجاح مهام المبعوثين الأمميين إلى درجة أنها قبلت حتى بفكرة الانضمام إلى المغرب ولكن شريطة تنظيم استفتاء لتقرير مصير الشعب الصحراوي وفق اللوائح الأممية وقرارات مجلس الأمن الدولي. وشكل الموقف المغربي هوة تعجيزية يتعين على هورست كوهلر، رأبها إذا كان فعلا يريد حلحلة مسار التسوية المتوقف بسبب العقبات التي وضعتها الرباط في طريق من سبقوه في هذه المهمة وجعلتهم في النهاية ينسحبون بعد أن اقتنعوا أن المغرب يتعمد إجهاض مساعيهم ربحا للوقت وخدمة لمخططاته في اللعب على عامل الوقت لنهب الخيرات الصحراوية. وقد أعانه في ذلك بعض أعضاء مجلس الأمن الدولي، وعلى رأسهم فرنسا التي كثيرا ما حالت مواقفها دون إنهاء الاستعمار في الصحراء الغربية في تعارض مع التزاماتها وحتى مواقفها المؤيدة ظاهريا لمضامين اللوائح الأممية ولكنها لا تجد حرجا في الدوس عليها متى تعلق الأمر بمصالحها الاقتصادية الكبيرة في المغرب. وهي مفارقة تتعزز أكثر عندما نعلم بمنطق وقرار محكمة العدل الأوروبية التي اعتبرت الصحراء الغربية إقليما محتلا في حكمها الصادر نهاية ديسمبر 2015 وأيّده المحامي العام لأعلى هيئة قضائيا في الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر أن اتفاق الصيد بين الرباط وبروكسل غير قانوني لأنه شمل المياه الإقليمية الصحراوية.