قدّم هورست كوهلر المبعوث الشخصي للأمين العام الأممي إلى الصحراء الغربية، تقريره أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، ضمّنه خلاصة المحادثات التي أجراها خلال جولته الأخيرة إلى المنطقة المغاربية مع طرفي النزاع الصحراوي، المغرب وجبهة البوليزاريو ودول الجوار الجزائر وموريتانيا. ورافقت كيم بلودوك، الرئيسة السابقة لبعثة الأممالمتحدة لتنظيم استفتاء تقرير المصير في الصحراء الغربية «مينورسو»، المبعوث الأممي خلال جلسة تقديمه أول تقرير له منذ توليه هذه المهمة بداية شهر سبتمبر الماضي. وهو ما جعل مضمون تقريره محل ترقب، خاصة في ظل المواقف المغربية التي جدد الملك محمد السادس التأكيد عليها بمناسبة الذكرى الثانية والأربعين لاحتلال الصحراء الغربية في الثالث نوفمبر 1975؛ بقناعة أن تسوية النزاع في الصحراء الغربية لا يمكن أن تكون سوى وفق المنظور المغربي القائم على تسويق فكرة الحكم الذاتي بدون سواه من خيارات التسوية الأخرى. وقد اختار الملك محمد السدس نهاية جولة كوهلر ليعلن على هذا الموقف الشاذ، الذي أكد من خلاله رفضه مسعى الأمين العام الأممي ومبعوثه الشخصي؛ الأمر الذي حتّم على الأممالمتحدة إصدار بيان، أكدت من خلاله دعمها للمبعوث الشخصي للأمين العام الأممي الذي سيواصل مهمة الوساطة المكلف بها، طبقا للعهدة التي منحها إياه مجلس الأمن. وبمجرد معرفة مضمون هذا التقرير يمكن الحكم على مدى تمسّك الأممالمتحدة بمضمون اللوائح، التي أكدت جميعها على تقرير مصير الشعب الصحراوي، من بينها التأكد من مدى جدية هورست كوهلر ورفض الخضوع لمحاولات المغرب التأثير عليه وهو في بداية مشوار مهمته. وإذا سلّمنا بتصريحات الأمين العام الأممي أنطونيو غوتيريس شهر أفريل الماضي بأنه يريد أن يعطي ديناميكية جديدة لمسار تصفية الاستعمار في الصحراء الغربية، فإن تقرير مبعوثه الشخصي سيكون بمثابة «بارومتر» قياس سرعة تنفيذ هذه الديناميكية وصمودها في وجه المواقف المغربية الرافضة لكل خيار يشير إلى تقرير مصير الشعب الصحراوي وفي مواجه المواقف الفرنسية، التي تتعمد في كل مرة إفشال المجهودات الأممية، ومنع تجسيدها رغم مصادقتها عليها؛ في تناقض غير مفهوم سوى لأن الحكومات الفرنسية تغلب مصالحها في المغرب على حساب مبادئها. وهو ما جعل جبهة البوليزاريو تحرص على أن لا يقع للمبعوث الأممي الجديد هورست كوهلر نفس ما وقع للمبعوثين الأمميين الذين سبقوه في هذه المهمة. وطالبت أمس مجلس الأمن ب «تقديم المساهمة الضرورية» لإعادة بعث مسار السلم في الصحراء الغربية. وأكدت جبهة بوليزاريو في بيان عقب اللقاء الذي جمع ممثلها في الأممالمتحدة أحمد بوخاري بالرئيس الألماني الأسبق، أنها «تنتظر أن يقوم مجلس الأمن بتحمل مسؤولياته إزاء الشعب في الصحراء الغربية، وضمان الاحترام التام لحقه الثابت في تقرير المصير والاستقلال». وأضافت أن «من واجب مجلس الأمن ضمان احترام قراراته وتنفيذها» بمقتضى مضمون اللائحة الأممية 2351 المصادق عليه نهاية شهر أفريل الماضي، التي طالبت المبعوث الخاص بإعداد حصيلة خلال الأشهر الست الموالية لتعيينه حول التقدم المحقق؛ بغية إيجاد حل عادل ومستديم للنزاع في الصحراء الغربية، التي تُعد مسألة تصفية استعمار». وقال بوخاري إنه «من المنتظر أن يستأنف مسار السلم مع المبعوث الخاص الجديد، وتوضيح عهدة مجلس الأمن مع أخذ بعين الاعتبار، احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، الذي يجب أن يكون التوجه الرئيس لكل جهود أممية ذات مصداقية ترمي إلى ضمان حل دائم وعادل للنزاع في الصحراء الغربية؛ آخر مستعمرة في إفريقيا».