ما تعلمناه من آبائنا الكرام، أن من يرأف لحال طفل صغير ويتقرب إليه بمكرمة أو كلمة حانية أو يمسح على رأسه مسحة أبوة او أخوة صادقة فكأنما تقرب من نبي. فأشد ما يفرح الانبياء والمرسلين معاملة البراءة بالحسنى وعندما يكبر الصغير منا يصبح شابا ثم ما يلبث أن يكون رجلا فكهلا فشيخا، وعندما يبلغ من الكبر عتيا ويتجاوز سنه ال80 أو كما قال العلاّمة عبد المجيد حبة رحمة الله عليه: "والثمانون قد بلغتها ** أحوجت سمعي الى ترجمان" وهو المقطع للقصيدة التي تعطي بالتصوير الدقيق والوصف الكامل للشيخ الذي لا يتحكم في كل شيء كالصغير او قل الفطيم أو الذي يحبو.
ضيف "المساء" أعطاه الله من زاد العلم والصبر ما شاء الله، إنه الشاعر الشيخ علي معريش صاحب ال77 سنة، لايزال يتقد شبابا وبحلم الأتقياء والرجال الخلص يحدثك بعفوية الأب الصالح والوالد الناصح، قد يعتقده البعض قلّ عطاؤه والحقيقة عكس ذلك. وجدناه في "القاعة البهو" التي تجمع شتات من فرقتهم الأمكنة مولدا وجمعتهم الأزمنة شعرا ونثرا وقصة وخاطرة، التقى الجد بالحفيد، والبطال بالعلامة والاستاذ.. لا يهمهم البروتوكول بقدر ما يفرحهم كلام من قبيل أحسنت بارك الله فيك.. واصل شعرا أو قل نظما. الشيخ علي معريش معريش يعود نسبه الى عرش أولاد عباس من بلدية المنصورة ولاية برج بوعريريج، جاء بقصيدتين من بين ما انتجته قريحته بعنوان "مبروك علينا الحرية" "صالح خوك تعيش هاني مكرم"، يقول الشيخ الشاعر أنه امتهن مهنة التعليم لمدة 30 سنة، وزاول التعليم الابتدائي الرسمي من 1963 إلى 1991 حيث تحصل على التقاعد. سألته هل له مؤلفات ؟ فأجابني: "لدي ديوان في الشعر الملحون غير مطبوع، ومخطوطات وخطب منبرية (خطب الجمعة)". وفي حديث عن المشاركات والجوائز التي تلقاها أبدى في كلامه سرورا وحبورا، وكأنها دعوة لإعادة أيام زمان، أيام الشعر الملحون، وعنها يقول: "شاركت في عكاظيات الشعر الملحون في أولاد جلال (بسكرة) عام 1984، وببلدية الشعيبة 1985، وكانتا في منتهى الروعة..". الشاعر الشيخ يسهب في الحديث عن تطوعه في الإمامة لمدة 14 سنة، وليومنا هذا بمساجد العاصمة الثلاث ويذكرها بالاسم "الجامع الكبير المالكي بالعاصمة"، "جامع كتشاوة"، "جامع القصبة سيدي عبد الله"، وبعض المساجد عرفته كإمام وخطيب بولاية البليدة، كمسجد الإصلاح بالأربعاء، ومسجد "البواعن" بنفس البلدية. كما لم يتوقف نشاطه فرواد مسجد سيدي يوسف بالاربعاء وغيره يعرفونه بعمله الاصلاحي الديني المسجدي المتواصل حتى الساعة. رأيت من الواجب أن أحمله في هذا المقام الزكي الذي جمعنا فيه الطاهر وطار قول كلمة طيبة والبداية حول مسعى رئيس الجمهورية الذي يلتقي معه في عنوان "صالح خوك أتعيش هاني مكرم" فقال: "مسعى رئيس الجمهورية في مجال إصلاح حال البلاد والعباد ورفع شأن الجزائر محليا ودوليا مسعى يؤجر عليه في الدنيا والآخرة، أعانه الله على إعلاء مهامه في مجال الحرص على حدود الوطن، وحماية مقومات هذا الشعب الإسلامي من دين ولغة وأخلاق. عندما تذكر الشيخ رئيس الجمهورية المجاهد عبد العزيز بوتفليقة عاوده الحنين الى تلك الأيام التي يعتز بها البعيد فما بالك بالصديق خاصة إذا كان مجاهدا صديقا من مثل الشيخ علي معريش معريش الذي ذكر لنا "شاركت في الثورة وبجسر قسنطينة تحملت مسؤوليتي تحت نظام المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني، كمسؤول بأمر من جيش التحرير الوطني ولي بيان رقمه 48". وعن رسالته التي يوجهها للشباب الجزائري الذي ادلهمت به الخطب، وفي رده على بعض الأقلام التي تروج لمقولة الجهاد والمقاومة توقفت في 1962 يجيب : "ديننا الحنيف يعتبر المسلم مجاهدا دائما بكل ما يملك من قواه، الى ان يلقى ربه، إلا أن للجهاد أنواع، بالسلاح في وقته، وببذل العلم لمستحقه والجهاد بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وكل مسلم معني بالجهاد في مجال اختصاصه مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم لأحد المسلمين: " نت على ثغرة من ثغور المسلمين، فلا نؤتين من قبلك". ألححت عليه وبصدر رحب قبل أن يترك ما قد يعيد الأبناء الى رشدهم ويبعدهم عن غيهم فكتب لي بخط يده الطاهرة. »الشباب بالوطن عدة الحاضر وأمل المستقبل، يقول الحكماء: حياة الامم بشبابها، ويقول الشاعر: "شباب قنع لا خير فيهم : فطوبى للشباب الطامحين، ثم يضيف: · أيها الشباب: إن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصى بالعناية بكم، فقال صلى الله عليه وسلم: "استوصوا بالشباب خيرا فإنهم أرق أفئدة". · يا شباب الجزائر: ارعوا الامانة امانة الدين والعربية، وأمانة أجسادكم وآبائكم الشهداء والمجاهدين المخلصين حافظوا عليها وعلى عهد الشهداء، وأن السعادة ياشباب الجزائر تصنع بكد اليمنى وعرق الجبين وأن الوطن يبنى بسواعد الخلص من أبنائه وهم أنتم جميعا«. وحول ما اعترى اخواننا وابنائنا الشباب يوضح حول الهجرة والحرقة: "وعن الهجرة والحرقة وطلب الفيزة الى بلد الغير مغامرة مرة، مرة، مرة، تسيء إلى الابوين العزيزين أولا، والى العشيرة ثانيا، والى الوطن والعلم الغالي ثالثا وأخيرا.. ومن لم يلتمس العزوالرفاهية بالطرق المشروعة في وطنه هيهات أن يجدها في بلد الغير، كفى من أحلام اليقظة ياشباب الجزائر، يقول العلامة عبد الحميد بن باديس رحمه الله للشباب - كل الشباب: "يانشء أنت رجاؤنا ** وبك الصباح قد اقترب.."