ما انفكت الضغوط تتزايد من يوم لآخر على الانقلابيين في موريتانيا لدفعهم على التنحي الطوعي من السلطة وعودة الشرعية الدستورية قبل فرض عقوبات اقتصادية على شعب هذا البلد الذي سيجد نفسه مضطرا لدفع ثمن مغامرة انقلابية لم يكن طرفا فيها. وفي سياق هذه الضغوط أجرى جون نيغروبونتي الرقم الثاني في وزارة الخارجية الأمريكية أمس اتصالا هاتفيا مع الرئيس الموريتاني المطاح به سيدي ولد الشيخ عبد الله أكد له دعم الإدارة الأمريكية له ورغبتها الملحة في عودته السريعة إلى السلطة في نواقشوط. وذكرت كتابة الخارجية الأمريكية أن نيغروبونتي اتصل هاتفيا بالرئيس المطاح به وطمأنه على دعم الولاياتالمتحدة له بهدف إسراع عودته إلى السلطة وعودة موريتانيا إلى الحياة الدستورية التي سادت إلى غاية السادس أوت الماضي تاريخ الانقلاب عليه عسكريا. يذكر أن نيغروبونتي كان مثل الإدارة الأمريكية في مراسيم تنصيب الرئيس الموريتاني ولد سيدي الشيخ عبد الله بعد فوزه بانتخابات الرئاسة الموريتانية قبل خمسة عشر شهرا. وأضافت الخارجية الأمريكية أن الرقم الثاني في كتابة الدولة للشؤون الخارجية حيا مواقف الرئيس عبد الله المدافعة عن مبادئ الديمقراطية رغم بقائه رهن الإقامة الجبرية وأكد له متابعة واشنطن لصيرورة الأوضاع في موريتانيا عن كثب. ويعد ولد سيدي الشيخ عبد الله أول رئيس موريتاني ينتخب بصفة ديمقراطية العام الماضي قبل أن يقوم رئيس هيئة أركان الجيش الموريتاني الجنرال محمد ولد عبد العزيز بالإطاحة به في انقلاب عسكري أبيض في السادس أوت الأخير. ووضع الرئيس عبد الله منذ تاريخ الإطاحة به رهن الإقامة الجبرية في مسقط رأسه بمدينة لمدن وسط البلاد بعد أن كان وضع في إقامة جبرية بالعاصمة نواقشوط إلى غاية الشهر الماضي. وتعد تأكيدات الخارجية الأمريكية بمثابة ضربة قوية للانقلابيين في موريتانيا الذين يسعون لفرض منطقهم العسكري على الرئيس المنتخب من خلال التحضير لمرحلة انتقالية يضبطون أمورهم قبل إجراء انتخابات رئاسية مسبقة وعلى أمل أن يتمكنوا من إقناع المجموعة الدولية بمبرراتهم الانقلابية. ورفض الرئيس عبد الله المسعى وأكد بمناسبة الذكرى الثامنة والأربعين لاستقلال بلاده الجمعة الماضي أنه يرفض كل مسعى سياسي يقصيه كرئيس منتخب في البلاد. وجاء الموقف الأمريكي يومين فقط قبل شروع وفد رباعي أممي إفريقي اتحاد أوروبي عربي المنتظر وصوله السبت القادم إلى العاصمة الموريتانية لبحث آليات جادة لإخراج البلاد من المأزق السياسي الذي آلت إليه. ومنحت هذه الهيئات الدولية والإقليمية مهلة إضافية لأعضاء المجلس العسكري الموريتاني لإنهاء الوضع الاستثنائي الذي دخلته موريتانيا قبل فرض عقوبات اقتصادية إضافية عليهم في حال لم يتمكنوا من إرجاع السلطة إلى أصحابها. وكان الممثل الخاص للأمين العام الأممي في منطقة دول غرب إفريقيا سعيد جانيت أكد أول أمس أن الرئيس المطاح به يجب أن يتم التعامل معه كرئيس منتخب في إطار عملية البحث عن حل للأزمة السياسية الموريتانية. وهو الموقف الذي جعل الانقلابيين أمام هامش مناورة ما انفك يضيق من حولهم لإقناع المجموعة الدولية بمسعاهم غير الديمقراطي.