خرج العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني عن صمته أمس إزاء تواصل المظاهرات الشعبية التي تعيشها مختلف مدن البلاد منذ أكثر من أسبوع؛ احتجاجا على مشروع قانون لرفع الضريبة لذوي الدخل المحدود ورفع أسعار المواد الغذائية واسعة الاستهلاك. ودعا العاهل الأردني، مساء السبت، إلى حوار وطني شامل وعقلاني. وقال إنه لا يُعقل أن يدفع المواطن الأردني في كل مرة، أعباء الإصلاحات الجبائية؛ في تلميح إلى لجوء الحكومة إلى رفع سعر البنزين خمس مرات متتالية منذ بداية العام الجاري. وشكلت قرارات الحكومة رفع أسعار الوقود والكهرباء وفرض ضرائب على الدخل، فتيلا ألهب الشارع الأردني، الذي رفض لجوء الحكومة إلى الفئات الضعيفة لسد العجز في الميزانية العمومية. وخرج آلاف الأردنيين في مظاهرات شعبية صاخبة شهدتها كبريات مدن البلاد؛ رفضا لمشروع هذا القانون، الذي جاء تنفيذا لإملاءات صندوق النقد الدولي ضمن خطة تعديل هيكلي للاقتصاد الأردني، الذي يعاني من اختلالات في ميزان المدفوعات. ودخلت قوات الأمن الأردنية منذ اندلاع هذه المسيرات، في مواجهات دامية مع المتظاهرين، الذين عبّروا عن رفضهم مثل هذه الإجراءات التقشفية، التي مست جيوب الشرائح الضعيفة في المجتمع الأردني. وتجمّع، سهرة أول أمس، أكثر من ثلاثة آلاف متظاهر أمام مقر الوزير الأول هاني الملقي في قلب العاصمة عمان رغم إجراءات المنع التي أقرتها السلطات الأمنية الأردنية؛ في محاولة لمنع توسع رقعة هذه المسيرات، رافعين شعارات: «الشعب خط أحمر» و«الذي قرر رفع الأسعار يريد إشعال البلاد». وفشلت كل المفاوضات التي تمت بين ممثلي مختلف النقابات والوزير الأول، الذي أكد إعادة مشروع القانون أمام النواب لقراءة ثانية. وقال علي العبوس رئيس إحدى أكبر النقابات الأردنية، إنه جدد التأكيد أمام الوزير الأول، أن المواطن الأردني لم يعد يحتمل مزيدا من المعاناة بسبب ارتفاع الأسعار والضرائب، وأن الدولة لا يجب أن تخضع في كل مرة للإملاءات التي يفرضها عليها صندوق النقد الدولي. وكانت الهيئة المصرفية الدولية منحت الحكومة الأردنية سنة 2016، قرضا بقيمة 723 مليون دولار على مدى السنوات الثلاث القادمة في مقابل التزام الحكومة الأردنية بالقيام بإصلاحات هيكلية وتقليص مديونيتها العمومية بنسبة 77 بالمائة بحلول سنة 2021. ويواجه الاقتصاد الأردني متاعب جمة بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية وبسبب تبعات الأوضاع في منطقة الشرق الأوسط، خاصة انعكاسات الحرب الأهلية المتواصلة في سوريا منذ سنة 2011، التي دفعت بملايين السوريين إلى اللجوء إلى داخل أراضيها، وهو ما زاد في عمق الأزمة التي تواجهها السلطات الأردنية. وحسب أرقام رسمية فإن 18,5 بالمائة من السكان يعانون من البطالة، و20 بالمائة من بينهم يعيشون عند عتبة خط الفقر في ظل انعدام أي مؤشرات إيجابية بإمكانية الخروج من متاهة هذا الانكماش الذي يضرب اقتصاد هذا البلد.