توقيف 31 تاجر وإحباط إدخال 5 قناطير كيف قادمة من المغرب    توافد جمهور شبابي متعطش لمشاهدة نجوم المهرجان    هل الشعر ديوان العرب..؟!    المشروع التمهيدي لقانون المالية 2025- تعويض متضرري التقلبات الجوية    المقاول الذاتي لا يلزمه الحصول على (NIS)    مدى إمكانية إجراء عزل الرئيس الفرنسي من منصبه    الرئيس تبون ينصب اللجنة الوطنية لمراجعة قانوني البلدية والولاية    وزير السياحة وعلى مستوى ساحة البريد المركزي بالعاصمة    الفريق أول شنقريحة يزور المعلم التاريخي "محراب الوطن" بروما في ثاني يوم من زيارته إلى إيطاليا    رداً على "عدم إدانته" لهجوم إيران..الصهاينة يعلنون غوتيريش شخصاً غير مرغوب فيه    يضم خمس نقاط..التوقيع على محضر محادثات بين الجزائر والنيجر في مجال المحروقات    عبر الحدود مع المغرب.. إحباط محاولات إدخال أزيد من 5 قناطير من الكيف المعالج    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب:الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    الجزائر تعلنها من جنيف.."عودة الأمن في الشرق الأوسط مرهونة بإنهاء الاحتلال الصهيوني"    بعد قرار سلطات الاحتلال بوصفه شخص غير مرحب به..الجزائر تعلن تضامنها التام مع الأمين العام للأمم المتحدة    محمد عرقاب : أغلب دول "أوبك+" تحترم مستويات الإنتاج المطلوبة بالكامل    يرأسها دحو ولد قابلية..الرئيس تبون يُنصّب اللجنة الوطنية لمراجعة قانوني البلدية والولاية    متعاملون وفاعلون في قطاع المناولة : ضرورة ترقية آليات من شأنها تعزيز الإدماج الوطني    قافلة طبية لفائدة المناطق النائية بالبليدة    الجزائر تفقد المجاهد والمؤرّخ الزبيري    تحلية مياه البحر: الرئيس المدير العام لسوناطراك يعاين إعادة تشغيل محطة الحامة    تدشين المعهد العالي للسينما بالقليعة    نعكف على مراجعة قانون حماية المسنّين    الحكواتي صديق ماحي يشرع في كتابة سلسلة من الحكايات الشعبية حول أبطال المقاومة والثورة التحريرية    حوادث الطرقات : وفاة 2082 شخصا وإصابة 8821 آخرين خلال 8 أشهر    الطبعة ال12 لمهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: تنافس 11 فيلما طويلا على جائزة "الوهر الذهبي"    متابعة الحالة الصحية ببعض ولايات الجنوب: الحكومة تستمع إلى عرض حول التدابير المتخذة    ألعاب القوى (بيكيارد ايلترا الجزائر): تنظيم سباق دولي إقصائي يوم 19 اكتوبر بمنتزه الصابلات    وفد من البنك الدولي بوزارة الطاقة والمناجم لبحث تعزيز التعاون    افتتاح الطبعة ال3 لصالون التجارة والخدمات الالكترونية بمشاركة 130 عارض    حالات دفتيريا وملاريا ببعض ولايات الجنوب: الفرق الطبية للحماية المدنية تواصل عملية التلقيح    غزة: الأمم المتحدة تحذر من استمرار النزوح ونقص الغذاء الناجم عن القصف المتواصل    الرابطة الأولى: تأخير انطلاق مباراة مولودية وهران-جمعية الشلف إلى الساعة 30ر20    قوجيل: السرد المسؤول لتاريخ الجزائر يشكل "مرجعية للأجيال الحالية والمقبلة"    العدوان الصهيوني على لبنان: 88 شهيدا و 226 مصابا خلال 24 ساعة    قوات الاحتلال الصهيوني تقتحم مخيمي عسكر وبلاطة وعدة مناطق في محافظة بيت لحم    بيتكوفيتش يكشف عن قائمة اللاعبين اليوم    بن جامع يقدم مرافعة قوية ضد ممثل المغرب في الأمم المتحدة    كرة القدم/الرابطة المحترفة الأولى "موبيليس" (الجولة الأولى- تسوية الرزنامة): فوز ثمين لمولودية الجزائر على حساب شبيبة القبائل 2-1    تدشن المعهد الوطني العالي للسينما:الجزائر تمهد للولوج إلى لاقتصاد السينمائي    إسدال الستار على الطبعة ال19 للقاءات السينمائية    كوثر كريكو : نحو مراجعة القانون المتعلق بحماية الأشخاص المسنين وإثراء نصوصه    الدورة التاسعة : الإعلان عن القائمة القصيرة لجائزة محمد ديب للأدب    عين تموشنت.. توقف نشاط محطة تحلية مياه البحر لشاطئ الهلال من أجل أشغال الصيانة    إجراءات وقائية ميدانية مكثفة للحفاظ على الصحة العمومية.. حالات الملاريا المسجلة بتمنراست وافدة من المناطق الحدودية    الجزائر تترأّس لجنتين هامّتين    منتخب الكيك بوكسينغ يتألق    حرب باردة بين برشلونة وأراوخو    توقيع اتفاقية شراكة في مجال التكفل الطبي    زيتوني يستقبل الأمين العام للاتحاد العام للتجار والحرفيين الجزائريين    هذا جديد سلطة حماية المعطيات    اللجنة الطبية التي تم إرسالها تعمل بكل جد وتفان    خطيب المسجد النبوي: احفظوا ألسنتكم وأحسنوا الرفق    مونديال الكيك بوكسينغ : منتخب الجزائر يحرز 17 ميدالية    هذا العلاج الشرعي للوسوسة..    الحياء من رفع اليدين بالدعاء أمام الناس    عقوبة انتشار المعاصي    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"العين"، "الشخص المشؤوم"و"القط الأسود "....
انتشار التطير في المجتمع
نشر في المساء يوم 10 - 12 - 2008

تعرف ظاهرة التطير في المجتمع الجزائري تزايدا في وقتنا هذا بنسبة كبيرة، حيث أصبحت تصرفات الكثير منا مرتبطة بأمور لا معنى لها، بعيدة عن الواقع والمنطق، مما جعل بعض الافراد يعيشون في متاهات وأوهام بعيدة عن الحقيقة، ليدخلوا في دوامة تتراوح بين الخرافة والوسواس والشك، بعيدا عن الأهم، وهو الايمان بالله أولا والقضاء والقدر ثانيا.
ومن المعروف في مجتمعنا، انتشار الاعتقاد بأمور غيبية قد تحولت إلى طقوس، تحولت إلى ثقافة لدى بعض الافراد والجماعات وفرضت نفسها في مجتمع مليء بالمتناقضات، وفي الوقت الذي ينهى فيه ديننا عن التطير ويدعونا الى ترديد دعاء: "اللهم لا طير إلا طيرك، ولا خير إلا خيرك، ولا رب غيرك ولاحول ولا قوة إلا بك"، يوميا لإبعاد الوسواس عن أنفسنا، تجد أن معظمنا يبقى مريضا بهذه الوساوس والشكوك، حتى أصبح البعض لا يقوم بأي تصرف دون أفكار مسبقة.

بين التطير المحلي والمستورد
الامثلة كثيرة على ظاهرة التطير التي أصبحت تلازم معظم الجزائريين، فبعض مظاهر التطير مستوردة من ثقافات أخرى، كالتطير من القط الاسود أو من المرور تحت سلم، أو من رؤية البومة، أو حتى التخوف من الرقم 13، لكن أكثر هذه المعتقدات جزائرية وهي متولدة عن بعض التقاليد وتراثنا الثقافي، ومن بينها "العين" والتي تعد من أكثر الامور التي يخافها الجزائريون، يقول (رشيد.أ) في هذا الخصوص: "صراحة أؤمن كثيرا بالعين فهي حقيقة، وقد كنت عرضة للإصابة بمكروه جرائها" ويضيف، "أحد الاشخاص يقطن في الحي الذي أسكن فيه معروف بعينه السيئة، فإذا نظر في شيء عليك أن تنتظر حدوث الكارثة، لهذا لا أخرج أبدأ من البيت عندما أراه في الحي، وإن اشتريت أي شيء جديد أتجنب إظهاره أمامه، لقد حدث مرة أن لبست معطفا جديدا من علامة عالمية كبيرة، وبمجرد أن قال لي إنه جميل، تمزق على مستوى اليد، بعد أن شدني سلك لم أره".

تقارب الأفراد يؤدي إلى الوساوس
وحسب الاستاذ سمير عيمر، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الجزائر وباحث في قضايا الهجرة، فإن تواجد هذه الشكوك والوساوس إلى جانب التطير، يظهر دائما في التجمعات السكانية: "المجتمعات المعاصرة حاليا، تحذر من تقارب الافراد فيما بينهم، عند الانجليز مثلا - الذين عشت معهم لفترة - المشاكل تكون أكثر عندما يكون هناك تفاعل كبير بين الأفراد، فكل واحد يعرف أسرار الفرد الاخر، ضف الى نوعية المحيط، فهذه الامور تحدث في التجمعات ولا نجدها في احياء تقفل فيها العائلات أبوابها على نفسها وليس لها احتكاك بالجيران الآخرين".
وحتى وإن كانت هذه الظاهرة مستفحلة وملاحظة بشكل كبير في وقتنا الحالي، إلا أنها عرفت منذ القديم مثلما يؤكد عليه الاستاذ باشان، أستاذ في علم النفس في جامعة الجزائر إذ يقول: القضية ليست مقتصرة على هذا العصر فقط كسلوك، هي موجودة منذ القديم أي منذ وجود الانسان، فالدوافع النفسية يجب أن نتفهمها، لكن علينا أن نعرف لماذا تصبح وسواس وسلوكات مسيطرة" ليضيف الاستاذ باشان أن "الاسباب النفسية مرتبطة بالمعززات، فالمعزز هو كل شيء يحصل عليه الانسان، ويؤدي الى احتمال تكرار السلوك في المستقبل، فالفرد لم يولد بهذا السلوك وإنما اكتسبه لأن هذه السلوكات حتى وإن لم يكن لها أي معنى أصبحت مهمة، لأنها اتبعت بالمعززات حتى تصبح مكتسبة".

يوميات عائلات تتأثر بمفاهيم متوارثة
وفي هذا الاطار، يمكن التطرق الى بعض الامثلة، المعروفة والطقوس التي تمارس لدى بعض العائلات، خاصة ما يسمى منها ب"المرابطة" تقول (ليليا. ن) "لازالت بعض الطقوس تمارس في عائلتي، فمثلا لا نقوم بإلباس الصبي ملابس حمراء ولا نعير مقصا أو إبرا للآخرين، وإن قمنا بذلك لابد أن يكون ذلك مقابل دينار رمزي وإلا فإن العلاقة ستنقطع حتما وقد حدث ذلك فعلا في الواقع، إضافة الى هذا لا نقوم بتنظيف الارضية عندما يأتي ضيف الى البيت بمجرد خروجه فنحن ننتظر دائما إلى أن يصل الى بيته".
هذه المعتقدات وأخرى مستفحلة عند الكثيرين، ومن بينها أن يخرج المرء من بيته ويلتقي بشخص لايحبه، فيربط حدوث مكروه له بهذا الشخص كأن يقول "شفتوا الصباح راح النهار"، أو كمايقول البعض" لم اربح على هذا البيت مثلا أو الحي أو الزوجة أو العمل، أو رؤية الغراب أو البومة مثلا" .
الى جانب أمور أخرى، كأن يرتبط حلول العروس بالعائلة بوفاة أحد الاقارب، مثلا تقول إحدى الطالبات في هذا الخصوص "لست من الذين يؤمنون كثيرا بهذه الاشياء، لكن حدثت معي قصة مع إحدى صديقاتي، يقال إنه عندما تهدي ساعة لشخص ما فإن علاقتك معه تنقطع، هذا ما حدث فعلا معي، فقد سبق وأن اهدتني صديقتي ساعة، وبعد ذلك انقعطت علاقتي بها" ولما كان التقارب ما بين الافراد كبيرا في مجتمعنا فإن الاستاذ سمير عيمر، يرجع هذه الوساوس الى الافراط في الاعتقاد بها، مؤكدا أن هذه الامور تبقى مجرد خرافات فقط: "هذه الامور نفسية، فهي مجرد خرافات خاصة إن تعلق الامر بأشياء ثابتة، فلا أجد علاقة بين قتل السحلية مثلا والاصابة بمكروه ما" ليضيف ذات الاستاذ "هذا الوساوس كما قلت تبقى نتيجة الاقتراب، فمثلا صديق لك وان كان حميما، بمجرد حدوث مشكل صغير بينكما تنقطع العلاقة لأن التقارب كبير ومفرط في معظم الوقت".

لأمية رسخت الخرافات
ويرجع الاستاذ باشان، أستاذ علم النفس، الايمان الراسخ بهذه الاشياء إلى مستوى الوعي لدى الفرد، الى جانب استفحال الامية في المجتمع الجزائري: "الامية تجعل الفرد يذهب الى الخرافة ويؤمن بالعناصر، التي تجعله يصدق بالسلوك التواهمي".
وأضاف أن التجارب عند أشخاص كثيرين في مستوى عال تؤكد على استفحال هذه الظواهر" اللاعب بازيل بولي، كان يلعب بلباسه الداخلي، ولم ينزعه لمدة سبع سنوات كاملة لأنه في ظنه كان فأل خير عليه، وهناك فرق ألمانية أيضا لديها طقوس تقوم بها في كل مقابلة لتفوز بها"، ليؤكد الاستاذ بأن "الانسان يعلم أن العلم نسبي، وحتى يصل الى النتيجة التي يريدها فإنه يلجأ الى مثل هذه السلوكات للحصول على نتائج في إطار مرجعيته لتتحول بعدها الى وساويس قهرية".

الأذكار أفضل علاج
وحتى وإن كانت هذه الظاهرة مستفحلة لدى الكثير من العائلات الجزائرية، إلا أن البعض منها لايعيرها أي اهتمام، مفضلا الاخذ بالاسباب ومتوكلا على الله ومؤمنا بالقدر خيره وشره، مثلما تقول (لامية، م) : "أنا لا أؤمن بهذه الامور أبدا، لدي بنت ووالدتي هي التي تؤكد علي دائما أن احفظها من العين، مثلا بوضع قلادة "الخامسة" على ثيابها، صحيح أعرف أن هناك عين حاسدة، لكنني أتوكل على الله، وأقرأ الاذكار".
هذا ما تؤكد عليه (حبيبة. ف) أيضا والتي تقول " صحيح أنه في بعض الاحيان أجد اشياء غير عادية في سلالم العمارة مما يبعث الشك على أنه سحر، لكنني لا أوليه أي اهتمام مادام أنني أتحصن دائما بالاذكار وقراءة القرآن، ما يجعلني في راحة وابتعد عن وساوس الشيطان".
وأمام كل هذا، يبقى التوكل على الله افضل دواء لهذا الداء الذي من شأنه أن يصبح مرضا لدى الذين يجعلونه أمرا لابد منه، "فمن يتوكل على الله فهو حسبه".


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.