جدد الرئيس الامريكي، دونالد ترامب، انتقاداته اللاذعة تجاه حلفائه في حلف "الناتو"، مؤكدا أن بلاده لن تتحمل لوحدها الأعباء المالية لتصريف شؤون أكبر تكتل عسكري في العالم ضمن رسالة قوية بأن إدارته ستعيد النظر في آليات توفير الأموال اللازمة لتسييره. وحرص الرئيس دونالد ترامب على تذكير نظرائه الأوروبيين بموقفه عشية قمة رؤوساء الدول الأعضاء في الحلف الأطلسي المنتظر انطلاق أشغالها يوم غد بالعاصمة البلجيكية وتخصص لرسم مستقبل حلف الناتو من حيث دوره في المنظومة الأمنية العالمية ولكن أيضا ضبط سبل تسييره والأموال التي يتعين على الدول الأعضاء ضخها في ميزانيته للاضطلاع بالمهام الموكلة اليه. ولم يخف الرئيس الأمريكي في تغريدة على موقع تويتر تذمره من تصرف الدول الأعضاء وراح يؤكد أن بلاده "تنفق أكثر من غيرها وهذا أمر غير عادل وغير مقبول"، وأضاف "رغم أن بعض الدول رفعت من قيمة اشتراكاتها منذ أن أصبحت رئيسا للولايات المتحدة إلا أنها مازالت مطالبة بأن تدفع أكثر". وجاءت تأكيدات الرئيس الامريكي أسبوعين منذ أن وجه رسائل رسمية الى تسع دول أعضاء في حلف الناتو حاثا إياها على احترام تعهداتها ورفع نفقاتها العسكرية بنسبة 2 بالمئة من ناتجها الداخلي الخام بحلول سنة 2024. وقال إن ألمانيا لا تدفع سوى 1 بالمائة من ناتجها الخام بينما تدفع الولاياتالمتحدة 4 بالمئة رغم أن الدول الأوروبية أكثر انتفاعا من الحلف مقارنة بالولاياتالمتحدة. وراح الرئيس الامريكي يربط بين الجهد المالي الذي تقدمه بلاده لضمان ديمومة حلف الناتو والخلافات التجارية الحادة بينها وبين الدول الأوروبية التي اتهمها بوضع حواجز جمركية في وجه المنتجات والسلع الأمريكية. وحسب ملاحظين فان مختلف العواصم الأوروبية بدأت تستشعر حدة المواقف التي يمكن أن يبديها الرئيس الامريكي بمجرد افتتاح قمة بروكسل وذهب البعض الى احتمال لجوئه الى شق الصف الأوروبي من خلال اتخاذ مواقف أكثر ليونة تجاه روسيا التي ينتظر أن يلتقي برئيسها فلاديمير بوتين الأسبوع القادم بالعاصمة الايسلندية، هلسنكي. وهو ما جعل مسؤولا أوروبيا يؤكد أن ترامب سيحضر قمة بروكسل وعقله في قمته المقبلة مع الرئيس بوتين. وقد اعترفت وزيرة الجيوش الفرنسية، فلورانس بارلي، خلال اجتماع تحضيري لدول الحلف الأطلسي بأن القمة ستعقد تحت ضغوط كبيرة في إشارة الى المواقف المتقلبة للرئيس الأمريكي تجاه حلفائه السابقين. وهو ما جعل متتبعين يؤكدون أن نجاح أو فشل قمة بروكسل ستكون رهينة المزاج الذي سيكون عليه الرئيس دونالد ترامب وهو شعور ما انفك يجد طريقه في أوساط الدول الأوروبية التي أصبحت تخشى على مستقبل اكبر تحالف عسكري في العالم. ويكون مثل هذا الشعور هو الذي دفع بعدة دول أوروبية وبمبادرة فرنسية ألمانية إلى عقد اجتماع لبحث فكرة إنشاء قوة عسكرية أوروبية موحدة مهمتها التدخل في كل القضايا التي تمس الأمن الأوروبي ضمن تحرك وصف على أنه أول شرخ في علاقات ضفتي الأطلسي التي تكرست طيلة سبعين عاما بسبب الحرب الباردة. وتجذرت هذه القناعة لدى مختلف العواصم الأوروبية المنضوية تحت مظلة حلف الناتو منذ تولي الرئيس الامريكي مقاليد السلطة في واشنطن بداية العام الماضي حيث راح يكرس شعار حملته الانتخابية "أمريكا أولا" الذي أبان من خلالها عن نزعة حمائية حتى ضد حلفاء الأمس ليس فقط في الجوانب الاقتصادية ولكنها تعدتها الى المسائل العسكرية.