قال الباحث في أغنية الشعبي عبد القادر بن دعماش، مساء أول أمس، بمليانة، إن الفنان محبوب سفر باتي (1919-2000) المعروف باسم محبوب باتي، غيّر في الأغنية الجزائرية وجدد فيها بفضل سعة علمه في كل الطبوع الموسيقية الجزائرية والعالمية، وأنه حقق أهم نجاحات الفنانين، ليس في الشعبي فقط، بل تجاوز ألوانا أخرى، سواء في التلحين أو التأليف. وتحدث بن دعماش في ندوة احتضنها مسرح مليانة البلدي محفوظ طواهري، ضمن برنامج ليالي مليانة الأندلسية، عن عبقرية محبوب باتي الفنية، وقال إنه ظهر في 1969 على الساحة الفنية مغيرا في الأغنية الجزائرية بحكم العبقرية التي يملكها، وأكد بن دعماش أن محبوب باتي قال له إنه عارف ب124 طبع موسيقي ويحفظ كل الطبوع الجزائرية وكل الألوان الموسيقية الغربية والشرقية، الأمر الذي جعله لا يعرف سوى النجاح لكل أغنية يؤلفها. وبعد أن قدم العديد من الأغاني الناجحة لعمر الزاهي وبعض الفنانين أيضا، جاء الدور على الهاشمي قروابي، الذي قدم له أغنية (البارح كان في عمري عشرين) التي لم تعرف نجاحا في البداية كما توقع محبوب باتي، لكن في 1971 طلب منظمو حفل ذكرى تأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين من الهاشمي قروابي تقديم الأغنية وبعض تردد، غنى (البارح كان في عمري عشرين) فكان النجاح الأسطوري لهذه الأغنية. محبوب باتي كان عبقريا بامتياز على حد قول بن دعماش، إذ خاض في العديد من الطبوع وألف الكثير من الأغاني لحنا أو كلمات، في طبوع البدوي والقبائلي والسطايفي والشعبي وغيرها وكلها كللت بالنجاح. وأضاف الباحث أن محبوب سفر باتي كان معروفا بتأليف الأغاني انطلاقا من سماعه لكلمة واحدة فقط، وضرب بن دعماش مثالا لما سافر محبوب باتي رفقة زوجته لأداء العمرة، وقالت له مضيفة الطائرة «إملأ ورقة المعلومات»، ومنها استلهم أغنية (الورقة) التي حققت أيضا نجاحا ملفتا، وذكر أن محبوب باتي لديه بصمته الخاصة يمكن أن لمسها من أول وهلة عند سماع أغانيه. وعرّج بن دعماش في حديثه إلى الراحل الهاشمي قروابي، الذي تم تكريمه سهرة أول أمس، في حفل أندلسي بهيج، بمناسبة ذكرى رحيله التي تصادف ال17 جويلية، حضرته أرملته شهرة قروابي، وتناول مشواره الفني بداية من الاستقلال، حيث عرف الهاشمي قروابي شهرة كبيرة مثله مثل بوجمعة العنقيس، وتجلى ذلك في أغنية (الحمد لله ما بقاش الاستعمار في بلدنا) للحاج امحمد العنقى، حيث جمع نجوم الشعبي في هذه الأغنية الخالدة، تم تقديمها في 31 أكتوبر 1962 بقاعة الأطلس بالجزائر العاصمة، ثم سجلت في التلفزيون بطلب من المسؤولين من شدة الإعجاب بها. ومن بين المغنيين المشهورين الذين اختارهم الكاردنال في هذه الأغنية، بن طاهر أحمد وحسن سعيد وبوجمعة العنقيس، إلى جانب محبوب سفر باتي عازفا على الكمان. وفي تلك الفترة، انتهج الهاشمي قروابي نهج أستاذه الحاج مريزق، وبدأ بتسجيل الأغاني التي اشتهر بها الحاج مريزق على غرار (كيفاش حيلتي) و(القهوة واللاتاي) و(يوم الجمعة خرجوا الريام). وتواصلت نجاحات قروابي مع محبوب باتي، وألف له في 1972 (صبايا زوج) و(الشمس الباردة)، (نفسي وأنا مولاها)، (نسبلك يا عمري) و(ألو ألو)، والعديد من الأغاني. وعرف قروابي بشغفه للتراث الموسيقي لسيدي لخضر بن خلوف وبن مسايب وبن تريكي وبن دباح والعديد من الشيوخ الكبار، واستطاع أن ينقل نوع العروبي المتصل بالأغنية الأندلسية إلى طبع الشعبي، وقوة قروابي كانت في الأداء لمختلف الأنواع الموسيقية.