ينتظر أن تفرج سلطات الاحتلال الإسرائيلي اليوم عن، عهد التميمي، الفتاة الثائرة التي تحولت إلى إيقونة للنضال الفلسطيني ضد الاحتلال الإسرائيلي بعد انقضاء مدة اعتقالها التي امتدت على مدى ثمانية أشهر بسبب ضربها لجنود إسرائيليين ومنعهم من اقتحام منزل أسرتها في الضفة الغربية. وأثارت، التميمي بشعرها الغجري وملامح وجهها الأوروبية ونظرتها الحادة، الرأي العام الدولي بعد نشر فيديو لها وهي تصفع جنديا إسرائيليا حاول اقتحام منزل والديها يوم 19 جويلية من العام الماضي بقرية النبي صالح في الضفة الغربية عندما كان يحاول اعتقال أحد أشقائها. وسلطت المحكمة العسكرية الإسرائيلية على عهد التميمي البالغة من العمر 16 سنة يوم 21 مارس الماضي عقوبة سجن بثمانية أشهر بتهمة الاعتداء على جنود إسرائيليين وهو ما أثار ردود فعل دولية استنكرت جميعها حكما جائرا لمحكمة عسكرية لم تجد حرجا في معاقبة شابة مدنية في تعارض صارخ مع كل القوانين والأعراف الدولية. والمفارقة أن نفس المحكمة العسكرية التي سلطت على عهد التميمي عقوبة ثمانية أشهر سجنا نافذا لمجرد صفعها جنديا استباح حرمة منزل والديها لم تجد حرجا في إنزال عقوبة تسعة أشهر سجنا في حق الجندي الإسرائيلي، إيلور عزاريا، الذي أجهز على شاب فلسطيني أصيب بجروح بليغة فاتحا نيران سلاحه الحربي، فقتله ببرودة دم بدلا من أن يسعفه أو على الأقل ينقله إلى المستشفى، كما ينص على ذلك قانون الحروب وأخلاقياته. ولكن الحكم الذي حاولت عدالة الحيف في الكيان المحتل أن تردع من خلاله عهد التميمي كانت له انعكاسات إيجابية على الفتاة التي تحولت إلى رمز للنضال الفلسطيني وزادها ذلك إصرارا على مواصلة نضالها و أعطى شحنة شجاعة إضافية لشباب الانتفاضة الرافض للاستسلام لمخططات قوات الاحتلال الرامية إلى تركيعه، من خلال عمليات اقتحام ومداهمات لحرمة مساكن الفلسطينيين حتى داخل الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية دون الحديث عن الانتهاكات التي يتعرض لها المقدسيون في كل يوم. وعمد فلسطينيون تحسبا لموعد الإفراج عن عهد إلى رسم صورة عملاقة لها على جدار الفصل العنصري الذي أقامته سلطات الاحتلال بين فلسطين التاريخية المحتلة وأراضي الضفة الغربية سبق للفنان الإيطالي جوريت أغوش أن أنجزها اعترافا لها على شجاعتها وتحديها لجبروت الجنود الإسرائيليين. وينتظر أن تعقد التميمي مباشرة بعد إطلاق سراحها هذا اليوم ندوة صحفية ستفضح من خلالها ظروف اعتقالها والمعاملات السيئة التي تعرضت لها على أيدي سجانيها لترسم بذلك صورة عن حقيقة ما يجري وراء جدران زنزانات سجون الاحتلال بعيدا عن أعين المنظمات الحقوقية العالمية التي تصر حكومات الاحتلال على منع دخولها إليها حتى تبقى جرائمها بدون عقاب. والمؤكد أن الندوة الصحفية ستحظى بتغطية إعلامية دولية تماما كما حظيت به محاكمتها قبل ثمانية أشهر والتي حوّلتها من مجرد فتاة رافضة للاحتلال إلى وجه جديد من وجوه المقاومة الفلسطينية التي ستواصل نضالها السلمي ضد كيان تبنى القمع والقهر وكل أساليب القتل والإبادة لضمان بقائه. واعتبرت العديد من المنظمات الحقوقية الدولية أن قضية عهد التميمي ألقت الضوء على ممارسات المحاكم العسكرية الإسرائيلية التي أدانت 99 بالمائة من الفلسطينيين الذين مثلوا أمامها وأنزلت في حقهم عقوبات قاسية ولكنها تتغاضى الطرف عن كل التجاوزات والانتهاكات التي يقترفها جنود الاحتلال والمستوطنون في كل يوم ضد الفلسطينيين وممتلكاتهم. وقال عمر شاكر مدير مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في الكيان المحتل إن "عهد التميمي سيفرج عنها اليوم ولكن مئات الأطفال الفلسطينيين باقون وراء القضبان ولا أحد التفت إلى معاناتهم وظروف اعتقالهم وصغر سنهم وبعدهم عن ذويهم" ضمن مأساة إنسانية يتحمل كل العالم مسوؤلية مباشرة عليها بسبب الصمت المطبق تجاهها.