أكد المراقب الدولي السابق لدى بعثة الاممالمتحدة للسلام بالقرن الإفريقي، أحمد كروش، في حوار مع» المساء»، أن ارتفاع عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر الأبيض المتوسط، في فصل الصيف، يعود لاستقرار الأحوال الجوية وقلة أخطار التي تمثلها هذه الرحلات مقارنة بالمواسم الأخرى من السنة. وقدر نسبة «الحراقة» الجزائريين ضمن قوافل المجازفين، ب0,6 بالمائة فقط من إجمالي عدد المهاجرين غير الشرعيين عبر المتوسط، مؤكدا بالمناسبة بأن الجزائر لن تقييم محتشدات لمنع وصول الأفارقة إلى أوروبا عكس ما تقوم به ليبيا بوصاية ايطالية، وإنما تستمر في خيار ترحيل هؤلاء المهاجرين إلى بلدانهم في إطار اتفاقيات ثنائية، حفاظا على أمنها وإستقرارها المهدد حسبه، بفعل تنامي شبكات الاتجار بالبشر ومختلف أشكال الجريمة المنظمة العابرة للحدود . »المساء»: لاحظنا تزايدا ملحوظا لعدد قوارب الهجرة غير الشرعية في الصيف، من الضفة الجنوبية لبحر الأبيض المتوسط باتجاه أوروبا، وتصلنا أخبار يومية إحباط فرق خفر السواحل لمحاولات عديدة عبر شواطئنا، فما هو سبب ارتفاع «رحلات الموت» هذه ؟ — أحمد كروش: الكل يعرف الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، لظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر البحر، غير أنه لا بد من الإشارة إلى أن ارتفاع معدلاتها يرتبط بالأساس بنشاط عصابات الاتجار بالبشر في فصل الصيف، وكذا تراجع حدة مخاطر الرحلات البحرية «للحراقة» مقارنة بالمواسم الأخرى، لان الأحوال الجوية في فصل الصيف تكون مستقرة. كما أن «الحراقة» يفضلون المغادرة في فصل الصيف، تجنبا لخطر الموت مقارنة بفصل الشتاء، حيث تكلف الاضطرابات الجوية عناصر الشبكة المختصة بالتهريب وسائل أكثر تطورا وعتادا مكلفا، ما يزيد في سعر الرحلة، التي قد لا تكون مضمونة النتائج في النهاية. ❊ ما هي نسبة الحراقة الجزائريين، من تعداد المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط ؟ ❊❊— عدد المهاجرين غير الشرعيين الذين يغادرون الجزائر نحو أوروبا، هو عدد قليل جدا ولا يكاد يحصى، حيث يقدر ب0,6 بالمائة من العدد الإجمالي للمهاجرين الذين يغادرون من سواحل ليبيا والمغرب وتونس، سواء كانوا يحملون جنسيات هذه الدول، أو قادمين من دول إفريقيا وآسيا. وعلى العموم تشكل السواحل الليبية المنطقة، الأكثر تصديرا للمهاجرين غير الشرعيين بحرا بنسبة تفوق 90 بالمائة. ❊ ألا تعتقدون بأن رفض طالبي اللجوء من قبل دول الضفة الشمالية للمتوسط، أصبح يغذي شبكات الاتجار بالبشر أكثر اليوم؟ ❊❊— الدول الأوروبية لا يهمها سوى مصلحتها واستقرارها، رغم كونها هي من تسبب في النزاعات والحروب في دول الضفة الجنوبية، ومنها في ليبيا مثلا. وإلى جانب رفضها استقبال اللاجئين لم تتوان في إطلاق عملية «فرس البحر» لإحباط الهجرة غير الشرعية بحرا من خلال القيام بدوريات لمنع وصول قوارب المهاجرين إلى حدود بلدانها. ❊ هل هناك قانون دولي يجبر دول الضفة الجنوبية على الاستقبال المهاجرين غير الشرعيين في مخيمات أو محتشدات، مع الإشارة إلى أن الجزائر كانت إحدى الخيارات المقترحة لاستقطاب مثل هذه المراكز». ❊❊الحالة الوحيدة التي يمكن أن يستقبل فيها اللاجئون على تراب دولة ما، هي حالة الحروب والنزعات المسجلة، حيث يفر الرعايا بأجسادهم خوفا من الموت. وهذا لا ينطبق على حالة الأفارقة المهاجرين غير الشرعيين المتواجدين بالجزائر. ومن هذا المنطلق فالدول الأوروبية لا تستطيع أن تفرض على دول الضفة الجنوبية ومنها الجزائر، إقامة مراكز استقبال دائمة للمهاجرين غير الشرعيين الأفارقة، وإنما يمكن إقامة تلك المحتشدات في البلدان الأصلية للمرشحين للهجرة غير الشرعية أي في إفريقيا، مع العمل على تنمية تلك المناطق. ومثلما تراعي أوروبا أمنها واستقرارها وترفض استقبال المهاجرين غير الشرعيين، فمن حق الجزائر أيضا العمل بالمثل. ❊ هل سجلتكم كخبير تصرفات أخرى لدول من الاتحاد الأوروبي لردع الهجرة غير الشرعية باتجاه الشمال ؟ ❊❊— نعم هناك تجاوزات، حسبما تناقلته بعض المصادر في ليبيا، تفيد بأن إيطاليا مثلا تقوم بتمويل شبكات إجرامية من أجل الإبقاء على المهاجرين الأفارقة بليبيا، وتعرضهم تلك الشبكات للتعنيف ولا تسمح لهم بمغادرة التراب الليبي بحرا للوصول إلى أوروبا. كما ثبتت بعض التجاوزات من قبل فرنسا أيضا، حيث يتم على مستوى الحدود الايطالية الفرنسية، القيام بعمليات تزوير لوثائق الأطفال الأفارقة، من خلال رفع سنهم، من أجل إعادتهم الى البلد الذي غادروه، وقد قامت بإعادة العديد من القادمين من ايطاليا ولم تسمح لهم بدخول التراب الفرنسي. ❊ هل تتوقعون مزيدا من الرحلات التي تنظمها الجزائر لترحيل المهاجرين غير شرعيين إلى بلدانهم في الأسابيع القادمة؟ ❊❊— نعم الدولة الجزائرية ملتزمة بعملية ترحيل المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين نحو بلدانهم، في إطار الاتفاقيات الثنائية التي أبرمتها مع دول إفريقية معنية بالظاهرة. كما أن الجزائر ليست مجبرة على استقبال هؤلاء المهاجرين لأنهم دخلوا أراضيها بطرق غير شرعية، ولابد من التنويه بحرصها على إشراك الجمعيات والمنظمات غير الحكومية في هذه العمليات، من أجل دحر الأكاذيب التي تحاك ضدها. ولا مناص من الإشارة إلى أن عدد كبير من هؤلاء المهاجرين غير الشرعيين، ينشطون في عصابات إجرامية، بدليل أنهم يستعملون وسائل وتقنيات للوصول الآمن عبر الصحراء ويقطعون مئات الكيلومترات في الصحراء دون أن يتيهوا، ولذلك ينبغي أن نذكر دائما بأن الجزائر تحارب الهجرة غير الشرعية، لأنها ظاهرة مرتبطة بشبكات الاتجار بالبشر ومنظمات الجريمة المنظمة، وكذا التنظيمات الإرهابية «ومن حقنا كجزائريين الحفاظ على أمننا واستقرارنا».