العرض الشرفي لمسرحية «متوالموش» الذي أنتجه المسرح الجهوي للعلمة، أول أمس السبت، كان أشبه بحفل افتتاح مهرجان أو عرض ثقافي هام، بالنظر إلى عدد الحضور الهائل، لاسيما المسرحيين المعروفين والواعدين، اشتملوا من أجل مشاهدة العرض الأول للعمل المسرحي الجديد للمخرج شوقي بوزيد. في ساعة وسبع دقائق، قدم المخرج شوقي بوزيد تجربته الجديدة «متوالموش» في قالب درامي وكوميدي في الوقت عينه، وهذه الثنائية لم تكن الوحيدة الموجودة، بل اشتغل على ثنائيات أخرى، على غرار الشخصيتين «سالم» و»صفية»، واللونين الأحمر والأسود بدلالة رمزية عميقة، إذ يوحي الأسود للموت والألم، والأحمر إلى الغضب والدم، كما تواجدت ثنائية المواقف والمكان. بالعودة إلى قصة المسرحية، فهي تدور حول يوميات شيخ طاعن في السن، متزوّج من شابة في ربيع عمرها قدرها اليتم، فسالم (فاروق رضاونة) النافذ في السلطة حاول عبثا أن يكسب رضا زوجته صفية (أمال دلهوم)، غير أن كل محولاته فاشلة، غير أنها تلين عندما يعطيها المال، وهي تقبله رغم أنه من المال الفاسد، ورغم أنها ضد هذه النفوذ غير الشرعية، وعبرت عن ذلك بصراحة خلال العرض. من الوهلة الأولى للمسرحية، يوحى بموضوع صراع السلطة الفاسدة مع الشعب المقهور، وتجلّت بشكل رمزي سلس، الأمر الذي جعل العمل يضمن عنصر التشويق، غير أنّه بعد أربعين دقيقة، يدخل حوار الشخصيتين في الخطابية والاستغناء عن هذه الرمزية، وقد ظهر ذلك في الحوار الذي جمع الثنائي، لما رفض سالم إعطاء تفاصيل مصير رفيق أخ صفية، وتنفجر بشتم زوجها الفاسد. هذه التوليفة الدرامية التي قدّمها شوقي بوزيد في أحلى طبق غني بالجماليات الركحية، وباستعانة موفقة للممثلين. يدين العرض الفساد المتفشي بأسلوب درامي تارة، وساخر تارة أخرى. اتكأ شوقي بوزيد على ذكائه المسرحي، ليقدم تصوره عن الراهن الذي نعيشه، ويحذر من الخطر الذي ينتظرنا إذا ما استمر الحال على ما هو عليه، وعبر عن السكوت عن تفشي الفساد بلون قاتم، وجعل من الجماليات وسيلة لسب الفساد. أما السينوغرافيا، فقد ساهمت في تسهيل حركة الممثلين الكثيفة، بفضل ديكور خفيف ومفيد لعموم العرض، وبرزت الموسيقى عضوا هاما في تشكيل العرض، خاصة في مشهد مشاهدة التلفزيون، والصراع الذي دار بين سالم وصفية في جهاز التحكم وتغيير القنوات، ثم جعل المخرج كل الجمل التي حملتها هذه القنوات في حوار موسيقي شيق على أنغام لعلاوي. في عادة كل عرض شرفي بمسرح العلمة الجهوي، يقوم الفريق العامل بالمسرحية بتكريم شخصية مسرحية، واتفق فريق شوقي بوزيد على تكريم الممثل مراد قرشوش، ودعوته إلى العودة مجددا للخشبة.