احتفلت الجزائر والصين أمس بالذكرى ال50 لتأسيس العلاقات الديبلوماسية بينهما إذ اعترفت الصين في سبتمبر 1958 بالحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية، وقد أسس البلدان العلاقات الديبلوماسية بينهما في 20 ديسمبر من نفس السنة. ومنذ ذلك الحين تشهد العلاقات بين البلدين تطورا مستمرا حيث تعززت العلاقات الثنائية مدعمة بالروابط التاريخية التي شكلت قاعدة لتعاون ثنائي منتعش وبناء يميزه تبادل لزيارات رفيعة المستوى وتشاور منتظم. ويعود تاريخ العلاقات بين البلدين إلى عهد كانت الجزائر تخوض فيه كفاحها التحرري حيث ساهم هذا الظرف التاريخي في ترسيخ وهيكلة العلاقات بين البلدين عبر الزمن. كما استمرت الجزائر والصين في تقاسم نفس القناعات الخاصة بالسلم والتضامن مما زاد في توطيد علاقاتهما الثنائية في جميع المجالات. وغداة الاستقلال، ومنذ سنة 1963 كانت الجزائر أول بلد سائر في طريق النمو يستقبل فرق طبية صينية على أساس اتفاق تتم مراجعته بشكل منتظم حيث استقبل 3000 طبيب صيني لممارسة مهنتهم على مستوى الهياكل الاستشفائية. وفي إطار هذا الالتزام المشترك دعمت الجزائر بشدة شرعية استعادة جمهورية الصين الشعبية في سنة 1971 مقعدها لدى هيئة الأممالمتحدة وصفتها كعضو دائم بمجلس الأمن. كما جددت الجزائر موقفها بخصوص قضية تايوان وكذا مساندتها للوحدة والسلامة الترابية لجمهورية الصين الشعبية الممثل الوحيد للشعب الصيني. كما ساهم انتظام الاتصالات السياسية والديبلوماسية الرفيعة المستوى لا سيما الزيارتين الرسميتين اللتين أجراهما إلى الصين رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة في أكتوبر 2000 ونوفمبر 2006 وكذا الزيارة التي قام بها نظيره الصيني السيد هو جينتاو في فيفري 2004 في إعطاء دفع حاسم لتطوير علاقات التعاون بين البلدين. وقد كرست الزيارة الثانية التي قام بها رئيس الدولة إلى الصين (نوفمبر 2006) تحسبا لمشاركته في القمة الأولى لمنتدى التعاون الصيني-الإفريقي المستوى المتميز للعلاقات بين البلدين من خلال التوقيع على إعلان حول تعميق علاقات التعاون الاستراتيجي مما ساهم في إدراج العلاقات الجزائرية-الصينية في إطار الثقة والدوام والشمولية وتوازن المصالح. وقد أفضت هذه الزيارة إلى التوقيع على تسعة اتفاقات تخص قطاع النقل (الطيران المدني) والمالية ( إلغاء الازدواج الضريبي) والتعاون الاقتصادي والتقني والتجارة والطاقة والعدالة. وعلى غرار السنوات السابقة تميزت سنة 2008 بالانتظام وتعدد الاتصالات الرسمية التي تخللتها زيارات عديدة رفيعة المستوى بين مسؤولي البلدين في مختلف المجالات. وخلال نفس هذه السنة حضر رئيس الجمهورية حفل افتتاح الألعاب الأولمبية في بيكين كعنوان للصداقة وتضامن الجزائر مع الشعب والحكومة الصينيين. كما عرفت سنة 2008 تنصيب مجموعة الصداقة الجزائرية الصينية التي دعمت باتفاق إطاراً للتعاون في المجال البرلماني. ويعكس التعاون الاقتصادي والتجاري والعلمي العلاقات السياسية الممتازة القائمة بين البلدين حيث بلغت المبادلات التجارية سنة 2007 قيمة 82ر3 ملايير دولار، أي بنسبة ارتفاع قدرت ب48 بالمائة مقارنة مع سنة 2006. ذلك ما يسمح للصين باحتلال المرتبة الرابعة بين الشركاء التجاريين مع الجزائر والثانية كممون للسوق الوطنية بصادرات بلغت قيمتها 689،2 مليار دولار سنة 2007. وتمثل الورشات المنجزة أو الجاري إنجازها في الجزائر من قبل المؤسسات الصينية مبلغا إجماليا بقيمة 5،8 ملايير دولار فيما قدرت قيمة مشروع الطريق السيار شرق-غرب الضخم الذي تقوم مؤسسات صينية بإنجاز جزء منه ب2،6 ملايير دولار. أما فيما يخص إنجاز خطوط السكك الحديدية بكلفة ملياري أورو، والاستثمارات في مجال المحروقات والمناجم فقد بلغت قيمتها الإجمالية 760 مليون دولار. كما سلم مشروع تحويل المياه الباطنية لعين صالح نحو تمنراست (750 كلم) إلى مؤسسة صينية بمبلغ مليار دولار. وفي مجال الأشغال العمومية وتحويل المهارة ستمول مؤسسة صينية متخصصة في هذا المجال بناء معهد عالي لتسيير المشاريع الكبرى بالجزائر وستضمن تكوينا قصير المدى في الصين حول تقنيات التسيير وإنجاز المنشآت القاعدية من الطرق السريعة لفائدة 70 مهندسا جزائريا. ومن جهة أخرى أبرزت الإحصائيات أن 30000 رعية صينية تعمل في الجزائر من بينهم 120 طبيب من البعثة الطبية. كما سيشكل فتح خط جوي يربط بين الجزائر وبيكين في فيفري 2009 عاملا آخرا لتعزيز العلاقات الثنائية بين الجزائر والصين. (وأ)