أشاد رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة بنوعية العلاقات المتعددة الأشكال التي تربط الجزائر وجمهورية الصين الشعبية، منوها بالتطور الملموس الذي سجله تطبيق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وجدد السيد بوتفليقة في برقية تهنئة بعث بها إلى نظيره الصيني هو جينتاو بمناسبة الذكرى الستين لقيام جمهورية الصين الشعبية، استعداده التام لمواصلة العمل سويا في الالتزام المشترك المتمثل في تقوية الشراكة الاستراتيجية وترقية التعاون جنوب - جنوب والسعي إلى إقامة علاقات أكثر توازنا بين البلدان المتقدمة والبلدان النامية. وبعد أن أعرب عن تهانيه الخاصة وتهاني الشعب الجزائري وحكومته للشعب الصيني الصديق في ذكرى قيام جمهورية الصين الشعبية، أشاد الرئيس بوتفليقة بالإنجازات الباهرة التي حققتها الصين خلال السنوات الستين، سواء في المجال الاقتصادي، الذي تتميز فيه بديناميكية ملحوظة أو في المجالين الاجتماعي والتربوي. وأشار الرئيس في هذا الصدد إلى أن النجاح الباهر للألعاب الأولمبية لبكين 2009 والتنظيم المرتقب للمعرض العالمي بشنغهاي في 2010، يعتبران خير دليل على نجاعة وملاءمة سياسات الإصلاح والانفتاح المتبعة من قبل الصين، مؤكدا بأن الجهود المستمرة التي تبذلها جمهورية الصين الشعبية في سبيل الوقاية من الصراعات وتسويتها والتزامها الدائم بإرساء عالم متعدد الأقطاب أكثر عدلا وتضامنا، تساهم في تعزيز دورها كعامل رئيسي يتماشى مع وزنها السياسي وحيويتها الاقتصادية. وقد أحيت الجزائر والصين العام الماضي الذكرى الخمسين لقيام علاقاتهما الثنائية التاريخية، التي تعود إلى مرحلة الثورة الجزائرية، حيث أبدت الصين والجزائر طوال ذلك الوقت تعاطفا متبادلا وتمتعتا بتفاهم متبادل ودعمتا بعضهما البعض. ففي الخمسينيات من القرن العشرين قدمت الصين الدعم السياسي والاقتصادي والعسكري لكفاح الجزائر من أجل التحرر من النظام الاستعماري، واعترفت بالحكومة الجزائرية المؤقتة على الفور بعد فترة وجيزة من تشكيلها في سبتمبر عام 1958، لتصبح أول دولة غير عربية تمنح الاعتراف الدبلوماسى لهذه الحكومة، فيما لعبت الجزائر من جانبها في بداية السبعينيات دورا هاما في إطار الجهود الرامية إلى استعادة المقعد الشرعي للصين في الأممالمتحدة، وكانت إحدى الدول الهامة الراعية لمشروع قرار يدعو إلى إعادة جميع الحقوق المشروعة للصين في هذه المنظمة الدولية. وتطورت العلاقات الجزائرية الصينية في السنوات العشر الأخيرة بفضل حرص قيادتي البلدين على تنميتها وتكثيفها وتقويتها أكثر على مختلف الأصعدة، حيث شهدت هذه العلاقات حركية قوية ترجمت بالزيارات المتبادلة لرئيسي الدولتين السيدين عبد العزيز بوتفليقة وهو جينتاو، أثمرت في نوفمبر 2006 التوقيع على اتفاق الشراكة الاستراتيجية، الذي أعطى بعدا متميزا لعلاقات الدولتين ولتطلعات الشعبين الصديقين. ومنذ إقامة هذه العلاقات الاستراتيجية شهد التعاون الاقتصادي والتجاري تطورا سريعا، وظهر المزيد من التكامل الاقتصادي بين البلدين، حيث بلغ حجم المبادلات التجارية بين الجزائر والصين 9,1 ملايير دولار في الأشهر الخمسة الأولى من السنة الجارية، بزيادة تقدر ب5 بالمائة مقارنة بالسنة الماضية، في حين تجاوزت قيمة الاستثمارات الصينية بالجزائر 800 مليون دولار، في ظل تنامي الاهتمام الصيني بالعديد من المشاريع المعلنة بالجزائر، لاسيما بعد إشراكها في برامج الإنعاش الاقتصادي وبرنامج دعم التنمية، في مشاريع تخص قطاعات البناء والعمران والأشغال العمومية والنقل والموارد المائية وتكنولوجيا الإعلام والاتصال والطاقة وغيرها من الورشات الضخمة التي فتحتها الجزائر في إطار خططها التنموية. ولازالت الحكومة الصينية التي تعتبر الجزائر بمثابة بوابة السوق الإفريقية الواسعة، مع احتلالها أكثر من 30 بالمائة من الاستثمارات الصينية في شمال إفريقيا والشرق الأوسط، تشجع متعامليها على الاستثمار في الجزائر، لا سيما بعد تشغيل الخط الجوي المباشر الرابط بين الجزائر وبكين في فيفري الفارط بمعدل رحلتين أسبوعيا، ما أعطى دفعا جديدا للعلاقات الاقتصادية، وسهل تنقل المتعاملين المهتمين بالسوق الجزائرية، ورفع عدد الرعايا الصينيين المتواجدين بالجزائر إلى أكثر من 30 ألف صيني يعملون في مختلف القطاعات. كما رفعت المؤسسات الصينية تحدي الأزمة الاقتصادية العالمية بإبدائها اهتماما متواصلا بزيادة وتيرة الاستثمار والتعاون المشترك مع الجزائر، وتجلى ذلك في حضورها القوي بمناسبة معرض الجزائر الدولي الأخير، حيث وصل عددها إلى 140 مؤسسة صينية وهي مشاركة قياسية في المعارض الدولية بشهادة سفير الصين بالجزائر.