رغم حملات النظافة الأسبوعية التي باشرتها قسنطينة منذ وقت الوالي الأسبق كمال عباس، إلا أن المشهد العام لا يعكس كل الجهود التي بذلتها الدولة، في ظل غياب محسوس للمجتمع المدني والمواطن من أجل الحفاظ على نظافة محيطه. وكشفت مصادر مسؤولة من الولاية، أن حملة التطهير وتنظيف المحيط، التي تأتي في إطار الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة البيئة، وتقوم بها المصالح الولائية، بالتنسيق مع العديد من الأطراف المعنية من بلديات، مديريات تنفيذية ومؤسسات عمومية بلدية وولائية كل يوم سبت، مكّنت من جمع أزيد من 13619 طنا من النفايات الصلبة والهامدة عبر مختلف البلديات والدوائر، منذ انطلاقها في الفاتح سبتمبر إلى غاية ال20 منه، مع معالجة 82 نقطة سوداء من مفارغ عشوائية ومقابر ووديان. شدد والي قسنطينة في العديد من المحطات، على ضرورة مواصلة هذه الجهود في خطوة لتغيير المشهد وتطهير المحيط من النفايات التي باتت تشوه وجه عاصمة الشرق، حيث أمر كل المسؤولين، انطلاقا من المديرين التنفيذيين، إلى رؤساء الدوائر والبلديات بأداء دورهم، من خلال النزول إلى الميدان والتقرب من المواطن قصد إنجاح هذه الحملات التي سخرت لها المصالح المعنية كل الوسائل المادية والبشرية، من خلال تسخير 1917 عاملا و846 آلية من مختلف الأحجام منذ انطلاقها، حيث لازالت العملية، حسب مصالح الولاية، مستمرة لتمس باقي الوحدات الجوارية على مستوى المدينتين الجديدتين علي منجلي وماسينيسا وجل البلديات كل أسبوع. الوالي يستغرب غياب المجتمع المدني عبر والي قسنطينة عبد السميع سعيدون في العديد من المرات، على هامش حملات النظافة التي أطلقتها الولاية بمختلف بلديات ودوائر قسنطينة، عن استغرابه لغياب المجتمع المدني في هذه الحملات، وقال بأنّه تفاجأ عندما اطلع على قائمة الجمعيات التي تستفيد من الدعم المالي، في حين لا تقوم بأي عمل، مضيفا أنه وقف شخصيا على غياب مساهمة هذه الجمعيات التي كان من المفروض أن تحتضن وتتبنى مثل هذه المبادرات، مضيفا أن العدوى انتقلت إلى المواطن البسيط الذي أصبح سلبيا، ويلعب دور المتفرج على عمال النظافة أثناء عمليات التطهير في التجمعات السكانية، وأكثر من ذلك، حسب الوالي، فسكان الأقطاب السكنية الجديدة الذين استفادوا من سكنات لائقة على عاتق ميزانية الدولة، قاموا في أيام قليلة من تدشينهم لهذه الأحياء الجميلة، بتلويث المحيط، من خلال رمي ردوم البناء الناتجة عن قيامهم بأشغال وتعديلات في مساكنهم، على حساب الحي والطبيعة، على غرار ما وقع بحي "19 مارس 1962" بالمدينة الجديدة ماسينيسا، الذي تم فيه توزيع أكثر من أربعة آلاف سكن إيجاري اجتماعي جديد هذه السنة، في انتظار توزيع حوالي ثلاثة آلاف أخرى. اعتبر سعيدون أن السلطات المحلية تبذل جهودا كبيرة في مجال جمع النفايات والمحافظة على البيئة، من خلال استحداث المؤسسات العمومية البلدية والولائية للنظافة، والتي تضم مئات العمال وعشرات الآليات والتجهيزات الحديثة التي وضعت من أجل جمع مختلف أنواع النفايات. وعلى خلفية فيضان وادي زياد، اتخذ الوالي جملة من القرارات الخاصة بالبناءات الفوضوية والمشيدة حديثا، حيث أمر المسؤول، حسب مصالح البلدية، خلال اجتماعه مؤخرا، برؤساء البلديات ال12، بمنع تشييد منازل وبنايات على ضفاف الوديان، كون البناءات الفوضوية من أكبر المشاكل التي تهدد بفيضان الوديان، مهددا باتخاذ إجراءات صارمة في حق المخالفين الذين استفادوا من رخص بناء أعدت من طرف أشخاص غير مختصين على مستوى البلديات. كما طالب رؤساء البلديات يإحصاء المنازل المشيّدة على ضفاف الوديان، وترحيلهم في أقرب الآجال لمنع تكرار سيناريو وادي زياد. المطالبة بتفعيل شرطة العمران طالبت العديد من الجمعيات الناشطة في حماية البيئة ونظافة المحيط، في خطوة للحفاظ على جمالية الأحياء والمحيط العام، بضرورة تفعيل شرطة العمران، معتبرة أنّ الحملات التحسيسية التي تقوم بها لفائدة مختلف الفئات وعبر مختلف أنحاء الولاية، لا تجدي نفعا، إذا لم يرافقها الجانب الردعي، على غرار ما يوجد في مختلف الدول وحتى الأوروبية منها، حيث يتم تغريم كل معتد على البيئة بغرامات مالية تجعله يفكّر ألف مرة، قبل الإقدام على رمي نفاياته في الأماكن غير المخصصة لها. أكدت هذه الجمعيات، على غرار جمعية حماية الطبيعة والبيئة، أنها سطرت برنامجا سنويا للتحسيس بأهمية الحفاظ على البيئة والطبيعة، خاصة بالمؤسسات التربوية وداخل الأحياء. كما نظمت العديد من المبادرات خلال الأعياد الوطنية أو العالمية، لتشجيع السكان على التشجير وتزيين المحيط السكني، إلا أن الجهود التي تبذلها، بالتنسيق مع بعض الغيورين على البيئة، يتم إتلافها عن قصد أو عن غير قصد، من طرف بعض الأشخاص غير المبالين والذين تهمهم مصلحتهم الشخصية على حساب المصلحة العامة. تجهيزات جديدة لمعالجة النفايات كشف مدير مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني بقسنطينة، أحمد بوشلوخ، عن استفادة الولاية على غرار 9 ولايات أخرى من الوطن، من آلات حديثة تعمل على معالجة عصارة النفايات أو ما يعرف ب«اللكسيفيا"، التي تشكّل هاجسا للفلاحين والسكان. مضيفا أن وزارة البيئة عبر الوكالة الوطنية لتسيير النفايات، خصصت ميزانية لتنفيذ هذا البرنامج الطموح، الذي يهدف إلى معالجة مشكل انتشار عصارة النفايات المنزلية في الطبيعة، على غرار ما وقع منذ سنوات بمركز بوغرب ببلدية ابن باديس، وقال بأن فتح الأظرف الخاصة بالمناقصة كان منذ أيام، لتحديد المؤسسة التي ستقوم بجلب هذه التجهيزات. أكد السيد بوشلوخ، أن استغلال التقنيات البسيطة المتمثّلة في استعمال الردم عن طريق التراب، لمنع انتشار الروائح الكريهة، نجح بشكل كبير في قسنطينة، وساهم في منع تطاير الأكياس البلاستيكية لمسافات كبيرة تصل إلى بلديتي عين أعبيد وابن باديس. اعتبر مدير مؤسسة تسيير مراكز الردم التقني بقسنطينة، أن الولاية كان من المفروض أن تستفيد من حفرة ثانية للردم التقني، تضاف إلى مركز بوغرب، من شأنها استقبال النفايات المنزلية، لكن المشروع الذي تكفّلت به مديرية البيئة، لم ينطلق رغم تسجيله في أواخر 2014.