انطلقت، أمس، بالعاصمة السعودية الرياض، أشغال القمة السنوية لدول مجلس التعاون الخليجي، حيث طغت عليها العلاقات البينية التي انهارت على خلفية القطيعة بين قطر من جهة والعربية السعودية والإمارات العربية والبحرين من جهة ثانية، وشكلت أكبر شرخ يعرفه أغنى تكتل إقليمي في العالم منذ تأسيسه سنة 1981. ويأتي انعقاد هذه القمة وقد تعالت الكثير من الأصوات في مختلف الدول الخليجية مطالبة بضرورة المحافظة على بقاء المجلس كبوتقة للوحدة ضمن رهان يستحيل تحقيقه في ظل الخلافات الحادة في مقاربات دولة قطر والعربية السعودية بخصوص الكثير من القضايا الثنائية وقضايا الراهن الإقليمي والدولي غذاها صراع زعامة خفي بين الرياضوالدوحة. ولم يفوت العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز في كلمة ألقاها بمناسبة انطلاق أشغال القمة ضرورة المحافظة على وحدة مجلس التعاون الخليجي، في نفس الوقت الذي اتهم فيه إيران بمواصلة تدخلها في الشؤون الداخلية لبلدان المنطقة بما يستدعي الدفاع على مكاسب بلداننا بدعم من حلفائنا وحفاظا على استقرار وامن كل منطقة الخليج العربي. وهي المقاربة التي طالب بها أمير دولة الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي فشل في مساعي وساطة بين الرياضوالدوحة ولكنه جدد التأكيد أمس على أمله في تحقيق مصالحة داخلية وتفادي انهيار المنتظم الخليجي بسبب أصعب أزمة يواجهها منذ تأسيسه. وشدد، من أجل تحقيق ذلك، على ضرورة وقف الحملات الإعلامية بين بلدان المجلس التي قال أنها عمقت الشرخ بين شعوب المنطقة كخطوة أولى لتهيئة الأرضية من أجل استعادة الثقة المفقودة وتحقيق مصالحة حقيقية ولكن غياب أمير دولة قطر، الشيخ تميم بن حمد آل الثاني عن أشغال هذه القمة أكد استمرار حالة الاحتقان في علاقات الدول الأعضاء وبما يؤكد أن قمة واحدة وحتى عدة قمم لن تكون كافية لإزالة كل أسباب القطيعة التي تعصف بمجلس التعاون الخليجي رغم أنه يضم كل مقومات الوحدة والتكامل بالنظر الى الموقع الجغرافي وتجانس سياسات دوله وتشابه طبيعة اقتصادياته، قبل أن تنهار بشكل مفاجئ على خلفية صراع خفي فرضته ما أصبح يعرف ب«ثورات الربيع العربي" التي كان لعدد من بلدان الخليج دورا في تأجيجها خدمة لحسابات مصلحية ضيقة أدت في النهاية إلى سقوط بلدانا عربية في متاهة حروب أهلية مازالت تبعاتها الكارثية قائمة إلى حد الآن. واكتفت الدوحة بإيفاد كاتب الدولة للشؤون الخارجية، سلطان المريخي ضمن قرار أكد مدى التباين في مواقف البلدان الخليجية وفي وقت تصر فيه العربية السعودية والإمارات العربية إبقاء حصارها الاقتصادي على دولة قطر. ودافع العاهل السعودي أيضا في الكلمة الافتتاحية عن التدخل العسكري الذي تقوده بلاده في اليمن منذ سنة 2015، دون أن يمنعه ذلك من التأكيد على موقف بلاده الداعم لحل سياسي في هذا البلد الممزق بحرب أهلية تماما كما هو الحال بالنسبة لسوريا.