نظّم المجلس الأعلى للغة العربية ووزارة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة، أمس بمكتبة الحامة، يوما دراسيا بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، أعلن فيه رئيس المجلس الدكتور صالح بلعيد، عن كشف اتحاد المجامع اللغوية والعلمية العربية بالقاهرة لمدوّنة المعجم التاريخي، الذي سيقضي على كل مشاكل اللغة العربية، مضيفا أن تقريبا 90 بالمائة من مؤسسيها من الباحثين الجزائريين. كما تم فتح بوابة خاصة بالمخطوط الجزائري، وثانية تهتم بالثقافة الجزائرية. ألقى الدكتور صالح بلعيد كلمة بمناسبة الاحتفاء باليوم العالمي للغة العربية، قال فيها إن هذا اليوم المشهود يعرف عدة تظاهرات وانطلاق أكثر من مدونة حول لغة الضاد، تأتي في مقدمتها مدوّنة للمجمع التاريخي. كما فتحت قطر موقعا (معجم قطر التاريخي للغة العربية) في الشابكة أمام الباحثين في الذخيرة اللغوية في مدونة أولية بعدد ثلاثة مجلدات، إضافة إلى فتح العديد من المنصات الخاصة بالجزائر، مثل التي تتعلق بالمخطوط، وتضم أكثر من 12 ألف مخطوط، ومنصة أخرى تتعلق بمعجم الثقافة الجزائرية، في سابقة تنتظر أن تتزود بالبيانات من طرف الباحثين الجزائريين. وقال بلعيد إنه يجب الحذر والاستعداد للتعامل مع مميزات عصرنا الذي أصبح عصر المتغيرات الكبيرة، وفيه هيمنة القوى العظمى، وسلاحهم في ذلك امتلاكهم المعرفة العلمية والتقنيات الحديثة للسيطرة على المشهد الثقافي العالمي، ومنه إحكام القبضة على مختلف المجالات الفكرية، مبتدئين باللغة التي تُعتبر مرآة الشعوب ومقوّما مهمّا من مقوّمات التماسك القومي للمجتمع، مضيفا أنّ هذا يُعدّ تنبيها يجب الحذر منه، «للخروج من الكسل الذي أصبح في العرب عادة، والجهل وسادة، والتواكل عبادة»، كما أضحى البكاء عادتنا، والإحساس بالألم نهج حياتنا، ليتساءل: «ألا يمكن الخروج إلى معالجة الأزمة اللغوية النفسية بما لنا من همة؟». وطالب الدكتور بضرورة سد العديد من الفجوات لفك الأسر والسماح للعربية بالازدهار، وهي سد فجوة المحتوى الرقمي العربي، والعمل على توطين العلم باللغة العربية، وتعزيز الدراسات في مجال هندسة اللغات، وتكثيف الجهود في مجال المعاجم الحاسوبية، وتكثيف الأعمال العلمية في المحتوى الرقمي، وإنتاج برمجيات ومحللات صرفية ونحوية ذكية للمعالجة الآتية والتوسع في استخدام ذخائر النصوص المحوسبة. كما دعا الدكتور إلى تكثيف الجهود للمعالجة الحاسوبية للعربية وللبحث العلمي في الدراسات العليا، ومتابعة حقل الترجمة الآلية بين مختلف اللغات والوعي اللغوي بمنظور العلاقة التكاملية بين اللغة والهوية، والوعي بأن العربية هي الطريق الأمثل إلى مجتمع المعرفة، وجعل الترجمة ضرورة عربية لتنويع مصادر المعرفة. أما تلايلف محمد ممثل وزيرة البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية والتكنولوجيات والرقمنة، فقال إن ترتيب اللغة العربية المتقدّم من بين اللغات الأكثر انتشارا في العالم، لا يعكس بحق واقع المحتوى الرقمي باللغة العربية على الأنترنت، سواء من حيث نسبة نطاق المواقع الإلكترونية للدول العربية أو بالنسبة لعدد الصفحات باللغة العربية، وكذا من حيث عدد مواقع استضافة البيانات في المنطقة العربية، وهي كلّها معدلات دون الواحد بالمائة ولا ترقى إلى المستوى المنتظر للمنطقة العربية، التي تضم ما يقارب 6 بالمائة من سكان العالم يقطنون عُشر مساحته. وأضاف الأستاذ أن تقليص الفجوة الرقمية بين دول العالم المنتجة للتقانات الحديثة وما دونها من دول، يقتضي ضرورة توفير البنية التحتية اللازمة للاتصالات، وهو ما قامت به الجزائر بتعميم نشر شبكة محورية وطنية للألياف البصرية ممتدة على مسافة 140 ألف كيلومتر، إضافة إلى زيادة عرض النطاق الترددي الدولي مع تنويع نقاط توصيل الكوابل البحرية ذات الألياف البصرية، التي من شأنها السماح بتحسين جودة الخدمة وضمان وفرتها وديمومتها على المستوى الوطني، علاوة على إطلاق القمر الصناعي للاتصالات (ألكومسات 1)، الذي سيشكل دعما معتبرا لوسائل تزويد خدمات الاتصالات لفائدة سكان المناطق ذات الكثافة السكانية المنخفضة والمناطق المعزولة. وأشار تلايلف إلى إقامة الجزائر مركز بيانات ذي بعد دولي، سيتم توصيله بحلقة الوصلة المحورية للألياف البصرية ونقاط توصيل الكوابل البحرية ومحطات الربط عبر الأقمار الصناعية؛ لدعم الاستعمال المكثف للتقانات الحديثة، معتبرا أن هذه المشاريع الاستراتيجية لم تنعكس على معدل النفاذ للأنترنت فحسب، بل كان لها عظيم الأثر في التخفيض من أسعار الأنترنت المعلنة مؤخرا، والتي ستدخل حيز التنفيذ مطلع سنة 2019. ودعا المتحدث إلى دمج اللغة العربية في صلب التقانات الحديثة، مستغلة في ذلك العديد من مقوماتها، مثل السوق المحتملة الخصبة، والثروة الشبابية الهائلة التي تزخر بها الدول العربية، إضافة إلى استغلال رصيدها اللغوي الثري من أجل صناعة المصطلح العلمي الدقيق والمختصرات الاصطلاحية المتماشية مع متطلبات التقانات الحديثة، علاوة على التطوير المستمر للبرمجيات باللغة العربية بصفة مستمرة. وقد نظم قطاع وزارة البريد والمواصلات مسابقة لاختيار أفضل تطبيق باللغة العربية، مفتوحة على طلبة المعهدين التابعين للقطع والمؤسسات الناشئة التي تحتضنها الوكالة الوطنية لتطوير الحظائر التكنولوجية. للإشارة، تم خلال هذا اليوم الدراسي، تكريم رئيس جمعية الرقيّ الثقافي «رؤى» من المسيلة، كما تم تقديم العديد من المداخلات، من بينها «التحليل الآلي لمشاعر النصوص العربية» للدكتور صديق بسو، و»اللسانيات الحاسوبية وأثرها في تطوير اللغة العربية» للدكتور محمد مدور، و»توطين تقانات التعرف الآلي على الحروف» للأستاذ الدكتور عمر ديدوح. كما تم تنظيم ورشتين علميتين ومعرض للشرطة.