يلتقي اليوم الأربعاء وزير العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي السيد الطيب لوح بأعضاء الأمانة الوطنية للمركزية النقابية وممثلين عن منظمات أرباب العمل بغرض تقييم العقد الاقتصادي والاجتماعي بعد مرور أكثر من عامين على التوقيع عليه. ومن المنتظر حسب مصادر ذات صلة بالاجتماع أن يناقش المجتمعون وثيقة عمل من 17 صفحة أعدها فريق عمل مكون من الشركاء الثلاثة منذ أشهر، تلخص جميع التطورات التي عرفتها الساحة الاجتماعية والعمالية طيلة أكثر من عامين، وكذا كل الأهداف المحققة في إطار ذلك العقد الذي يعتبر من أبرز الإنجازات كون الجزائر تعد البلد السابع في العالم الذي يملك عقدا اجتماعيا واقتصاديا. وكان فريق عمل ضم الشركاء الثلاثة قد تم تنصيبه قبل أشهر بهدف إعداد مسودة تقييم الإنجازات المحققة في إطار العقد وكذا النقاط التي لم يتم تحقيقها. وقال السيد عبد القادر مالكي المكلف بالإعلام في الاتحاد العام للعمال الجزائريين في تصريح ل"المساء" أمس أن الاجتماع سيكون محطة مهمة من أجل تشريح ما تم تحقيقه وما لم يتم تحقيقه من بنود نص العقد، واتخاذ خطوات عملية لتفعيل الشراكة القائمة طيلة السنوات الماضية، وقدم محدثنا تقييما ايجابيا لهذه الفترة خاصة ما تعلق بضمان الهدنة الاجتماعية ونجاح الاتحاد العام للعمال الجزائريين في ترسيخ الحوار كمبدأ لحل مشاكل العمال بعيدا عن الإضرابات، وقال في هذا الصدد: "لقد سمح الحوار والتشاور المنصوص عليه في العقد كأهم مبدأ لحل كل المشاكل من فض العديد من النزاعات الاجتماعية بعيدا عن الإضرابات وكان آخرها إلغاء إضراب عمال الموانئ". ويذكر أن الشركاء الثلاثة وقعوا على العقد الاقتصادي والاجتماعي بعد انتهاء أشغال الثلاثية المنعقد بين 30 سبتمبر و1 أكتوبر 2006، ويهدف هذا العقد الذي يمتد لأربع سنوات الى "تعزيز الإستراتيجية الوطنية للتنمية وحشد القوى الوطنية المنتجة وترقية الرفاهية الاجتماعية"، وينص أيضا على ضمان السلم الاجتماعي لمدة أربع سنوات وتفضيل الحوار والتشاور على سلوك الإضراب، وبالمقابل تلتزم الحكومة بإشراك الشريك الاجتماعي في مسار تقويم القطاع الصناعي وبالأخص في تنفيذ مشاريع الخوصصة، والحفاظ على مناصب الشغل والعمل على إنشاء مناصب جديدة، إضافة إلى مساهمة أرباب العمل في تحقيق التنمية الاقتصادية مع إصدار الحكومة لتدابير تشجع إنشاء المؤسسات الخاصة. ولكن هذا اللقاء التقييمي يأتي متأخرا بأكثر من سنة كاملة حسب نص المادة الثانية من الباب المتعلق بآليات التنفيذ والتقييم، حيث كان من المقرر أن يكون هناك تقييم سنوي من خلال تقرير تعده لجنة متابعة وطنية ثلاثية تنشا لهذا الغرض، على أن يتضمن التقرير "معلومات حول مدى تحقيق مساهمات كل طرف من الأطراف وكذا الصعوبات المحتملة التي حالت دون ذلك". ويُنظر إلى العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي على أن نتائجه كانت إيجابية، خاصة ما تعلق بمسألة تفضيل الحوار والتشاور على أسلوب الإضرابات، ونجحت قيادة المركزية النقابية رغم المشاكل الداخلية التي سبقت وتلت عقد المؤتمر الحادي عشر نهاية شهر مارس الماضي في إطفاء أكثر من "نار عمالية" كادت أن تشتعل هنا وهناك بفعل بعض التراكمات الاجتماعية وزحف مسار الخوصصة على الشركات العمومية وكان من أبرز تلك المحطات تجنيب شل الموانئ الجزائرية مؤخرا على خلفية منح الحكومة لعقود تسيير مينائي جن جن بولاية جيجلوالجزائر العاصمة. ولكن رغم كل ذلك، فإن الفترة التي أعقبت التوقيع على العقد ميزها تسجيل حالات تذمر في بعض القطاعات، ولم تتوقف الوفود العمالية الوافدة على دار الشعب المقر الوطني للمركزية النقابية في إيصال صوتها إلى القيادات النقابية، بل المطالبة أيضا بتحرك حازم من الأمانة العامة والحصول على قرارات صريحة من طرف الحكومة.