قيمّت أطراف الثلاثية (الحكومة والمركزية ومنظمات أرباب العمل) ايجابيا، النتائج المحققة في إطار العقد الموقع نهاية سبتمبر 2006، وجددت تمسكها بمواصلة استكمال مسار تحقيق الأهداف الاثنى عشر المتفق عليها وفقا لخطة طريق تعتمد على التشاور والحوار وتنسيق الجهود فيما بينها. التقت أطراف الثلاثية يوم الأربعاء، بمقر وزارة العمل والتشغيل والضمان الاجتماعي لدراسة وثيقة من 17 صفحة، احتوت تقييما أوليا للعقد الاقتصادي والاجتماعي، وفي جلسة مغلقة تطرق وزير العمل السيد الطيب لوح وقيادة الاتحاد العام للعمال الجزائريين يتقدمهم الأمين العام السيد عبد المجيد سيدي سعيد وممثلين عن خمس منظمات لأرباب العمل، الى ما تم تحقيقه من نتائج في المجال الاقتصادي والاجتماعي منذ أكتوبر 2006 ، وسجلت بارتياح تحسن المؤشرات العامة للاقتصاد الوطني من خلال تسجيل نسبة نمو عامة ب 3 بالمئة و6.3 بالمئة خارج قطاع المحروقات، اضافة الى استقرار نسبة التضخم ما بين 3 و4 بالمئة وتراجع المديونية الخارجية الى ما دون 700 مليون دولار بعدما كانت تتجاوز 21 مليار دولار سنة 2004. كما عرف مجال الاستثمار حسب نص التقييم الأولي للعقد الموزع على الصحافة تحسنا ملحوظا من خلال بلوغ حجم الاستثمارات ما بين 2004 و2007، ( 123 مليار دولار)، من بينها 41 مليار استثمارات خاصة منها 23 مليار استثمارات وطنية و18 مليار استثمارات أجنبية. ولاحظت أطراف الثلاثية ان الهدف المرتبط بتطوير البنى التحتية الضرورية لتطوير الاستثمار عرف هو الآخر تطورا ايجابيا من خلال مباشرة وإتمام العديد من المشاريع في مجال الأشغال العمومية والنقل والموانئ والسكك الحديدية والموارد المائية والكهرباء. وركز المشاركون في الاجتماع على الجانب المتصل بتوفير شروط الانتقال من الاقتصاد المبني على البترول الى اقتصاد قادر مبني على الثروة المتجددة يساهم في خلق الثروة، ورغم النتائج المحققة في هذا الشأن خاصة ما تعلق بتشجيع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وتسجيل ارتفاع في حجم الصادرات خارج المحروقات حيث بلغت 2.2 مليار دولار في الأشهر ال11 ل 2008، إلا أن الأطراف الثلاثة شددت على ضرورة مواصلة العمل في السياق الذي يمكن من التخلص شيئا فشيئا من التبعية للبترول من خلال التركيز على تشجيع انجاز المؤسسات، والاهتمام أكثر فأكثر بالقطاع الفلاحي. وبالنسبة لعنصر الحوار والتشاور باعتباره "الفضيلة" المتفق عليها لفض كل الخلافات الاجتماعية حرصت الأطراف الثلاثة على تجديد تمسكها بها، مما دفع بوزير العمل السيد الطيب لوح بالإقرار بنجاح الأطراف في "إرساء مناخ اجتماعي ساده الهدوء والاستقرار ساعد على توفير الشروط الملائمة لتحسين نتائج الاقتصاد الوطني". وفي هذا السياق استعرضت أطراف الثلاثية جميع المحطات التي حقق فيها الحوار مكاسب لصالح العمال من أبرزها اعتماد قانون الوظيفة العمومية، واستفادة أكثر من 1.5 مليون عامل من زيادات في الأجور، ساهم في تحسين القدرة الشرائية للعمال. ولم يكن الجانب الاجتماعي وحده محل تقييم في هذا الاجتماع بل تطرق ممثلو منظمات أرباب العمل الى التحفيزات الكثيرة الموجهة لفائدة المؤسسة الجزائرية الخاصة قصد إشراكها في خلق الثورة وفي الحركية الاقتصادية مثل منح امتيازات ضريبية لكل من يساهم في تطبيق الإستراتيجية الجديدة لإنشاء مناصب شغل جديدة والتخفيف من حدة البطالة التي تراجعت الى مادون 12 بالمئة، يراهن الشركاء على ان تكون برقم واحد في حدود 2010. وفي غمرة استعراض هذه النتائج قال الأمين العام للاتحاد العام للعمال الجزائريين السيد عبد المجيد سيدي السعيد أنه من واجب الشركاء الاجتماعيين "العمل سويا من أجل الدفع بالاقتصاد الوطني الى الأمام وبالتالي تحقيق النجاح معا" . وأشار الى أن من أولويات المركزية النقابية العمل من أجل إرساء مناخ اجتماعي يشجع على الاستثمار. ومن جهتهم، نوه ممثلو منظمات أرباب العمل الخمس الموقعة على العقد بمزايا الحوار والتشاور اللذين ميزا مرحلة التقييم الأولي للعقد، مؤكدين دعمهم له وتجندهم حوله بما يخدم الاقتصاد الوطني. وشدد هؤلاء على أهمية "المؤسسة" في عملية النهوض بالاقتصاد الوطني باعتبارها "المحرك الرئيسي" لهذا الاقتصاد الذي يجب دعمه وترقيته في إطار التعاون والتشاور بين مختلف الشركاء في إطار بناء ما أسموه "بالوطنية الاقتصادية". أما ممثل المكتب الدولي للعمل السيد أحمد خالف، الذي حضر الجلسة الافتتاحية فقد أكد ان تجربة الجزائر في مجال تنفيذ هذا العقد "أبهرت" المكتب من خلال طابعها الديمقراطي. وأكد السيد خالف بان الجزائر تظل "رائدة" على المستوى العربي في هذا المجال ونموذج يحتذى في تفعيل الحوار الاجتماعي وتذليل الصعاب أمام جهود التنمية الاقتصادية. ومن المنتظر أن يخرج هذا الاجتماع التقييمي الذي ينعقد في جلسة مغلقة ببيان مشترك أعدت مشروعه لجنة متكونة من تقنيين ممثلين للأطراف الثلاثة. وفي ختام الأشغال صادقت أطراف العقد على مشروع التقرير التقييمي الذي سيبقى محل تعديل بعد استكمال كل المعطيات الاجتماعية والاقتصادية لسنة 2008، وأوضح وزير العمل في هذا السياق ان "التقرير التقييمي سينشر في منتصف شهر فيفري من سنة 2009 ". وأعلن عن اجتماع مرحلي لتقييم ما سينجز في المرحلة القادمة وهذا قبل التقييم النهائي لتطبيق العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي الذي سيكون في بداية سنة 2011.