ستكون المظاهرات التي دعا إليها خوان غوايدو رئيس البرلمان الفنزويلي والذي أعلن نفسه رئيسا للبلاد، اليوم، بمثابة بارومتر لقياس مدى تجاوب الشعب الفنزويلي مع مسعاه للانقلاب على الرئيس نيكولاس مادورو وإدخاله البلاد في متاهة أزمة سياسية بتبعات غير محسوبة العواقب. كما أنها ستكون محكا حقيقيا للرئيس مادورو الذي وجد نفسه محاصرا بضغوط دولية متزايدة وخاصة وأن مظاهرات اليوم تأتي عشية انتهاء المهلة التي منحته إياها ثماني دول أوروبية للإعلان عن موعد لتنظيم انتخابات عامة جديدة وخيروه بين هذا الشرط وبين إعلان تأييدهم الرسمي لرئيس البرلمان. وقبل حلول موعد امتحان الشارع فقد سبق النائب العام الفنزويلي طارق وليام صعب الأحداث بعد أن تقدم بطلب رسمي إلى المحكمة العليا لمنع خوان غوايدو من مغادرة البلاد وتجميد أرصدته البنكية في نفس الوقت الذي أعلن فيه فتح تحقيق أولي لاتخاذ إجراءات تحفظية ضد رئيس البرلمان المتمرد. وأبدى متتبعون لتطورات الوضع في هذا البلد، مخاوف كبيرة من احتمالات تدخل قوات الشرطة والجيش لمنع مظاهرات اليوم في تكرار لما حدث الاربعاء الماضي وأدى إلى سقوط 35 متظاهرا في شوارع العاصمة كاراكاس. وتزامنت دعوة غوايدو للخروج الشارع مع فشل الإدارة الأمريكية في الإطاحة بالرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو بالطرق السياسية بعد أن استحال عليها تمرير مشروع قرار أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي بسبب قرار الرفض الروسي الصيني مما جعلها تلجأ أمس إلى ورقة العقوبات الاقتصادية في محاولة لزيادة المتاعب التي يواجهها الاقتصاد الفنزويلي وتأليب الرأي العام ضد رئيسه الذي اعتبر القرار الامريكي بمثابة جريمة يتحمل الرئيس ترامب مسؤولية الدماء التي قد تسيل بسببها. وأضاف الرئيس مادورو أنه سيرد بشكل قانوني وسياسي على قرار الادارة الأمريكية وانه أعطى تعليمات محددة لمديرية شركة النفط الفنزويلية لاتخاذ إجراءات للدفاع عن ممتلكات وأصول الشركة وخاصة تلك المتواجدة في الولاياتالمتحدة. وسارعت وزارة الخزانة الأمريكية أمس في سياق هذه العقوبات إلى منع شركة النفط الفنزويلية من إتمام صفقاتها المبرمة مع متعاملين أمريكيين في نفس الوقت الذي جمدت فيه ودائعها المالية في الخارج بدعوى منع تحويل عائدات هذه المبيعات لصالح مسؤولين فنزوليين. ولجأ الرئيس الأمريكي، إلى خيار العقوبات ضد شركة النفط الفنزويلية كونها تمثل أهم مصدر للعملة الصعبة ولعلمها أيضا درجة المتاعب التي يواجهها لاقتصاد الفنزويلي متأثرا بتراجع أسعار النفط وارتفاع نسبة التضخم التي فاقت كل المعدلات الموضوعية لاقتصاد دولة نفطية بأهمية فنزويلا. وجاءت هذه الدعوة بعد إعلان غوايدو بتكليف لجنة لإدارة شؤون الشركة النفطية وإحدى فروعها العاملة فوق التراب الامريكي. وجاء الإجراء الامريكي في سياق ضغوطات داخلية وخارجية على الرئيس مادورو لدفعه إلى الانسحاب من منصبه وخاصة بعد أن حث، غوايدو ضباط وجنود الجيش البوليفاري إلى التمرد والخروج عن طاعة وزير الدفاع الذي أعلن ولاءه للشرعية الدستورية التي يمثلها الرئيس مادورو واعدا إياهم بعدم المتابعة أمام المحاكم العسكرية. في نفس سياق الدعوة التي وجهها جون بولوتن مستشار الأمن القومي الامريكي هو الآخر إلى منتسبي الجيش الفنزويلي للتمرد بزعم قبول الانتقال السلمي وإحلال نظام ديمقراطي في فنزويلا.