تمكن مجلس الأمن الدولي أخيرا في جلسته الطارئة أمس من استصدار قرار ملزم يطالب إسرائيل بوقف مذبحتها المتواصلة منذ أسبوعين على قطاع غزة والتي خلفت إلى غاية أمس سقوط أكثر من 800 شهيد نصفهم من الأطفال والنساء ناهيك على آلاف الجرحى. ودعا القرار إلى وقف فوري لإطلاق النار وضرورة الانسحاب الكلي للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة إضافة إلى البحث عن آليات لإيصال المساعدات الإنسانية إلى هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية الذي يتعرض منذ أسبوعين لمجازر مروعة على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي. وأدان القرار الذي حمل رقم 1860 "كل أشكال العنف والإرهاب والأعمال العسكرية ضد المدنيين وكل عمل إرهابي" في إشارة إلى الصواريخ التي تطلقها حركة حماس باتجاه إسرائيل ردا على جرائم الاحتلال ضد الفلسطينيين العزل. وأوصى الدول الأعضاء بتكثيف الجهود لتأمين ترتيبات وضمانات في غزة للحفاظ على وقف إطلاق النار وهدوء دائمين بما في ذلك منع تهريب الأسلحة والذخائر وتأمين إعادة فتح المعابر بموجب اتفاقية 2005 بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل. كما شجع ما وصفه بالتدابير الملموسة نحو مصالحة فلسطينية مع الدعوة إلى تقديم المساعدات الإنسانية إلى كل أنحاء قطاع غزة دون معوقات وأشاد بالمبادرات الرامية إلى إنشاء وفتح ممرات إنسانية وآليات أخرى لتقديم المساعدات الإنسانية بصورة دائمة. ويعتبر هذا القرار ثمرة ثلاثة أيام من النقاشات الحادة والتضاربات في الآراء والمواقف بين الوفد الوزاري العربي الذي ذهب إلى نيويورك وهو مصر على ضرورة افتكاك قرار أممي يلزم إسرائيل بوقف حربها على قطاع غزة وبين الطرف الغربي بقيادة فرنسا والولايات المتحدة التي عملت على إجهاض كل مبادرة عربية تحمل إسرائيل مسؤولية الوضع المتدهور في هذا الجزء من الأراضي الفلسطينية. وووصف الرئيس الفلسطيني محمود عباس القرار أنه يشكل خطوة مهمة في اتجاه احتواء الوضع في قطاع غزة ولكنه أكد أن ما يهم حاليا هو التوجه نحو تطبيقه على أرض الميدان. وقال أن مصداقية المجموعة الدولية تبقى مرهونة بمدى إمكانية ترجمة الأقوال إلى أفعال. غير أن حركة المقاومة الإسلامية "حماس" رفضت القرار الاممي وقالت انه لا يعنيها ولا يلزمها في شيء خاصة وأنها لم تشارك في صياغة مضمونه كما أنه لم يتضمن مطالبها المتعلقة بوقف العدوان نهائيا ورفع الحصار وفتح المعابر. وقال رأفت مورة قيادي بالحركة في لبنان أن حماس ترفض القرار لأنه لا يخدم "لا مصالحنا ولا مصالح الشعب الفلسطيني" وأضاف أن "حركة حماس ترفض أي قرار لا يأخذ بعين الاعتبار تطلعات ومصالح هذا الشعب" الذي يعيش على وقع أبشع مجزرة تقترفها يد الصهيونية في حقه منذ عقود. وأيدت حركة الجهاد الإسلامي موقف حركة حماس بشأن القرار الأممي واعتبرته بأنه "لم يلب طموحات الشعب الفلسطيني وساوى بين الجلاد والضحية". وقال أبو أحمد المتحدث باسم سرايا القدس الجناح المسلح لحركة الجهاد الاسلامي أنه "كان من المفروض على مجلس الأمن إدانة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والدعوة لوقفه والانسحاب الفوري من الأراضي التي توغل فيها وأن يتم رفع الحصار وفتح المعابر بشكل كامل". وأكد أن "سرايا القدس" وباقي الفصائل الفلسطينية ستواصل التصدي للعدوان بكل ما تملك من وسائل ولن تدخر جهدا في ضربه في كافة أماكن تواجده.