واصلت الآلة الدبلوماسية الدولية تحركاتها على أكثر من صعيد في عواصم منطقة الشرق الأوسط على أمل التوصل إلى حل لوقف شلال الدم الفلسطيني في قطاع غزة المدمر في وقت تستمر فيه الآلة العسكرية الصهيونية اقتراف المزيد من المجازر أمام مرأى ومسمع العالم أجمع. وتقاطعت تصريحات المسؤولين الأممين والدوليين على ضرورة وقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة الذي يعيش سكانه منذ أزيد من ثلاثة أسابيع على وقع سلسلة مجازر بشعة تقترفها الآلة الحربية الصهيونية في حق شعب اعزل. ولم يخف الأمين العام لمنظمة الأممالمتحدة بان كي مون سخطه الشديد إزاء ما يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني العزل في قطاع غزة من محرقة حقيقية على يد قوات الاحتلال الإسرائيلية فاقت في بشاعتها وجبنها ما تسميه إسرائيل نفسها المحرقة النازية إبان الحرب العالمية الثانية. وطالب الأمين العام الأممي الذي حل أمس بالعاصمة اللبنانية بيروت إحدى محطات جولته الشرق الأوسطية التي شملت كلا من مصر وإسرائيل والأراضي الفلسطينية والأردن وتركيا بوقف فوري للعدوان الجائر على قطاع غزة والذي خلف إلى غاية يومه ال 22 سقوط أكثر 1200 شهيد وقرابة 5500 جريح نصفهم من الأطفال والنساء. وقال بان كي مون في كلمة أمام مجلس النواب اللبناني أمس أنه "لا يمكن الانتظار وليس هناك وقت لإضاعته أكثر من ذلك لإيقاف النار في غزة". وأضاف أن مهمته الأساسية "تكمن في مضاعفة الجهود الدبلوماسية للحث على تطبيق القرار الدولي 1860 والسعي إلى توفير المساعدات المطلوبة فورا". وجدد بان كي مون استنكاره الشديد لاستهداف الطيران الحربي الإسرائيلي للمباني التابعة لمنظمة الأممالمتحدة في غزة والعاملين في المجال الإنساني. وقال انه طلب شرحا واعتذارا عما حدث من طرف الإسرائيليين كما طلب منهم ضمانة بعدم تكرار ذلك. وكانت إسرائيل تعمدت استهداف مجمع وكالة غوث لتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا" التابعة للأمم المتحدة وسط غزة في وقت كان شرع فيه بان كي مون في زيارة الى إسرائيل لحثها على وقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1860 القاضي بوقف فوري لإطلاق النار. ولكن إسرائيل وباستهدافها لمقرات ورموز الأممالمتحدة في قطاع غزة رغم التنديد والاستنكار الذي أبدته المنظمة الأممية والمجموعة الدولية تكون قد ردت بوضوح على مطالب الأمين العام الاممي بعدم الانصياع إلى الشرعية الدولية والمقررات الأممية. وهو ما يطرح التساؤل حول قدرة المساعي الدبلوماسية في ردع الآلة الحربية الإسرائيلية من جهة ومدى فعالية مجلس الأمن الدولي باعتباره هيئة دولية أوكلت له مهمة رعاية الأمن والسلم العالمين في حمل إسرائيل على وقف مجازرها التي تتفنن في اقترافها ضد شعب اعزل في قطاع غزة. وبالموازاة مع الجهود الأممية حل أمس وزير الخارجية التشيكي كاريل سشوارزنبورغ الذي تضمن بلاده الرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي بالعاصمة المصرية لبحث سبل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة التي دمرتها الآلة الحربية الإسرائيلية من جهة، ولبحث الوضعية الإنسانية التي بلغت درجة الكارثية خاصة في ظل استخدام إسرائيل للقنابل الفسفورية والأسلحة المحظورة دوليا وما تتحمله من تأثيرات جد خطيرة على صحة الإنسان. وتأتي زيارة رئيس الدبلوماسية التشيكية إلى القاهرة من منطلق العلاقات التي تربط هذه الأخيرة بحكومة الاحتلال من جهة وبحركة المقاومة الإسلامية "حماس" من جهة مقابلة، إضافة إلى أن مصر كانت لعبت دورا هاما في اتفاق التهدئة الأخير بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي والذي دام ستة أشهر.