أعرب رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي جاكوب كيلنبرجر أمس عن ألمه من روع ما شاهده من جرحى اكتظ بهم مجمع الشفاء الطبى بقطاع غزة، ومن بينهم عدد كبير من الأطفال أصيبوا كلهم بسلاح قوات الاحتلال الإسرائيلى التي تشن حربا على أهالي هذا الجزء من الأراضى الفلسطينية منذ 18 يوما. وأكد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في مؤتمر صحفي عقده أمس في ساحة مستشفى الشفاء بمدينة غزة عقب قيامه بتفقد أقسامه وحالة المصابين به أنه "يجب حماية الفرق الطبية وسيارات الإسعاف وعدم عرقلة عملها وتسهيله من أجل سرعة الوصول إلى الجرحى والمصابين لنقلهم إلى المستشفيات بأسرع وقت ممكن لإنقاذ حياتهم". وأعرب عن "أسفه" لتعرض فرق الإنقاذ الطبية للأخطار بإطلاق القوات الإسرائيلية النيران باتجاههم أثناء عملهم الدؤوب الهادف إلى إسعاف المصابين والجرحى ونقلهم إلى الوحدات الطبية. وقال كيلنبرجر "إن تسهيل وحماية عمل فرق الإنقاذ الطبية والإسعاف ليس قابلا للتفاوض ومن المهم للجرحى ألا ينتظروا ساعات وأياما بل يجب اجلاؤهم بأسرع وقت ممكن إلى المستشفيات". وأكد أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي وضعت تركيزا خاصا على النشاطات الطبية في غزة من خلال الدعم الطبي لهذه المستشفيات ومن خلال دعم الهلال الأحمر الفلسطينى، مؤكدا أن اللجنة الدولية ستبذل أقصى ما في وسعها من أجل القيام بهذا الواجب الإنسانى المقدس. ووجه الشكر إلى الطواقم الطبية التي تواصل عملها المكثف والاستثنائي ودون توقف من أجل نقل وإسعاف الجرحى فى ظل هذا الجو الملتهب جراء استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وكان جاكوب كلينبرغر أجرى زيارة إلى مستشفى الشفاء الرئيسي في قطاع غزة لمعاينة الوضع الصحي والإنساني عن قرب وسط استمرار الحرب الإسرائيلية للأسبوع الثالث على التوالي. وتعد هذه أول زيارة يقوم بها مسؤول دولي إنساني رفيع المستوى إلى قطاع غزة منذ بدء الحرب الإسرائيلية في ال27 ديسمبر من العام الماضي والتي خلفت إلى غاية أمس استشهاد 980 فلسطينيا وأكثر من 4420 جريحا نصفهم من الأطفال والنساء ويعانون من إصابات جد خطيرة. وطاف رئيس لجنة الصليب الأحمر الدولي في مختلف أقسام المستشفى الذي لم يعد قادرا على استيعاب المزيد من الجرحى الذين يسقطون تباعا في كل لحظة تواصل فيها آلة الدمار الإسرائيلية عمليات القصف برا وبحرا وجوا. كما امتلأت مصلحة حفظ الجثث بجثامين الشهداء والتي بقيت مكدسة بسبب عدم إمكانية دفنها وسط استمرار القصف العشوائي الذي يستهدف أي شيء يتحرك في القطاع المنكوب. وتفقد المسؤول الإنساني الدولي الذي دخل إلى قطاع غزة عن طريق معبر ايريتز الجرحى واطلع على إصاباتهم التي أثارت استغراب الأطباء وأكدوا أنهم لم يسبق لهم أن صادفوا مثل هذا النوع من الإصابات والحروق. وبعد زيارته قطاع غزة ينتقل جاكوب كلينبيرغر اليوم إلى مستوطنة سديروت التي تعتبر من بين أهداف صواريخ المقاومة الفلسطينية لتفقد الوضعية هناك. والمؤكد أن المسؤول الدولي الإنساني لن يجد مجالا للمقارنة بين المشاهد المروعة والإصابات الخارقة للعادة لآلاف الأطفال والنساء التي شاهدها في مستشفى الشفاء وبين الإصابات الخفيفة التي تعرض لها عدد لا يتعدى عشرة مستوطنين بسبب صواريخ المقاومة. للإشارة فإن اللجنة الدولية للصليب الأحمر التي يتواجد مقرها بالمدينة السويسرية جنيف تؤدي مهمتين، الأولى كونها منظمة إنسانية متخصصة في إيصال المساعدات الإنسانية الى مناطق النزاع ومن جهة أخرى تضمن حماية اتفاقيات جنيف المتعلقة بحماية حقوق الإنسان أوقات الحروب والصراعات. وكانت هذه المنظمة نهاية الأسبوع الماضي قد اتهمت إسرائيل بالتملص من التزاماتها في القانون الدولي الإنساني بعد أن عثر مسعفون على جثث ومصابين بالقرب من موقع للجيش الإسرائيلي بقوا لعدة أيام من دون وصول الإسعاف إليهم. وأبدت المنظمة الدولية مخاوف عميقة من تزايد عدد الجرحى من المدنيين الأبرياء واستهداف الآلة الحربية الإسرائيلية للمراكز الصحية التي من المفروض أن تكون محمية دوليا. ولم يقتصر توجيه الاتهامات لإسرائيل بخرقها للقانون الدولي الإنساني على المنظمات الإنسانية والحقوقية فقط بل تعدتها إلى المسؤولين في الاتحاد الأوروبي وذلك بعدما ضربت إدارة الاحتلال بكل المواثيق الدولية عرض الحائط ولم تستثن في قصفها لا المدنيين الفلسطينيين ولا الموظفين الأمميين ولا العاملين في المجال الإنساني أو الإعلامي وحتى المسعفين ورجال الإغاثة. وقال المفوض الأوروبي للتنمية لويس ميشال أن "إسرائيل لا تحترم القانون الدولي الإنساني وهذا شيء ظاهر للعيان". وأضاف أنه "أمر ملزم وأساسي أن تقوم القوة المحتلة بحماية حياة المدنيين من خلال توفير الغذاء لهم وإسعاف الجرحى منهم". ووسط تنامي الاتهامات من حول إسرائيل حذرت الأممالمتحدة من تنامي أعداد الفلسطينيين الفارين من منازلهم لملاجئ مؤقتة في المدارس والمباني الإدارية والمنتزهات مع مواصلة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة. وقال ايدان اويري نائب وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في تصريح نقلته صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن حوالي 30 ألف شخص يعيشون في المدارس التي ترعاها الوكالة بينما فر 60 ألف شخص إلى منازل أقاربهم. وهي أرقام تبقى مرشحة للارتفاع في ظل استمرار المحرقة الإسرائيلية واستمرار استهداف المدنيين ومنازلهم وحتى الملاجئ التابعة للمنظمة الأممية والتي لم تعد آمنة. وتعتبر هذه مأساة أخرى تضاف إلى سلسلة المآسي التي سقطت دفعة واحدة على سكان قطاع غزة الذين وجدوا أنفسهم محاصرين بنيران المدفعية الصهيونية وحصار التجويع ليضاف إلى ذلك التشرد. وتتزايد حدة هذه المآسي مع استمرار إغلاق الحدود وعدم إمكانية وصول المسعفين إلى المناطق المنكوبة والتي تعرضت إلى قصف مكثف وهو الأمر الذي أكده الهلال الأحمر الفلسطيني الذي قال أن محاولات التنسيق مع الصليب الأحمر الدولي للدخول إلى المناطق المنكوبة في قطاع غزة لم تنجح. وقال الدكتور محمد عوادة مدير دائرة الإسعاف والطوارئ في الجمعية "لقد حاولنا التنسيق مع الصليب الأحمر لدخول المناطق المنكوبة لأكثر من 135 مرة ولم تنجح سوى 5 مرات وعندما دخلنا لم نتمكن من إنجاز مهامنا الرئيسية بسبب عرقلة قوات الاحتلال للطواقم الطبية وإطلاق النار باتجاهها على مرمى ومسمع من موظفي اللجنة الدولية للصليب الأحمر".