* email * facebook * twitter * linkedin صادق مجلس الحكومة خلال اجتماع ترأسه الوزير الأول نور الدين بدوي، يوم الأربعاء، على الصيغة الجديدة لمشروع قانون المالية لسنة 2020، وكذا مشروع المرسوم التنفيذي الذي ينشئ محافظة الطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية، كما درس مقترح إصلاح حوكمة البنوك العمومية حسبما أفاد به بيان للوزارة الأولى. وبخصوص القراءة الثانية لمشروع قانون المالية لسنة 2020، فقد درست الحكومة وصادقت خلال هذا الاجتماع على الصيغة الجديدة للمشروع، بعد عرضها من طرف وزير المالية محمد لوكال، والتي تضمنت "أحكاما جديدة تهدف للدفع بالاستثمار وتشجيع استحداث المؤسسات خاصة الشبانية منها، بالإضافة إلى تحصيل حقوق الدولة"، يضيف ذات المصدر. في هذا الصدد، تم التأكيد على "العودة إلى مسار ميزانياتي تطبعه الصرامة، في إطار منهج شامل ينشد ترشيد الموارد المالية وتطهيرها"، موازاة مع الحرص على استبقاء مستوى من النمو يحافظ على النشاط الاقتصادي ومناصب العمل، حيث يتوقع أن يبلغ النمو الاقتصادي حوالي 1.8 بالمائة من الناتج الداخلي الخام في سنة 2020. وتكرس الصيغة الجديدة لمشروع قانون المالية لسنة 2020 - حسب نص البيان - الطابع الاجتماعي للدولة وتدعمه، كما تم "الحفاظ على كل أشكال الدعم العمومي للدولة الموجه لمختلف الفئات الاجتماعية، بهدف حماية القدرة الشرائية للمواطنين وتحسين إطارهم المعيشي". أما في الجانب الميزانياتي، تقدر الحكومة أن تصل ميزانيتي التسيير والتجهيز (النفقات) للسنة المالية 2020 ما قيمته 7.773 مليار دينار، حيث تبلغ ميزانية التسيير ما يعادل 4.893 مليار دينار. وحسب ذات المصدر، سيتم المحافظة على هذا المستوى من النفقات الجارية وعلى النفقات غير القابلة للتخفيض، مثل الرواتب وأعباء الضمان الاجتماعي وتلك المتعلقة بالسير الجيد والمرافق العامة وتلك المخصصة للتكفل بالاحتياجات الاجتماعية للسكنات الهشة، يضيف ذات المصدر. وبخصوص ميزانية التجهيز، فمن المرتقب أن تصل إلى ما يقارب 2.880 مليار دينار، وهي تقديرات تم ضبطها في سياق الإصلاحات الهيكلية الملازمة للتحكم في الإنفاق العام وترشيده، يضيف ذات البيان. أما بخصوص إيرادات الدولة لسنة 2020، فيتوقع أن تصل إلى 7ر6.239 مليار دينار، أي بانخفاض ب7.27 بالمائة مقارنة بإقفال 2019. في هذا الصدد، تتوقع الحكومة أن ترتفع إيرادات الجباية العادية بنسبة 8.6 بالمائة، لتبلغ ما يعادل 3.030 مليار دينار، في حين من المرتقب أن تبلغ الجباية البترولية ما يعادل 3ر 2.200 دينار، مقابل 5ر2.714 مليار دينار بالنسبة لسنة 2019. وبالنظر إلى هذه المستويات من الإيرادات والنفقات الميزانية، فسيكون العجز الميزانياتي في حدود 4ر1.533مليار دينار أو ما يمثل -2.7 بالمائة من الناتج الداخلي الخام. كما يُتوقع أن يبلغ إجمالي رصيد الخزينة حوالي 6ر2.435 مليار ديناري أي ما يمثل 11.4 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي الخام. وسيتم تغطية حاجيات التمويل المقدرة ب 6ر2.010 مليار دينار من خلال اللجوء إلى موارد داخلية عادية، يضيف ذات المصدر. تسهيلات وتحفيزات جبائية لفائدة المؤسسات الناشئة ومن ضمن الأحكام التشريعية والجبائية الرئيسية المقترحة في مشروع قانون المالية 2020، تم إقرار تسهيلات وتحفيزات جبائية لفائدة المؤسسات الناشئة التي تنشط في مجالات الابتكار والتكنولوجيات الجديدة وإعفائها من الضريبة على الأرباح والرسم على القيمة المضافة، بهدف مرافقتها في مرحلة الانطلاق وضمان تطويرها لاحقا. إلى جانب ذلك، تم اقتراح استحداث أربعة أنواع لمناطق اقتصادية على المستوى الوطني تكون حاضنة للمؤسسات الناشئة والاستثمارات الأخرى بمزايا مالية وجبائية محفزة، وتتمثل هذه المناطق فيما يلي: مناطق اقتصادية لتنمية المناطق الحدودية بالجنوب ومناطق اقتصادية لتطوير التكنولوجيات العالية ومناطق اقتصادية لتطوير التجارة اللوجيستية والخدمات ومناطق صناعية مندمجة. وبغرض ترشيد النفقات العمومية، تم إسناد تسيير واستغلال المرافق العمومية الجوارية لفائدة المؤسسات الشبانية والشباب الحامل لمشاريع وأفكار في إطار تفويضات المرفق العام ووفقا لدفتر الشروط. وبهدف تحسين مناخ الأعمال وجاذبية الاقتصاد الوطني، تم رفع القيود المنصوص عليها في إطار قاعدة 49/51 المطبقة على الاستثمارات الأجنبية في الجزائري والخاصة بالقطاعات غير الإستراتيجية. إمكانية اللجوء بكيفية انتقائية إلى التمويل الأجنبي كما تقرر تنويع مصادر تمويل الاقتصاد من خلال فتح إمكانية اللجوء بكيفية انتقائية، إلى التمويل الأجنبي لدى المؤسسات المالية الدولية للتنمية من أجل تمويل المشاريع الاقتصادية المهيكِلة والمربحة، إلى جانب توسيع القاعدة الجبائية، لاسيما من خلال تعزيز الضرائب والرسوم على الثروة والممتلكات. ومن ضمن الإجراءات التي تضمنها مشروع قانون المالية للعام المقبل، السماح للمواطنين المقيمين باستيراد السيارات السياحية ذات محركات بنزين، التي تقل مدتها عن ثلاث سنوات على نفقتهم الخاصة، مقابل دفع الحقوق والرسوم المقررة قانونا، وفقا لقواعد الحفاظ على البيئة وسلامتها. وعقب هذا العرض، أكد السيد بدوي أن الحكومة قد صادقت على المشروع التمهيدي لقانون المالية 2020 الذي سيتم عرضه لاحقا على مجلس الوزراء، حيث ثمن ما جاء به من أحكام، خاصة العودة إلى المسار الميزانياتي العادي الذي اتسم بالعقلانية في تسيير المالية العمومية وترشيد النفقات العمومية، دون المساس بالطابع الاجتماعي للدولة وبالقطاعات ذات الأولوية وعلى رأسها التربية الوطنية والصحة. ودعا الوزير الأول كل القطاعات للتجند لتجسيد هذا النهج العقلاني والرشيد في تسييرها اليومي، مركزا على أن "تحظى عملية تحصيل كل حقوق وإيرادات الدولة من ضرائب ورسوم وإيجار بكل الاهتمام، شأنها شأن تثمين استغلال مخرجات الاستثمارات الاقتصادية العمومية، لتقليص العجز الميزانياتي إلى أقصى درجاته". وفي هذا الصدد، قرر الجهاز التنفيذي وضع آليات تسمح بتحصيل كل الضرائب والرسوم والحقوق لفائدة خزينة الدولة والجماعات المحلية، وفقا لنظرة جديدة وبراغماتية توفر كل الشروط اللازمة لأن يكون فيها المسؤول عن عمليات التحصيل أمام الالتزام بتحقيق النتيجة التي تكون معلنة ومحددة مسبقا قبل بداية كل سنة مالية. ولتحقيق هذا الهدف، تم وضع فوج عمل تحت إشراف وزير المالية يضم قطاعات العدالة والداخلية والسكن، من أجل اقتراح كل التدابير التي تسمح بتجسيد هذا المقترح ابتداء من السنة المقبلة. كما تقرر إلزام الفلاحين المستفيدين من دعم الدولة في إطار نشاطهم الفلاحي، باقتناء المنتوج الوطني المحلي من العتاد الفلاحي، وذلك بهدف حماية الإنتاج الوطني. وعليه، يضيف بيان الوزارة الأولى، تم تكليف وزراء المالية والصناعة والفلاحة بتحديد الإجراءات اللازمة لتنفيذ هذا القرار. إصلاح حوكمة البنوك العمومية من جانب آخر، قدم وزير المالية عرضا ثانيا يتضمن اقتراح إصلاح حوكمة البنوك العمومية الوطنية. ويهدف هذا الإجراء حسب نص البيان إلى تعزيز مجهودات عصرنة النظام المصرفي والمالي الذي باشرته البلاد لدعم النمو الاقتصادي، حيث يتعلق الأمر بضرورة تحول البنوك العمومية إلى مصارف تسعى إلى خدمة التنمية الاقتصادية بهدف تطوير وجمع ادخار الأعوان الاقتصاديين والأسر والخواص وتمويل ودعم النمو الاقتصادي، إلى جانب تنويع الوساطة المصرفية في شتى أنواعها وتنويع العرض القائم على التكنولوجيات المالية الحديثة. وأشار المصدر ذاته، إلى أن هذا الاقتراح جاء إثر "التشخيص المعمق" الذي تم تحت إشراف وزير المالية والذي أفضى إلى ضرورة القيام بإصلاح حوكمة البنوك العمومية لترقيتها إلى مصاف المعايير الدولية المنتهجة في إطار العمل المصرفي، مع أخذ التحديات التي تواجهها هذه البنوك من حيث الأداء ونجاعة التسيير، فضلا عن المقاربة الاستشرافية، بعين الاعتبار. ويتعلق مجال إصلاح حوكمة البنوك في احترافية مجالس إدارة البنوك العمومية، بإدماج أعضاء مجلس إدارة مستقلين يتم اختيارهم على أساس مهنيتهم ودرايتهم بالخدمات المصرفية والمالية والاقتصادية والتكنولوجيا الرقمية، وكذا الفصل بين أدوار مجلس الإدارة والمدير العام التنفيذي المكلف بالتسيير العملياتي للبنك. كما تهدف الحكومة إلى تطوير أنظمة فعالة لرقابة الأداء المالي للدولة وتعزيز الشفافية وإنتاج المعلومات حول سياساتها التنموية ونجاعتها. وعقب هذا العرض، ذكّر الوزير الأول أن "إصلاح الحوكمة يمثل خطوة هامة نحو الإصلاح الشامل للمنظومة المصرفية، المدعوة إلى القيام بتحولها وإلى أن تندرج ضمن سياق الثورة القائمة في مجالات الرقمنة والمعلوماتية"، بغية الاضطلاع بالمهام المخولة لها في صميم مهمتها بأكثر فعالية، والمتمثلة خاصة في توسيع مصرفة الخدماتي والإدماج المالي وتمويل الاقتصاد لتحقيق نمو أكثر شمولية. فضلا عن ذلك، طلب السيد بدوي من وزير المالية أن يوسع الاستشارة إلى بنك الجزائر وجمعية البنوك والمؤسسات المالية "أبيف" وأن يقدم مخطط عمل يفصل عمليات الإصلاح المقترحة، مصحوبة بجدول زمني لتنفيذها. في الختام، صادقت الحكومة على مشروع تنفيذي يتضمن إنشاء محافظة للطاقات المتجددة والفعالية الطاقوية وتنظيمها وسيرها، في صيغته الجديدة عقب إثرائه، على ضوء الملاحظات المقدمة خلال عرضه الأول على الحكومة في اجتماعها بتاريخ 14 أوت الماضي، بما سيمكن هذه الآلية الحكومية الجديدة من إعطاء الدفع اللازم لتطوير استعمال الطاقات المتجددة وتجسيد النجاعة الطاقوية في البلاد. وسيعهد لهذه المحافظة بوضع الاستراتيجية الوطنية في هذا المجال وضمان تنفيذها ومتابعتها وتقييمها، لاسيما من خلال ضمان تنسيق أكثر فعالية بين مختلف المتدخلين. وقد زودت هذه المحافظة بمجلس استشاري يضم كفاءات علمية وطنية متخصصة، علاوة على المتعاملين الاقتصاديين وممثلي المجتمع المدني الفاعلين في هذا المجال.