من المنتظر أن تستأنف المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليزاريو والمغرب الرامية إلى تسوية النزاع في آخر مستعمرة في إفريقيا شهر مارس المقبل عاما بعد وقف مفاوضات منهاست الأمريكية. وكشف الدبلوماسي الايطالي فرانسيسكو باستاغلي الرئيس السابق لبعثة الأممالمتحدة من اجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية "المينورسو" نهاية الأسبوع على أن المبعوث الشخصي الجديد للامين العام الاممي إلى الصحراء الغربية الأمريكي كريستوفر روس سيمهد الطريق لعقد جولة جديدة من هذه المفاوضات المباشرة بين طرفي النزاع بالقيام بزيارة إلى المنطقة شهر فيفري المقبل. وكانت المفاوضات المباشرة بين جبهة البوليزاريو والمغرب لم تسفر في جولتها الرابعة شهر مارس الماضي على أية نتيجة تذكر بعدما أصر الطرف المغربي على تعنته في فرض مخطط الحكم الذاتي كحل وحيد للنزاع في الصحراء الغربية وهو ما شكل عائقا أمام استمرار العملية التفاوضية. وزاد الأمور تعقيدا تصريحات المبعوث الشخصي السابق للامين العام الاممي في الصحراء الغربية الهولندي بيتر فان فالسوم الذي نزع قبعة الوسيط الدولي بعدما اعتبر "استقلال الصحراء الغربية أمر غير واقعي" في انحياز تام ومفضوح للطروحات المغربية. وهو الأمر الذي جعل جبهة البوليزاريو ترفض إجراء أي مفاوضات تحت إشراف فالسوم مما دفع بمجلس الأمن الدولي إلى التخلي عنه حيث رفض تجديد مهمته نهاية شهر أوت الماضي وعين مكانه الأمريكي كريستوفر روس. وكشف باستاغلي عن موعد عقد الجولة الخامسة من المفاوضات المباشرة خلال تصريح صحفي أدلى به نهاية الأسبوع بالعاصمة البلجيكية بروكسل دعا خلاله الاتحاد الأوروبي إلى اختيار "بلد دليل محايد" لتولي ملف القضية الصحراوية الذي لا يزال عالقا منذ أزيد من ثلاثة عقود. واعتبر باستاغلي أنه بإمكان دول مثل البلدان الاسكندنافية لعب دور أكثر فعالية في تسوية النزاع في الصحراء الغربية من منطلق أنها دولة محايدة ولا تربطها أي مصالح مع طرفي النزاع على عكس فرنساواسبانيا اللتان تتعاملان مع هذا الملف وفقا لمصالحهما في المنطقة. وقال أن "البلدان التي تتولى هذه المسألة في أوروبا لها مصلحة بحيث أن اسبانيا التي تتحمل مسؤولية تاريخية في تسوية النزاع الصحراوي تربطها مصالح كبيرة جدا بالطرف المغربي على غرار مسألة الهجرة غير الشرعية والصيد والاستثمارات الاقتصادية". وأكد أن الوضع نفسه بالنسبة لفرنسا التي لها مصالح جيو استراتيجية في المنطقة سواء كانت اقتصادية أو على علاقة بالتحالف التاريخي مع المغرب. وهو ما جعله يؤكد أنه "يمكن لدول أوروبية مثل البلدان الاسكندنافية التي ليس لها أي جوار مع الصحراء الغربية سواء من وجهة نظر جغرافية أو تاريخية أن تلعب دورا أكثر فاعلية يسمح بإيجاد بدائل سياسية". وأرجع المسؤول السابق ل" المينورسو" العراقيل التي تحول دون إجراء استفتاء في الصحراء الغربية إلى الأطراف التي تخشى على مصالحها وقال "بالتأكيد هناك مصالح سياسية واقتصادية واستراتيجية سواء من جانب بعض بلدان الاتحاد الأوروبي أو من الولاياتالمتحدة الذين لا يرغمون المغرب على قبول الصيغة الدولية فيما يتعلق بمسار إجراء استفتاء شعب يتعلق بمستقبله بعد انتهاء الحقبة الاستعمارية". يأتي ذلك في الوقت الذي عبر فيه الاتحاد الإفريقي أمس عن أمله في أن تستأنف المفاوضات بين المغرب وجبهة البوليزاريو في أقرب وقت ممكن بعد أن لاحظ "عدم تسجيل أي تقدم" في تسوية هذا النزاع. وجاء في التقرير الذي أعده رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي جان بنغ والمطروح للمصادقة عليه من طرف المجلس التنفيذي وندوة رؤساء الدول والحكومات بالعاصمة الإثيوبية اديسا بابا بأن "الاتحاد الإفريقي يأمل بشدة أن تستأنف فورا المفاوضات بين الطرفين" معتبرا أنه خلال الأشهر الست الأخيرة "لم يسجل أي تقدم في تسوية النزاع بالصحراء الغربية". وأضاف التقرير أنه "لا يجب أن تشكل المفاوضات مجددا مثالا آخر لفرصة ضائعة بل أن تبدي عزما على رفع التحدي في التوصل إلى نتيجة منسجمة مع المعايير القانونية الدولية".