* email * facebook * twitter * linkedin أكد الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية، رشيد بلدهان أول أمس، بدار السلام التنزانية أن الجزائر ما فتئت تدعو شركاء إفريقيا للإصغاء إلى الأفارقة وأن "يدرجوا مبادراتهم ضمن مواصلة الجهود الإفريقية" وليس "استبدالها"، مشيرا إلى أن "محاولات إقصاء الاتحاد الإفريقي من مسارات البحث عن حلول للمشاكل الإفريقية تشكل عائقا أمام مبدأ التعاون المكرس في ميثاق الأممالمتحدة". وأوضح بلدهان أن هذا الإقصاء لا يمكنه سوى أن يبعد آفاق تسوية الأزمات لاسيما بسبب تجاهل الحركية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية الخاصة بإفريقيا وكذا القراءة المتحيزة للتحديات الحقيقية والأسباب العميقة لعودة ظهور النزاعات والأزمات في إفريقيا. وفي مداخلته خلال أشغال الاجتماع الوزاري الثامن عشر "إفريقيا-الدول الاسكندنافية"، حول موضوع "ترقية السلم والأمن تجاه التهديدات المحلية والعالمية"، أعرب السيد بلدهان عن رضاه لتسجيل موضوع السلم والأمن في أشغال هذا الاجتماع، من خلال التأكيد على وجه الخصوص على ضرورة رد مشترك على التحديات الأمنية، مبرزا أن "هذه المقاربة المتكاملة والمدمجة كفيلة بإضفاء فعالية وجدوى أكثر على مسارات تسوية الأزمات، حيث تسمح بتوحيد الأهداف خدمة لأجندة واحدة ألا وهي السلم والتنمية". وبعدما ذكر أن تغليب الحلول السياسية المتفاوض حولها وفضائل الحوار لا تحتاج إلى توضيح، جدد التأكيد على موقف الجزائر الداعي "على الدوام إلى تسوية سياسية قائمة على الحوار الشامل والمصالحة سواء في مالي أو ليبيا وهما بلدان مجاوران وشقيقان، يشكل أمنهما ووحدتهما وسلامتهما الترابية أولوية للعمل الخارجي للجزائر. وبعدما أبرز المكتسبات "الهامة" التي حققتها إفريقيا في مجال الوقاية وإدارة وتسوية النزاعات والخلافات، أشار إلى أن "الأزمات والنزاعات لا تزال عائقا أمام جهود تنمية بعض الدول الإفريقية". وتابع بالقول "وزيادة على ذلك، لم تتمكن إفريقيا أبدا من فض التهديدات الأمنية التي يشكلها الإرهاب والتطرف العنيف لاسيما في منطقة الساحل الصحراوي والجريمة المنظمة العابرة للأوطان والاتجار بالمخدرات والأسلحة والبشر وكذا التحديات العالمية على غرار التغيرات المناخية وتدفق المهاجرين غير الشرعيين". وعلاوة على ضعف الوسائل ونقص القدرات، يرى المتحدث "أن هذه الحقيقة مرتبطة في جزء منها بمضاعفة المبادرات التي تخص إفريقيا دون إشراك الدول الإفريقية ومنظمات القارة وبخاصة الاتحاد الإفريقي. وكذا التدخلات المختلفة التي نلاحظها مع الأسف باستمرار في مختلف المناطق الإفريقية". وفي هذا الصدد، أوضح أن الأثر الذي يخلفه غياب الأمن والاستقرار على تنمية بلدان إفريقية معينة "يستلزم منا مضاعفة الجهود"، من أجل تكريس مقاربة التكامل هذه التي تراعي الأهداف الأمنية والتنموية. «كما يتوجب على إفريقيا العمل وبذل الجهود في مجال ترسيخ الممارسات الديمقراطية وحماية حقوق الإنسان وترقية الحكم الراشد، من أجل دعم جهود التنمية البشرية والاجتماعية والاقتصادية بشكل فعّال في إطار خلق مجتمعات إفريقية مزدهرة تحظى فيها كل الشرائح بمكانتها التي تليق بها، لاسيما الشباب والنساء". الجزائر هي من بادرت بوضع آليات إقليمية فعالة وعلى غرار مناطق أخرى من العالم، أكد السيد بلدهان أن إفريقيا التي عرفت أزمات عديدة وتواصل مواجهة مختلف التحديات الأمنية اليوم، بما يثقل كاهل ميزانياتها ويعكر استقرارها ويرهن جهودها في مجال التنمية، قد جعلت من ترقية السلم والأمن أولوية قارية، تجلت بشكل واضح في مختلف الآليات التي وضعها الاتحاد الإفريقي في إطار هندسة السلم والأمن. وأوضح أن إفريقيا قد أبانت عن قدراتها في مجال السلم والأمن، لاسيما من خلال خارطة الطريق الطموحة التي تهدف إلى "إسكات دوي الأسلحة في إفريقيا بحلول 2020". وأيضا من خلال مختلف التمرينات العسكرية من أجل تأهب قوتها الجاهزة وقدرتها على الرد الفوري على الأزمات. وفضلا عن هذه المبادرات الهامة، يساهم الاتحاد الإفريقي في تسوية النزاعات في إفريقيا في إطار الفصل الثامن من ميثاق الأممالمتحدة حول التعاون مع التنظيمات الإقليمية فلا طالما كان الاتحاد الإفريقي في ريادة مسارات تسوية النزاعات، حيث قدم إسهام معتبرا. وأشار السيد بلدهان في هذا الشأن إلى جهود الجزائر التي بادرت بوضع آليات شبه إقليمية ناجعة، لاسيما لجنة الأركان العملياتية المشتركة ووحدة الدمج والاتصال، فضلا عن مشاركة الجزائر بعزم وفعالية في مسار نواكشوط. كما شاركت الجزائر في عمليات دعم السلام في إفريقيا بضمانها للنقل الاستراتيجي لقوات بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال (أميسوم) في إطار البلدان المزودة بقوات. وتقدم الجزائر كذلك دعما كبيرا لمسار تفعيل القوة الاحتياطية التابعة للاتحاد الإفريقي والقوة الإفريقية للاستجابة الفورية للأزمات من خلال النقل وتأطير تفعيلها. وأعرب المسؤول عن قناعته بأن "العلاقة بين السلم والأمن والتنمية علاقة وثيقة ومتلازمة، فلا يمكن تحقيق التنمية بدون أمن كما لا يمكن تحقيق الأمن بدون تنمية".