دوت قاعة المسرح الوطني أول أمس، بصوت شاعر المقاومة أحمد فؤاد نجم، الذي ألهب الجمهور حماسة ووطنية دون ان يتخلى عن روحه الخفيفة وتعليقاته النارية التي لا تستثني أحدا، بقي كما هو عاشقا للحرية وللشعب العربي لا يسكن ولا يهدأ عندما يتعلق الأمر بالسياسة وبالحب على الرغم من تجاوزه الثمانين عاما التي لم تنل سوى من جسده النحيف. في إطار تظاهرة "القدس عاصمة الثقافة العربية" لسنة 2009 ومساندة لغزة الصامدة استضاف منتدى صدى الأقلام ضمن موعده الأسبوعي المصادف ليوم الأحد 1 فيفري، الشاعر المصري المعروف أحمد فؤاد نجم، الذي أعطى للشعر الشعبي قوة الفصيح وجعله يتنفس القضايا العربية، ويكون جبهة مفتوحة للمقاومة واستطاع هذا الشاعر العملاق أن يجعل اسمه حاضرا كلما حضرت هذه المعاني والمناسبات الوطنية. فور دخوله القاعة تحت التصفيقات الحارة أهدي برنوسا جزائريا أصيلا سرعان ما وضعه على كتفيه الهزيلين، ثم قرأ السيد بن براهم فتح النور، المكلف بالأعلام في بالمسرح الوطني، رسالة بعث بها السيد مراد السوداني، رئيس بيت الشعر الفلسطيني، ومما جاء فيها ان الجزائر كانت دوما منحازة لفلسطين والجزائر بالنسبة لفلسطين أقرب من القدس الى أسوارها ومن بغداد الى نهرها، وأضاف أن بلاده ستنتصر عما قريب وبعد عودة الأمة الى الحضور، مؤكدا أن الثقافة هي خط المواجهة الأول والأخير. قبل ن يشرع في القراءة أصر الشاعر نجم على حضور وصعود صديقه الوفي الطاهر بن عيشة المنصة ليتبادلا الأحضان ليقرأ بعدها قصيدة يقول مطلعها: »ياصيادين العرب يمامة بنية والله زمان يا طرب يا وحدة عربية«. وتتناول القصيدة الأوضاع المزرية للأمة العربية وما آلت إليه من تفكك. ثم خاطب نجم المناضلة الكبيرة جميلة بوحيرد بأم إلياس ومريم والتي كانت تجلس مع الجمهور وقال لها »إن يوم محاكمتك وأنت في السجن، أطلق المصريون حينها اسمك على 20 ألف مولودة«..ثم أهداها قصيدة لها وللشهيدة سناء محيدلي تقول: »ورق، ورق، ورق أفكار ورق أشعار ورق شعارات ورق، ثوار ورق ورق حكام ورق آه يا وطني على الورق الحلم فيك على الورق حلمك مستحيل حتى على الورق«. وحسبه فإن كل الشعارات والمبادئ وغيرها »ورق«، والحقيقة الوحيدة المجسدة هي النضال والاستشهاد كما جميلة وسناء. ثم قرأ الشاعر توفيق ومان، رئيس رابطة الأدب الشعبي، قصيدة بكى فيها غزة وهاجم فيها المتواطئين عليها، أكمل بعدها نجم قراءاته واختار قصيدته عن الراحل جمال عبد الناصر الذي عاش في عهده في العديد من السجون وقال أن عبد الناصر صرح قبل ساعة من وفاته أنه إذا أمد الله في عمره فسوف لن يطلق سراح أحمد نجم، إلا أن نجم ورغم خلافه مع الراحل عبد الناصر يقدر له وطنيته واخلاصه لشعبه وأمته وقد كتب هذه القصيدة وهو يزور ضريحه بالقاهرة، حيث وصف الضريح ليصل الى وصف الرجل »الصعيدي الحر« الذي وهب حياته لشعبه ولم يطأطئ رأسه للعدو. كعادته في كل مناسبة لم يفوت نجم الفرصة للتهجم على الراحل السادات الذي لايزال يكن له البغضاء والشحناء التي لم تظهر منه لأحد مثلما ظهرت للسادات وهجاه بقصيدة »دعاء الكروان« التي يتحدث فيها عن معاهدة »كامب دايفيد« وكيف أنها أوقعت الأمة في الوحل. وطبعا لايمكن للشاعر أحمد فؤاد نجم ان يحضر للجزائر ولا يقرأ قصيدته »ياعبد الودود« التي يطلبها جمهوره الجزائري دوما وبإلحاح وهي ترصد جوانب من هزيمة 67 ومن آثار معاهدة كامب ديفيد. يصل الشاعر بالجمهور الى الراهن ليقرأ قصيدة بعنوان »يامصر يامدهشة« ويقول فيها أن »مصر الآن في الانعاش« وينتظر أن تنهض من سباتها لتعود الى مكانتها بين العرب. ثم يقرأ وبطلب من الجمهور قصيدة »مبروك ياريس« وهي كالعادة قصيدة هزلية تجمع بين صور البذخ والفرفشة وبين صور الألم والموت إذ يروي حادثة العبّارة التي توفي على اثر غرقها 1500 مصري. وقرأ أيضا »بيان أمني« وهي قصيدة كانت تزعج بعض الزعماء العرب وقد كتبت في السبعينيات. كما قرأ »صباح الخير على الورد اللي فتح في مصر« وهي خاصة بالمظاهرات المقامة في مصر لنصرة غزة وفيما خاطب مصر وكأنها امرأة لاتكف عن الولادة وتنشئة الأجيال بحس إنساني راق جدا وجادٍ استوقف الحضور طويلا. كما قرأ قصيدة يتهجم فيها على الحكام العرب يقول مطلعها »يا اللي فتحت البتاع فتحك على مقفول«. ثم عرض بالمناسبة شريط يظهر نجم يقرأ أشعاره بالجزائر في منتصف الثمانينيات. الشاعر نجم أصر بالمناسبة على سماع الأصوات الشعرية الجزائريةالشابة وحياها كما حيا زوجته السابقة السيدة صونيا التي كانت في الصفوف الأمامية للإستمتاع بفنه الراقي.