* email * facebook * twitter * linkedin أكد الخبير في القانون الدستوري عمار رخيلة، في تصريح ل«المساء" أمس، أن من بين الأولويات الكبرى التي يتعين على الرئيس المنتخب عبد المجيد تبون، القيام بها فتح ورشة تعديل الدستور التي سيتم خلالها إعادة النظر في صيغة النظام الحالي شرحبت الطبقة السياسية في الجزائر في عمومها، بالدعوة إلى الحوار التي أعلن عنها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، غير أن سقف مطالبها تباين بين المبارك للمبادرة بدون شروط، مثلما هو الأمر بالنسبة للأرندي والأفلان وحتى بعض المترشحين للرئاسيات كعبد القادر بن قرينة، وبين من ساق مطالب موضوعية اعتبرها أساسية لنجاح الحوار، مثلما هو الامر بالنسبة لحركة مجتمع السلم ومنتدى التغيير، فيما اشترطت أطراف أخرى، على غرار القطب الديمقراطي لقبول الجلوس إلى طاولة الحوار مع السلطة مبدأ "التفاوض" بدلا من التشاور. جاءت استجابة الأحزاب السياسية متباينة في ردها على فكرة الحوار واليد الممدودة التي بادر به بالإعلان عنها رئيس الجمهورية المنتخب، في أول ظهور إعلامي له، حيث باركت بعض الأحزاب والشخصيات التي انخرطت في دعم المسار الدستوري عبر الانتخابات المبادرة التي صدرت عن الرئيس واعتبرتها مؤشر خير وخطوة مصالحة حقيقة لترميم الفجوات التي خلفتها المرحلة الماضية. على هذا الأساس، ثمنت أغلبية الأحزاب التقليدية المنتمية للتيار الوطني مثل حزب جبهة التحرير الوطني "أفلان" والتجمع الوطني الديمقراطي "أرندي" وحركة البناء الوطني التي يرأسها المترشح السابق للرئاسيات عبد القادر بن قرينة، نجاح المسار الانتخابي في الجزائر، معتبرة دعوة الحوار التي أطلقها الرئيس "بادرة خير". وقال عبد القادر بن قرينة في هذا الإطار إن "الجزائر مرت بتجارب كبرى.. نستخلص منها جميعا الدروس المهمة"، قبل أن يضيف بأن "تلك التجارب هي الجسر الذي نبني عليه مستقبلا أفضل من خلال الحوار الواسع والتجديد الحقيقي لمؤسسات الجمهورية على أسس الاختيار الحر للمواطنين والرؤية الواضحة لاحتياجات البلاد ومصالحها الاستراتيجية وقدرتها على مواجهة التحديات المحيطة والمخاطر المحدقة بنا والأجندات المتربصة بمستقبل شعبنا". في السياق ذاته، يرى المترشح السابق للرئاسيات والأمين العام بالنيابة للأرندي، عز الدين ميهوبي، أن الحوار هو خطوة هامة ل«تجاوز تراكمات المرحلة الماضية بكل ما تضمنته من مشاكل وإخفاقات"، مبديا أمله في أن ترقى المبادرات إلى مستوى يليق بحجم التحديات المطروحة على الساحة الوطنية في مجالات عدة. من جهته، أثنى حزب جبهة التحرير الوطني على "الحكمة والحنكة التي يتمتع بها الرئيس المنتخب"، مثمنا جنوحه للحوار "الذي يعد الفعل الحضاري المطلوب لإخراج البلاد من الازمة و تطهيرها من آفة الفساد". والمميز في ردود فعل الفريق الأول المرحب بالحوار، عدم تقديمه لأية شروط من أجل الجلوس إلى طاولة الحوار، تاركا المبادرة للجهة التي تشرف على تنظيمه وهي رئاسة الجمهورية للكشف عن محتوياته. كما ثمنت تشكيلات سياسية قاطعت الانتخابات الرئاسية المنصرمة، مبادرة الحوار بمجرد الإعلان عنها من قبل رئيس الجمهورية، الذي يسعى إلى مد جسور التواصل والتشاور مع الطبقة السياسية حول عدة ملفات حساسة. ومن هذه التشكيلات حركة مجتمع السلم، التي أشادت بالمبادرة من حيث الشكل، حيث صنفت خطاب عيد المجيد تبون ب«الجامع والمخفف للتوتر"، قبل ان تنتقل إلى ضبط مفهومها للحوار وتحديد تصورها له، من خلال دعوتها ل«جعل هذا الحوار شفافا وجادا ومسؤولا وصادقا وذا مصداقية لتصحيح الأخطاء وتحقيق التوافق الشامل حول رؤية وآليات وممارسات تجمع شمل الجزائريين وتجسد الإرادة الشعبية وتنجز التنمية الاقتصادية وتصون السيادة الوطنية وتضمن مستقبلا زاهرا للجزائريين في حاضرهم ولأجيالهم المستقبلية". وطرحت"حمس" جملة من الشروط من أجل إثبات حسن النية في الإصلاحات الدستورية والقانونية ونجاح الحوار، أهمها "حماية الحريات الفردية والجماعية وتحرير وسائل الإعلام من الضغط والتوجيه، وضمان الحرية التامة للعدالة، وإطلاق سراح مساجين الرأي ومعتقلي الحراك الشعبي ورفع القيد والتضييق على المجتمع المدني غير الموالي، ومكافحة شبكات الرشوة والابتزاز المالي التي بدأت تعيد بناء نفسها ضمن التوازنات الجديدة، واستمرار محاربة الفساد بلا تمييز ولا هوادة، والابتعاد عن التخوين والتسفيه والتآمر في حق المخالفين السياسيين السلميين من شخصيات وأحزاب"، مذكرة بمبادرة التوافق الوطني التي أطلقتها الحركة في جويلية 2018، حيث اعتبرت الحوار القادم فرصة لتطويرها وفق التحولات الجديدة، بما يحقق التصالح الوطني ويلم الشمل ويسمح بصناعة بيئة سياسية مطمئنة للجميع، وحاشدة لكل القدرات الوطنية وتجاوز خصومات الماضي". المنتدى المدني للتغير الذي كان من بين التيارات البارزة في الحوار الذي أدارته هيئة كريم يونس، رحب بدوره بالحوار الذي دعا إليه رئيس الجمهورية، مبديا استعداده للمشاركة واعتبره استمرارا لمسار التغيير وفتح الحوار الوطني مع الحراك وفعاليات المجتمع المدني والسياسي وفق خريطة طريق توافقية تخدم مصلحة الوطن، غير أنه اشترط من أجل نجاح هذا الحوار تسبيقه بتدابير التهدئة والثقة تتجسد حسبه، ب«إطلاق سراح المعتقلين ورفع القيود على الحراك وتحرير صوت الاعلام". ونوه المنتدى بإعطاء الشباب والمجتمع المدني فرصة أكبر للانخراط في الحوكمة والعمل السياسي، مبديا دعمه ل«مسعى و قرارات الاصلاحات الدستورية والقانونية لجزائر جديدة تعزز فيها الحريات الجماعية والفردية ويتم فيها الفصل بين السلطات وتكريس الديمقراطية حقيقية التي تحترم فيها حقوق الانسان". على عكس الأطراف المذكورة، رفع القطب الديمقراطي من سقف مطالبه لقبول الحوار، بشكل يجعله في مرتبة "المفاوض وليس المحاور"، حيث أعلن حزب جبهة القوى الاشتراكية مثلا، في بيان لممثله بالقطب الديمقراطي، علي العسكري، أنه يريد أن يكون هناك "التبني المشترك لجدول الأعمال واختيار المشاركين" وهو ما لم تطالب به التشكيلات الأخرى.. كما طالب القطب الديمقراطي، ب«اعتماد بالإجماع برنامج الخروج من الأزمة، والتزام الأطراف فيه بتنفيذه في المواعيد المحددة، ليبقى الأمر الوحيد الذي اشترك فيه مع بقية الاحزاب المرحبة بالحوار هو تهيئة الجو من خلال اعتماد إجراءات تهدئة مواتية للتشاور والحوار، لاسيما اطلاق سراح سجناء الراي واحترام حرية التعبير والتظاهر والاجتماع. كما عبر رئيس حزب جيل جديد، جيلالي سفيان، ولو ضمنيا، عن قبوله للحوار، بعد أن يتم تحقيق الشروط المتصلة بالتهدئة، في حين تأخر موقف حزب طلائع الحريات من فكرة الحوار، حيث لم يعلق بعد عليها، ويكون قد أرجأ تقديم رده إلى موعد عقد اجتماع هياكله السياسية والذي سبق لبن فليس لأن لمح بأنه سيتضمن قرارات هامة تحدد المسار الذي سينتهجه الحزب مستقبلا، وهو ما فهمته بعض الأطراف على أنه تلميح إلى إمكانية اعلان بن فليس الانسحاب من الحياة السياسية.