* email * facebook * twitter * linkedin نظمت جمعية "الرحمة لمساعدة مرضى السرطان" بالمركز الإسلامي لمدينة بومرداس مؤخرا، يوما إعلاميا دراسيا حول سرطان البروستات، بحضور مختصين في الأمراض السرطانية وجراحة المسالك البولية من عدة ولايات، تم خلاله التأكيد على أهمية التوعية لكبح انتشار هذا الداء، لاسيما من خلال تنظيم حملات للكشف المبكر. تسجل الجزائر بين 5 و6 آلاف حالة إصابة جديدة سنويا بسرطان البروستات، الذي يأتي في المرتبة الثانية من حيث عدد الإصابات بالسرطان لدى الرجال، والمرتبة الأولى عند الرجال فوق 50 سنة، مما يجعل المختصين يؤكدون على أهمية حملات التشخيص المبكر، خاصة أن التشخيص مرادف للعلاج والشفاء، حسبما يوضحه البروفسور محمد لوكال، من المستشفى الجامعي "يسعد حساني" ببني مسوس ل«المساء"، على هامش اللقاء، مؤكدا أن حملات التحسيس والكشف المبكر ليس هدفها تخويف الناس من خطر الإصابة، إنما زيادة الوعي بخطورة الإصابة وإمكانية العلاج والشفاء، إذا تم التشخيص المبكر. ثمن المختص الحملات التي تجرى ببعض الولايات بعد تلك التي سجلت في ولاية بومرداس خلال عام 2017، لأول مرة على المستوى الوطني، معتبرا أن استمرارية هذه الحملات يعني غرس مزيد من الوعي المجتمعي حول كل الأمراض، وليس فقط السرطان، متحدثا عن إشكالية الحشمة التي اعتبرها "ظاهرة مجتمعية" لا تخص الفحص الموضعي للبروستات عند الرجال فقط، إنما تمس فحوصات أخرى، مما جعله يؤكد على عدم اليأس والفشل في مجال التوعية والتحسيس. في هذا السياق، قال من جهته الدكتور فادي أمين بتشيني، المختص في جراحة الكلى والمسالك البولية، إن حملة تشخيص ثانية ستنظم على مستوى ولاية بومرداس خلال الثلاثي الأول من العام المقبل، مشيرا إلى أن حملة 2017، سمحت بتشخيص 207 رجال منهم 23 مريضا خضعوا لفحص الخزع (بيوبسي)، مما يعني 11٪ من التشخيص، وهي نسبة اعتبرها كبيرة وسط أشخاص تقدموا وهم في صحة جيدة ودون أية أعراض، وبعد التشخيص وجدت لديهم شبهة إصابة، وحالتان اثنتان توفيتا بهذا الداء، قال بشأنهما المختص، إنه تم اكتشاف الداء لديهما في حالة متقدمة من الإصابة، مما جعله يصف هذا الداء بالصامت، كونه دون أية أعراض. شرح ذلك بقوله، إن بقية أنواع السرطان كثيرا ما تكون مصحوبة بالألم، عكس سرطان البروستات تماما "لذلك فإن حملات التشخيص المبكر تبقى حجر الزاوية"، يقول محدثنا مؤكدا كذلك على أهمية تنظيم أيام دراسية مماثلة لجلب انتباه الوصاية، أي وزارة الصحة، لتنظيم حملات التشخيص المبكر بشكل دوري، متحدثا عن إدراج التشخيص حول سرطان البروستات ضمن المخطط الوطني لمكافحة السرطان 2015-2019، في ثالث مرتبة بعد سرطان القولون والثدي. كما وجه المختص نداء لكل الرجال الذين يتعدى سنهم 50 سنة، للتوجه من أجل إجراء فحص مبكر. تحدث أيضا كل من الدكتور نسيم العسكري وعبد الكريم بوالعتروس، المختصين في طب المسالك البولية بقسم جراحة المسالك البولية في المستشفى الجامعي "ابن رشد" بولاية عنابة، عن أهمية الوقاية بتكثيف العمل التحسيسي وحملات الكشف المبكر، لتطويق هذا الداء الذي ترتفع نسبة الشفاء منه كلما اكتشف مبكرا، شأنه في ذلك شأن كل أنواع السرطانات الأخرى، معتبرين أن الوقاية هنا تندرج ضمن برنامج تشخيص اعتمده المستشفى منذ عام 2013، بتنظيم حملة تشخيص وسط مدينة عنابة، حيث تم فحص 476 رجلا، منهم 120 رجلا قبلوا الخضوع لإجراء تحاليل معمقة، منهم 105 فحصوا على مستوى المصلحة الذكورة، يقول الدكتور العسكري، متحدثا عن خضوع 22 رجلا للخزع، أي فحص نسيج من الجسد أو (بيوبسي). مما جعل الدكتور يؤكد على أهمية إعلام المجتمع عن أهمية التشخيص المبكر، متحدثا في هذا الصدد، على دور الإعلام التقليدي والإعلام البديل من مواقع التواصل الاجتماعي في إذكاء الوعي المجتمعي حول الصحة بشكل عام، والتشخيص المبكر بشكل خاص. بينما اعتبر الدكتور بوالعتروس أنه من المهم جدا التنسيق بين مختلف الفاعلين في الحقل الصحي، حفاظا على الصحة العمومية، قائلا؛ ليس كل الأطباء العامين يوجهون مرضاهم الرجال، خاصة فوق 50 سنة، لإجراء فحص البروستات أو فحص المستقيم، وهو فحص مهم جدا للوقاية من سرطان البروستات، متحدثا عن مساهمة مستشفى "ابن رشد" في إجراء دورات تكوينية لأزيد من 100 طبيب عام خلال عامي 2013 و2014، إضافة إلى برنامج تكويني لطلبة الطب غير المتخرجين، يخص إجراء تكوين تطبيقي خاص حول فحص المستقيم، وقد مس إلى حد الآن أكثر من 600 طالب طب، وهو مستمر للوقاية من سرطان البروستات. نذكر أخيرا أن المعطيات تشير إلى تسجيل سنة 2008؛ ل12 حالة إصابة سرطان البروستات في كل 100 ألف ساكن، ليتضاعف العدد خلال 2017، ويصل إلى 27 حالة في كل 100 ألف ساكن، حسب سجل السرطان لولاية الجزائر، مما يؤكد خطورة استفحال الداء، خاصة إذا علمنا أن عوامل الإصابة تعود بالأساس للوراثة والنمط المعيشي الخاطئ، لاسيما الأكل المشبع بالدهون والإفراط في تناول اللحوم الحمراء. كما نشير إلى التفاعل المسجل من طرف مواطني ولاية بومرداس مع حملة التشخيص المبكر، حيث تقدم عدد من الرجال، خاصة فوق 50 سنة، للتسجيل من أجل إجراء فحص مبكر، منهم من أكد أن التخوف من أمر اكتشاف المرض الخبيث، جعلهم يتوانون عن التشخيص المبكر من قبل، مثلما قال مواطن في 69 سنة من عمره، قبل أن يؤكد أن الوقاية تبقى دائما خير علاج، خاصة مع تطور الطب الحديث وإمكانية الشفاء، بينما تحدث مواطن آخر في 64 سنة من عمره، وهو مصاب بسرطان البروستات، أن الداء مرهق كثيرا، وما يرهق أكثر؛ تباعد المواعيد بالمستشفيات من أجل العلاج في المستشفيات العمومية، وغلاء الفحوصات المتخصصة لدى القطاع الخاص. معتبرا العلاج في الجزائر "جيد جدا ونحن لا ننكر ذلك.. لكنه وحده لا يكفي، فبعض الأطباء متهاونون"، يقول محدثنا ويشرح ذلك بتجربته الخاصة، عندما قال إنه أجرى فحوصات كثيرة بعد أن لاحظ كثرة تبوله وكثرة إحساسه بالعطش، رغم شرب الكثير من السوائل، لكن لم تكتشف إصابته بسرطان البروستات إلا في مرحلته المتقدمة، مؤكدا أنه لم يطلب منه قط إجراء فحص المستقيم..