الانتماء قضيّة ثقافيّة وليست جغرافيّةندّد الباحث والمؤرخ السوري محمد قجة بسياسة التفريق على أساس طائفي التي تعرف أوجّها في بعض الدول وفي مقدّمتها العراق، مؤكّدا في السياق نفسه أنّ دولا كثيرة ارتقت إلى مصاف البلدان المتطوّرة، تتعايش فيها الكثير من القوميات كالولايات المتحدةالأمريكية وسويسرا وإسبانيا ومع ذلك تعيش استقرارا كبيرا وترفض رفضا قاطعا أيّ حركة كانت تهدف إلى تحقيق الإنفصال عن الدولة الأم· وأضاف الأمين العام لتظاهرة "حلب عاصمة الثقافة الإسلامية" ورئيس مجلس إدارة جمعية العاديات السورية، الباحث والمؤرخ السوري محمد قجة في المحاضرة التي قدمّها أوّل أمس بالمدرسة العليا للأساتذة أنّ الانتماء بالأساس هو الانتماء الثقافي وليس الجغرافي أو المتعلّق بالأواصر الدموية، مؤكّدا أنّ العرب في السابق كانوا يؤكّدون على انتمائهم للحضارة الإسلامية رافضين بذلك أي تمييز فيما بينهم· واعتبر الأستاذ أنّ العرب هيمنوا على العالم مدّة ألف سنة تحت لواء احترام الديانات الأخرى، فلم يطبّقوا سياسة إقصاء الطرف الآخر أو إجبار السكان الأصليين على تغيير ديانتهم بل على العكس ، حموا الأقليات التي عاشت في سلام وأمان مقدما في هذا الإطار، إسبانيا التي بقي فيها المسلمين 800 سنة ولم يجبروا السكان على اعتناق الإسلام بينما عند سقوط غرناطة سنة 1492م، وضع المسلمون أمام خيارين، إمّا اعتناق المسيحية أو القتل· وتنقّل الأستاذ إلى مفهوم الاستعمار الجديد، الذي حسبه هو استمرار لحروب الفرنجة ضد المسلمين في القرون الوسطى، رغم أنّه أصبح ينتهج أساليبا مختلفة معتمدا على استنزاف ثروات الدول الضعيفة من بعيد وبراحة تامة، مضيفا أنّ المسلمين حرّروا إفريقيا من الاحتلال الروماني البيزنطي ولم يستعمروها مثل ما يردّده المؤرّخون الغربيون· وفي هذا السياق ذكر المتحدث، المستشرق البريطاني تويمبي عندما قال أنّ انتصار المسلمين على الرومان في معركة اليرموك سنة 636 م فتحت باب انتصارات المسلمين خارج جزيرة العرب، وهو انتصار المسلمين على العالم الأوروبي برمّته، وتناول أيضا مثالا آخر حول استمرار حروب الفرنجة وهو دوس الجنرال هورو لقبر صلاح الدين الأيوبي عند احتلال فرنسا لسوريا وقوله "لقد انتهت الحروب الصليبية"· وتحدّث قجة أيضا عن الأهداف من تنظيم تظاهرتيّ "عاصمة الثقافة العربية" و"عاصمة الثقافة الإسلامية"، فقال أنّ الهدف من التظاهرة الأولى هو تشجيع التبادل الثقافي بين الدول العربية والمحافظة على التراث الثقافي في زمن العولمة وكذا طبع وإعادة طبع الكتب، أمّا أسباب تنظيم التظاهرة الثانية فيعود إلى توضيح الجوانب المشرقة للحضارة الإسلامية بشكل منهجي ومعرفي وعلمي وذلك لمواجهة الاتهامات الباطلة لحضارتنا من طرف إعلام غربي مغرض وستكون تلمسان عاصمة للثقافة الإسلامية سنة 2011· بالمقابل تطرّق الباحث السوري إلى الأمير عبد القادر فقال أنّه أنجز دراسة عنه كشاعر، واستنتج أنّ الأمير لا يمكن التطرّق إليه بشكل إنفرادي لأنّه يمثّل رمز الحركة الوطنية وأنه في أعماله الأدبية لم يناد بإقصاء الطرف الآخر بل كان يقول أنّ الجزائر يجب أن تبقى حضارتها عربية إسلامية مدركا بذلك أنّ الإستعمار الفرنسي هو استمرار لحروب الفرنجة، وفي الأخير أكّد الأستاذ قجة بضرورة أن تكون العلاقات بين العرب والغرب قائمة على الإحترام المتبادل وأن تكون وفق سياسة الندية وليس الدونية·