يعتبر الدكتور محمد قجة من أهمّ الباحثين والدارسين للتاريخ العربي والإسلامي المجيد، وهو أيضا مفكّر وشاعر وأديب ورئيس مجلس إدارة جمعية "العاديات"، والأمين العام لتظاهرة "حلب عاصمة الثقافة الإسلامية 2006 "، من بين مطبوعاته من الكتب والدراسات "الظاهر بيبرس"،"طارق ابن زياد"،"معركة المنصورة"،"محطات أندلسية"،"الحياة الفكرية في حلب في العهد الأيوبي" و"المتنبي في حلب"··· "المساء" التقت بالدكتور محمد قجة وأجرت معه هذا الحوار··· - كيف يمكن لنا أن نستفيد من الماضي لنعيش الحاضر ونستشرف المستقبل؟ * هناك مقولة هامة جدا، هي أنّنا "لا نقرأ التاريخ لكي نعيش فيه ونعود إليه، وإنّما نستفيد من تجاربه لكي نفسّر الحاضر ونرى آفاق المستقبل"، وهذه المقولة قالها ابن خلدون المؤرّخ المسلم العظيم، وفي التاريخ تجارب يقوم بها البشر وبالتالي لا بدّ من الاستفادة منها، وفي الكثير من الأحيان تصدق المقولة التي تقول" التاريخ يعيد نفسه"، ولكن ليس بنفس الصورة وإنّما بصور مختلفة، ويخطئ كثيرا الشعب الذي يدير ظهره لتاريخه ويظن أنّ الحياة هي لحظة الحاضر فقط· - حدّثنا عن بعض النوادر التي تناولتها في كتبك الكثيرة؟ * تناولت شخصيات تتعلّق بالأندلس أو تتعلّق بمرحلة الحروب الصليبية في المشرق، والشخصيات الطريفة التي تحدّثت عنها في كتبي "شجرة الدّر"، الملكة العظيمة التي استطاعت مع مجموعة من الفرسان وفي طليعتهم بيبرس، إيقاف الزحف الصليبي في "معركة المنصورة" سنة 1250، ومن طرائف الأمور بالنسبة لهذه الملكة وذكائها الّلماح، أنه حينما توفي زوجها الصالح أيوب آخر ملوك الأيوبيين، أبقت الأمر مكتوما عدّة أيام حتى لا يسبّب الأمر فوضى في الجيش، فكانت فعلا مثال المرأة المسلمة المنفتحة المستنيرة، في كتاباتي أيضا شخصية تعجبني جدّا هي شخصية المنصور الأندلسي محمد بن أبي عامر الذي استطاع أن يعيد بناء الدولة وأن يحقّق لها قوة كبيرة، طبعا كتبت عن شخصيات مهمة أيضا خارج نطاق الموضوع كشخصية المتنبي· -وما سرّ تعلّقك الكبير جدا بالمتنبي؟ * من المعروف أن أهم فترة في حياة المتنبي كانت في مدينة حلب، عشر سنوات كاملة، فقمت بتحقيق موضع البيت الذي كان يسكن فيه المتنبي واتّخذنا قرارا على مستوى عال بتحويل المكان إلى متحف، لذلك نقوم الآن بتحويله إلى متحف وكان هذا في سياق احتفالنا بحلب عاصمة الثقافة الإسلامية· المتنبي - ليس برأيي فقط، بل برأي جميع النقاد الذين يحبونه أو لا يحبونه - أعظم شاعر في تاريخ اللغة العربية، يجسّد هذه الشخصية الطموحة العظيمة التي تأبى الذلّ والتي تكون مستعدة لفعل أي شيء في سبيل المحافظة على كرامتها، وفي محاضرتي التي ألقيتها في جامعتيّ الجزائر والمدية، اصطحبت معي قصيدة أنا كتبتها عنوانها "رسالة من المتنبي إلى الأمير عبد القادر "، هي عبارة عن كلمات محبة من سوريا بلاد الشام إلى الجزائر من خلال هذه الأبيات· - ··· والأمير عبد القادر؟ * أنظر إلى الأمير عبد القادر كرمز، ليس فقط كشخص مرّ بالتاريخ، حينما نقول أنّ فلانا من الناس رمز، معنى ذلك أنه يحمل قيّما أصبحت ملكا للإنسانية·· هو الرجل الشجاع الذي رفض الاعتراف بالاحتلال الفرنسي، وبقي في الوقت نفسه الإنسان المسالم الذي لم يقم بعمليات ذبح وقتل ضد الجنود الذين أسرهم من الفرنسيين كما كان يفعل الفرنسيون في سياسة الأرض المحروقة، أي بقيت لديه المثل الإسلامية، ثالثا هو إنسان مفكّر وصاحب طريقة صوفية، هي الطريقة الأكبرية الممتدة إلى الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي، ورابعا هو شاعر، وكلّ هذه المنظومة من القيّم تجعل منه رمزا إنسانيا في مرحلة من المراحل، وحينما يتحدّث أي إنسان عن رمز وطني ورمز إنساني ورمز يحمل قيّما ومثلا، يتبادر إلى الذهن الأمير عبد القادر مباشرة· - وماذا عن دراساتك المتعلّقة بالشخصيات الأندلسية؟ * الأندلس كانت أطروحتي للدكتوراه، وكانت عن شخصية أندلسية هي "لسان الدين بن الخطيب" الوزير الكبير في مملكة غرناطة، ومن خلاله درست عدّة شخصيات مركّزا على الجانب الفكري، كابن رشد والشيخ محي الدين بن عربي وأثرهما في الفكر العالمي، من خلال التأثير في مسيرة عصر النهضة الأوروبية، حيث أدى فكر ابن رشد إلى ما نسميه التعددية التي انطلقت منها فيما بعد الأفكار الديمقراطية وعمّت العالم· - إذا كانت الثقافة بمثل هذه الأهمية، فلماذا يتجاهلها الحكام العرب؟ * هناك تقصير متبادل، المثقفون مقصّرون والحكّام كذلك، ولا شكّ أنّ إدراك أهمية الثقافة مفيد للجانبين، لأنّ الثقافة في نهاية المطاف هي التي تمثّل شخصية الأمّة، وبمقدار ما تنهار الجدران الثقافية تنهار معها الجدران السياسية والاقتصادية، من المؤسف أنّ الواقع العربي الثقافي ليس بالشكل المطلوب من حيث الإبداع والترجمة والبحث العلمي، دور الدولة هنا ودور السلطة والحكام هو الإعداد للقرار السياسي، التمويل الواسع، تهيئة الكفاءات البشرية والتعاون مع مراكز البحوث العالمية، وهذا كلّه يعود بالخير على أهل الثقافة والمثقفين· - ذكرت في محاضرتك بالجزائر، أنّ الانتماء قضية ثقافية وليست جغرافية، حدثنا عن ذلك؟ * هذا أمر بالغ الأهمية، فأنا الآن حينما أقول أنا عربي، هذا لا يعني أنّني سأفحص دمي وأجده ينتسب إلى قبيلة عربية فلانية، هذا معناه أن ثقافتي عربية، يعني حينما يقول الإنسان أنا مواطن أمريكي، هل معنى ذلك أن فصيلة دمه معينة؟ هناك في الولاياتالمتحدةالأمريكية أكثر من مائة جنسية مختلفة وأديان لها أول وليس لها آخر، ماذا يجمعهم؟·· "الثقافة·" - ولكن الولاياتالمتحدة دولة، أما العرب فيشكّلون أمة؟ * بالضبط، لذلك فنحن حينما نقول أنّ العرب يمكن أن يتّحدوا، ليس ذلك لتحقيق دولة واحدة، بل على الأقل اتحاد على طريقة الاتحاد الأوروبي، هم يشتركون في الثقافة يعني في لغة واحدة، في عادات، تقاليد، قيم، مثل ودين واحد، لذلك هذا كله يساعد على أن يكون بيننا شكل من التعاون على الأقل في الحد الأدنى، هنا يدخل الناس من الزاوية الخاطئة فيقولون أنّ العربي هو الذي جاء من شبه جزيرة العرب ويحمل دما ينتمي إلى القبيلة الفلانية وبالتالي تنشأ النعرات، هذا كردي وهذا أمازيغي وهذا تركي وهذا فارسي، هذا كلّه ليس له معنى، الانتماء أساسا ظاهرة ثقافية فكرية وليس على الإطلاق ظاهرة عرقية· - ما هو واقع حلب الآن وهي التي كانت إحدى أهمّ المناطق التاريخية الإسلامية؟ * تعتبر حلب من أهم مدن العالم الإسلامي من حيث احتفاظها بنسيج معماري كبير جدا وحجم ثقافي هائل في تاريخها، خاصة مرحلة سيف الدولة الحمداني والمرحلة الأيوبية، كما كانت حلب على الدوام مركزا هاما على طريق الحرير والتجارة الدولية، وتشكّل اليوم المركز الاقتصادي الأساسي في سوريا، لذلك تمّ اختيارها عام 2006 عاصمة للثقافة الإسلامية· - وكيف تقيّم تظاهرة "حلب عاصمة الثقافةالإسلامية سنة 2006 " * لقد كانت "حلب عاصمة الثقافة الإسلامية" لسنة 2006، تظاهرة كبيرة جدا، أقمنا خلالها حوالي 55 مؤتمرا دوليا عن مدينة حلب وعن الثقافة الإسلامية، طبعنا حوالي 200 كتاب جديد، نظّمنا حوالي 100 معرض رسم وأكثر من مائة حفل فني، وأصدرنا كتابا كبيرا اسمه "الكتاب الذهبي حلب عاصمة الثقافة الإسلامية" وثّقنا فيه كلّ الأعمال المنجزة، والمهم في الموضوع أنّنا قمنا بترميم بعض المباني الهامة، حوالي عشرين مبنى منها متحف المتنبي الذي سيفتتح خلال فترة قصيرة إن شاء الله· - اشتهرت حلب أكثر في عصر سيف الدولة الحمداني، حدّثنا عن ذلك؟ * هناك مؤرّخ اسمه الثعالبي صاحب كتاب "يتيمة الدهر"، يقول "إن من اجتمع في بلاط سيف الدولة، من أدباء ومفكرين وعلماء لم يجتمع من يماثله في بلاط أي خليفة أو سلطان"، وهم كلّهم من الأوائل، المتنبي الشاعر، الفارابي الفيلسوف، علماء اللّغة، ابن جنيه، ابن خلوي، أبو الطيب اللّغوي، أبو علي الفارسي، المنجمّون، الأطباء، الشعراء الكبار مثل أبو فراس الحمداني وآخرون، فهذا الجمع الهائل في فترة ربع قرن لم يتكرّر إلاّ في أيام سيف الدولة، لذلك نحن دائما نقول حلب هي مدينة سيف الدولة ولدينا حيّ كبير مثل مدينة صغيرة اسمه "الحمدانية " نسبة إلى مرحلة سيف الدولة الحمداني· - وتضمّ دمشق من جهتها قبر الفاتح العظيم صلاح الدين الأيوبي؟ * صلاح الدين الأيوبي بطل الحروب الصليبية مدفون في دمشق، ومن مفاخرنا في بلاد الشام أنّنا نضمّ رفات هذا البطل العظيم، وعندما دخلت القوات الفرنسية سوريا عام 1920، قام الجنرال "غورو" بركل قبر صلاح الدين الأيوبي قائلا "قم يا صلاح الدين، ها قد عدنا، الآن انتهت الحروب الصليبية"، وهذا دليل على أنّهم يحملون ذهنية الحروب الصليبية· - إذا كنا نخاف العولمة، فلماذا لا نكون نحن أصحاب عولمة نؤثّر بها على العالم؟ * نحن لا نريد أن نعولم الناس، نريد أن يعيش الناس باحترامهم لبعضهم، العولمة تختلف عن العالمية، العالمية بمعنى أن يكون الإنسان معروفا على مستوى العالم بالاحترام المتبادل والقبول المتبادل، أما العولمة فهي نوع من فرض نموذج معيّن لقوة معينة، سواء قوة سياسية، عسكرية، اقتصادية، ثقافية أو إعلامية، وهذا فقط ليس نحن الذين نرفضه بل كلّ الشعوب ترفضه، ترفض النموذج الأمريكي الفض الذي يريد أن يفرض نفسه، في الوقت نفسه نحن نرفض النموذج الذي تريد بعض الدول الأوروبية فرضه على الدول الإفريقية والآسيوية، فاحترام خصوصيات الشعوب لا يلغي التعاون مع الشعوب الأخرى، ورفض هذه الخصوصيات سيؤدي إلى إلغاء الكثير من اللغات والعادات والتقاليد والفلكلور الذي يغني البشرية، والذي هو ثمرة تعاون وتفاهم عبر آلاف السنين· -ولكن لماذا نخاف كثيرا من العولمة، هل لأنّنا لا نثق في تماسك هويتنا ونعتبرها هشة؟ * هويتنا ليست هشة، ولكن تعاملنا مع الهوية هو الهشّ والضعيف، بمعنى أنّنا نعيش الآن على المستوى الرسمي وعلى المستوى الثقافي نوعا من عقدة النقص، نشعر بأنّ الآخر أفضل منا وبالتالي نريد أن نقلده، وهذه هي المشكلة، لغتنا العربية الآن من اللغات الرسمية المعترف بها في منظمة الأممالمتحدة، فكيف نجد صاحب سلطة أو مثقف لا يعترف بها ويجري وراء لغات أخرى؟! تعلّم أكثر من لغة ولكن اللغة الوطنية هي الأساس كما هو شأن كل شعوب العالم· -ماذا لو عاد علماؤنا ومفكّرونا إلى هذا العصر، كيف سيكون ردّ فعلهم تجاه واقع الثقافة العربية والإسلامية؟ * هذا سؤال طريف في الحقيقة، العلماء الذين نتحدّث عنهم دائما كابن سينا وابن رشد والزهراوي وغيرهم، عاشوا مناخا ساعدهم على نشر علمهم، وهو المناخ الذي أسميه أنا "القرار السياسي الكبير" الذي يوفّر هذه الفرص والظروف الاجتماعية التي تيّسر العمل، وبذلك لو عادوا ورأوا كيف أننا مقصرون في مجالات الترجمة والبحث العلمي والإعلام وطباعة الكتب، لبكوا دموعا كثيرة· - يعني أنّ العلماء ليسوا قضية زمن أو جيل، أي يمكن أن يكون في هذا الزمن علماء بذاك المستوى؟ * حتما، هي قضية توفير مناخ لذلك، ويمكنني الآن أن أطرح بعض الأسئلة، لماذا حينما يذهب بعض العلماء من أصول عربية إلى الولاياتالمتحدة أو أوروبا يصبحون هناك كبارا في مجال الطب والفلسفة والهندسة والفلك والعلوم النووية؟ وأجيب: لأنّ المناخ العلمي مهيأ لهم· - باعتبارك رئيس مجلس إدارة جمعية "العاديات"، ماذا تقول عن هذا الفضاء الثقافي؟ * جمعية "العاديات" منظّمة ثقافية من منظمات المجتمع المدني، وهي أقدم منظمة من نوعها في البلاد العربية، يعود تاريخ تأسيسها إلى سنة 1924، تعتمد على الأسلوب الديمقراطي في العمل، الانتخابات، وضع البرامج بتنظيم ندوات ومحاضرات ورحلات علمية وحفلات فنية، نصدر مجلة كلّ ثلاثة أشهر وكتابا سنويا كبيرا محكما، ونقوم بعمل ثقافي بالغ الأهمية في حماية التراث العمراني والفكري في البلاد· - هل نحن مجبرون على العيش تحت مقولة "صراع الحضارات" طبقا للآية القرآنية: "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم"؟ * الحضارة الإسلامية لم تقم بعملية الصراع، كانت تحترم الآخر، وهذا تاريخ، لو كان المسلمون وقت هيمنتهم السياسية يرفضون الآخر كانوا يستطيعون إلغاءه، لكن لم يلغوه، بدليل استمرار هذه الأقليات المسيحية واليهودية، بينما نلاحظ العكس حينما طرد المسلمون من إسبانيا، لم يسمح لهم بالبقاء مسلمين وخيّروا بين أن يتخلوا عن دينهم أو الموت، فمقولة الصراع الحضاري نحن لم نقلها نحن مقولتنا "وجادلهم بالتي هي أحسن"، هذا الحوار بالتي هي أحسن أي بالتبادل الفكري، وهم يجادلوننا بالصواريخ والقنابل العنقودية والقتل والدماء· - ولكن ماذا عن الآية القرآنية المذكورة في السؤال أعلاه؟ * الآية القرآنية "ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتّبع ملتهم"، بمعنى أنك في حالة رضاك عن نفسك لا تنتظر أن يرضى عنك الآخرون، المهم أن تكون راضيا عن نفسك وأن تقدّم نفسك بصورة لائقة، كيف تقدّم نفسك: "وجادلهم بالتي هي أحسن"، فإذا لم يقبلوا هذا الجدل، لا تتنازل أمامهم، حافظ على شخصيتك· - وبماذا ترد على محاولات فرض الإسلام بالقوة؟ * هذا غير صحيح إطلاقا، وأنا أتحدى أن يأتوني بمثال واحد في التاريخ، لو كان هذا صحيحا، المسلمون بقوا في اسبانيا 800 سنة، هل قتلوا غير المسلمين؟ - وماذا عن الّذين يقولون أنّ الفتوحات الإسلامية تمت بالسيف؟ * هنا يوجد فرق، الفتوحات ننظر إليها بمنظار الزمن نفسه، فحينما ظهر الإسلام كانت هناك إمبراطورية رومانية بيزنطية، هل الرومان البيزنطيون هم أصحاب بلاد الشام وإفريقيا؟ هم قوّة احتلال جاءت من أوروبا، وبالتالي كلّما ظهرت قوة جديدة تتوسّع على حساب القوة الأخرى، ونظرية ابن خلدون "أن الدول مثل الأفراد"، يعني الشخص الذي يصير في عمره 100 سنة سيموت والدول نفس الشيء، فكانت دولة الفرس الساسانيين ودولة الروم البيزنطيين آيلة للسقوط، فحينما جاء الإسلام بقوة سياسية جديدة كان من الطبيعي أن يقوم بعملية تحرير البلاد التي يحتلها الرومان، حتى في إفريقيا فالرومان جاؤوا من إيطاليا من روما، قبل الرومان إفريقيا كانت لقرطاج الفينيقيين، هم أحرقوا قرطاج، فالدورة التاريخية هذه سواء المسلمين أو غيرهم، كلّ قوة جديدة تأتي تحمل فلسفات، هذه الفلسفة إمّا تفرضها بالسيف أو تترك الناس يعيشون، فالمسلمون تركوا الناس يعيشون، فالدولة العثمانية حكمت أوروبا الشرقية 500 سنة، هل قامت بفرض الإسلام بقوة السيف؟ لا، فهذه الدول كبلغاريا، اليونان ورومانيا، كانت جزءا من الممالك العثمانية، فالمسلمون لم يفرضوا دينهم بالسيف إطلاقا، بالعكس، أكبر انتشار للإسلام كان عن طريق الحوار والعمل التجاري كما حدث في اندونيسيا والفلبين وإفريقيا جنوب الصحراء·· فهناك فرق بين عملية التوسّع السياسي بغض النظر عن الدين، فكلّ قوّة جديدة تظهر تتوسّع سياسيا وبعد مدة معينة تتفكّك، فمثلا الاتحاد السوفياتي قبل 15 سنة حينما ضعف انفصلت عنه 14 جمهورية، انفصلت عنه أوروبا الشرقية، هذا أمر طبيعيّ جدا بالنسبة للمقاييس السياسية·