نال فيلم "نهر لندن" للمخرج الفرنسي ذي الأصول الجزائرية رشيد بوشارب استحسان الصحفيين والنقّاد خلال عرضه الأوّل بمهرجان برلين الدولي الذي تختتم فعالياته اليوم 14 فبراير الجاري . وحظي فيلم رشيد بوشارب بتصفيقات حارّة من طرف الصحفيين والنقّاد الذين حضروا العرض الأول للفيلم، ويحتمل أن تكون النجمة الانجليزية برندا بليثين التي أدّت دور البطولة في الفيلم ضمن المتنافسات على جائزة أحسن ممثلة. وقد وصف العديد من النقاد الفيلم بالمؤثر بحيث تدور أحداثه حول تفجيرات لندن الانتحارية عام 2005 حيث نمت صداقة بعيدة الاحتمال بين امرأة بيضاء انطوائية ومتعصبة من جويرنسي ورجل إفريقي ضخم الهيئة وصل إلى المدينة من فرنسا. وفي فيلم "نهر لندن" يدفع التباين البدني بين السيدة سومرز (برندا بليثين) وعثمان الذي يقوم بدوره الممثل المالي سوتيجي كويات إلى الاندهاش، الاثنان يتحدثان لغتين مختلفتين وسومرز مسيحية وعثمان مسلم، لكن خلال سعيهما المشترك للعثور على أبنائهما الذين فقدا عقب هجمات السابع من جويلية في لندن أصبح الاثنان أكثر قربا بمرور الوقت حتى أدركا أنهما يشتركان في كثير من الأمور لدرجة لم تخطر قط على باليهما. وعلاوة على سعي الاثنين إلى معرفة أخبار عن أقاربهما، لم يتمكّن المفقودون من التعرّف على أبويهما، فعثمان ترك أسرته حينما كان ابنه في السادسة من عمره فيما كان زوج السيدة سومرز ضابطا في البحرية وقتل في حرب فوكلاند عام 1982، وخرجت السيدة إلى شوارع لندن المزدحمة من مزرعتها المعزولة فصدمت بالتنوّع العرقي بالمنطقة التي كانت ابنتها جين تعيش فيها، وعندما قابلت عثمان الذي كانت تتحدّث معه بالفرنسية طوال القصة كانت تلزم الحذر ولكن سرعان ما تبدّدت هذه الأفكار المسبقة بعدما أحست بشيء مشترك بينهما. "نهر لندن" عرض للمعاناة البشرية الناجمة عن العنف وكيف أنّها أصبحت مألوفة لدى أناس من مختلف المشارب، وقالت بليثين في مؤتمر صحفي "اعتقد أنّ الفيلم جريء وأنّه جيد بسبب ذلك، لقد تناول موضوع التحيّز"، وأضافت "اكتشفت أنّ عثمان يواصل نفس البحث وقالت في موقف ما "حياتانا ليستا مختلفتين كثيرا" ولكن قبل ذلك بيومين ربما فكرت في أنهما مختلفتان تماما وأعتقد انّه يقدّم بعض الفهم.. إنّني فخورة بالفيلم". وقال بوشارب انه كان دائما يضع كويات في ذهنه فيما يخص (شخصية) عثمان الهادئة القوية، وانّه عندما رأى بليثين في فيلم "أسرار وأكاذيب" للمخرج مايك ليخ أدرك انه يتعيّن عليها أن تقوم بدور السيدة سومرز وانه انتظر عاما حتى أصبحت جاهزة للتصوير، وأضاف المخرج الذي عمل مع كويات في فيلم "السنغال الصغيرة" انه لا يقدّم في الفيلم رسالة بعينها ولكنه يبغي فقط سرد قصة العلاقة. لكن العمل لم يخل من الانتقاد حيث رأى النقاد أنّ بعض الحوارات في الفيلم جاءت فقيرة من حيث اللغة كما أن التصوير جاء أشبه ب"الفسحة" مقارنة بالتحديات الفنية واللوجستية التي واجهها بوشارب في فيلمه الأخير "أنديجان" الذي حقّق نجاحا باهرا بتناوله لدور قوات شمال أفريقيا في القتال لصالح فرنسا في الحرب العالمية الثانية. يذكر أنّ رشيد بوشارب يعدّ من أبرز المخرجين اليوم على الساحة الفنية العالمية، ويملك رصيدا فنيا ثريا عبر العديد من الأعمال من بينها "العصا الحمراء" 1985 ،"شاب" 1991،" عبار الحياة" 1994، "السينغال الصغيرة" 2001، و"أنديجان" 2006 الذي أثار الدنيا ولم يقعدها، إلى جانب عدد من الأفلام التلفزيونية والقصيرة والوثائقية على غرار "السنوات الممزقة" 1992 و"شرف عائلتي" 1997، ويشتغل المخرج حاليا على إنتاج مجموعة من الأفلام الجديدة من بينها "شرطي ببال فيل"، "انجيلا دافيس" " أنديجان2" و"الخارجون عن القانون" .