* email * facebook * twitter * linkedin أكد البرلماني كمال بلعربي، صاحب مقترح قانون تجريم الاستعمار في حديث مع "المساء"، أن جميع المؤشرات تدل على إمكانية تمرير المقترح، "بفضل توفر الإرادة السياسية، الهادفة إلى استرجاع الثقة بين الشعب والحكومة والبرلمان، بشكل يجعل فرنسا تعتذر عن الجرائم التي ارتكبتها، لاسيما وأنها تطمح لاستعادة مكانتها بالجزائر والحفاظ على مصالحها الاقتصادية التي تراجعت بشكل كبير في الفترة الأخيرة". ويعتقد السيد بلعربي، أن الجرائم التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية في الفترة الممتدة من 1830 إلى 1962، من تقتيل ومحاولات لطمس الهوية الجزائرية وجعل الشعب يذوق مختلف ألوان الاضطهاد، هي جرائم لاتزال آثارها ماثلة للعيان، ما يستدعي حسبه من فرنسا اليوم، الاعتذار عنها لدى السلطات الجزائرية، "كونها جرائم دولة وثقها المؤرخون، بمن فيهم المؤرخون الفرنسيون وأصدقاء الثورة الجزائرية في كتاباتهم التي سردت عدة فصول من الجرائم الفرنسية بالجزائر، ناهيك عن اعتزاز بعض جنرالات فرنسا في مذكراتهم بأعمالهم الإجرامية"، و هو ما يجعل اعتذار باريس حق شرعي مثلما افتكته هي من السلطات الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، على حد تعبيره. في ساق متصل، لاحظ محدثنا أن الإرادة السياسية متوفرة من أجل تمرير المشروع، مستشهدا بالتصريحات العديدة التي أدلى بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، عندما قال إن "الجزائر ليست محمية" و"الذاكرة الوطنية خط أحمر"، فضلا عن تعهده الأخير باسترجاع رفات الشهداء من المستعمر القديم، "وهو ما لا يدع مجالا للشك، حسب السيد بلعربي، بأن الحراك الشعبي قد حرر القرار السياسي وجعله يستمد قوته من الإرادة الشعبية، التي تريد أن تستكمل إنجازاتها بافتكاك الاعتذار الرسمي من الدولة الفرنسية. ويستبعد المتحدث تماما أن يلقى مقترح القانون، الذي لقى مساندة من نواب البرلمان ووصلت التوقيعات المرتبطة بدعمه إلى 100 توقيع، (بعد إيداعه على مستوى مكتب المجلس ب50 توقيعا)، نفس مصير المقترح الذي تم طرحه في عهدة الرئيس الأسبق للمجلس الشعبي الوطني، عبد العزيز زياري، والذي بقي حبيس الأدراج وفي طي النسيان، مبررا طرحه بالاختلاف الكبير في الظروف السياسية الداخلية، وبروز الإرادة الشعبية التي تطالب باريس بالاعتذار. في سياق متصل، يعتبر النائب عن ولاية وهران، أن استرجاع الأرشيف وجماجم شهداء المقاومة وتعويض ضحايا التجارب النووية وضحايا المجازر المتعددة، توابعا، لا يمكن أن تقوم من دون إطار قانوني شامل، يحمّل فرنسا الاعتذار عن جرائمها، مشيرا إلى أن هذه الخطوة القانونية ستفتح الملفات السالفة الذكر بالتعاون مع الخبراء والمختصين وبحضور مجاهدين الشاهدين عن كل ملف للتدقيق والتمحيص في كل مجال، حتى يكون التعويض عن جميع الخسائر في مستوى فضاعة الجرائم المرتكبة خلال الحقبة الاستعمارية. وفي رده على سؤال خاص بإمكانية ظهور معارضة داخلية للمقترح القانوني، قياسا بما حدث في وقت سابق، حيث ظهرت جمعيات الصداقة الجزائرية الفرنسية، وبعض ممن لديهم مصالح بباريس من أجل رفض المشروع، اعترف النائب بوجود أطراف جزائرية "تحب فرنسا وتريد أن تبقي على علاقة الخضوع لها ولا ترى في الجزائر سوى تابعا ثقافيا واقتصاديا وسياسيا لفرنسا"، قائلا في هذا الصدد "صحيح أن هذه القوى تقوم بعمليات تشويش هنا وهناك، لكنها لا يمكنها أن تستمر في مصادرة إرادة الشعب الذي تحرر نهائيا من قيود الاستعمار الفرنسي ويطمح إلى أن تعامله مع فرنسا من منطلق الند للند وليس كمستعمرة قديمة". وحول الانطباع الذي لمسه لدى بعض الأطراف الفرنسية إزاء مقترح القانون، قال كمال بلعربي، إن "حكومة باريس واعية بطبيعة التحولات العميقة التي تعيشها الجزائر وهناك سعي فرنسي بالحفاظ على العلاقات مع الجزائر، خاصة وأن مصالح باريسبالجزائر أكثر بكثير من المصالح الجزائريةبفرنسا"، قبل أن يضيف بأنه "حتى وإن كان اليمين الفرنسي سيحاول معارضة المقترح والضغط على الرئيس إيمانويل ماكرون من أجل عدم الاعتذار، مستغلا المقترح لخدمة مصالحه الانتخابية، يبقى أن هناك غالبية الشعب الفرنسي والجمعيات الحقوقية التي نددت مرارا بجرائم الدولة الفرنسية وطالبتها في مرات عديدة بالاعتذار، كونها حقائق تاريخية لا يمكن إنكارها بأي شكل من الأشكال، فضلا عن وجود العديد من الأحرار الذين يريدون أن تكون العلاقات الثنائية في إطار الاعتراف والاحترام، بحكم إيمانهم القوي بأن الثورة الفرنسية قامت على تقديس حقوق الانسان والشعوب وليس العكس". ولا يستبعد البرلماني السريان الإيجابي للمقترح واحتمال قبوله من الطرف الفرنسي، مستدلا بالتصريحات التي أدلى بها الرئيس الفرنسي ماكرون، عندما شبه الجرائم الفرنسية بالجزائر بالمحرقة النازية ضد اليهود، "كما جاءت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي في سياق تقوية التعاون مع الجزائر لمعالجة ملف الذاكرة بشكل يضمن استمرار العلاقات الثنائية والمصالح المشتركة. وخلص بلعربي في الأخير إلى التأكيد على أن تمرير المشروع سيعزز اللحمة الوطنية بين الجيش والشعب والسلطة السياسية ويرسي مناخ ثقة بين جميع الأطراف، فضلا عن بناء علاقات ثنائية مع فرنسا، قوامها المعاملة الند بالند في إطار الاحترام المتبادل، والتأسيس لمرحلة جديدة، تحقق تطلعات الشعب السيد وإرادته الكاملة في التغيير.