تتأهب الجزائر لولوج مرحلة جديدة من خلال الرئاسيات المقبلة، التي سيكون فيها للشعب الجزائري حرية اختيار رئيس للبلاد، يحقق طموحاتهم ويستجيب لاحتياجاتهم، "المساء " سعت للتعرف والاطلاع على رأي المثقفين وبشكل خاص المسؤولين عن مؤسسات وهيئات ثقافية في العهدتين السابقتين وتقييمهم لواقع الساحة الثقافية، لاسيما من خلال المؤسسات التي يديرونها. محمد بن قطاف (مدير المسرح الوطني الجزائري): شهد المسرح الوطني الجزائري حركية وانتعاشا كبيرا خلال السنوات الماضية، حيث عادت إليه الحياة بعد موت محقق، فزاد عدد الأعمال وتضاعف عدد الفرق الحرة، كما تم تأسيس سبعة مسارح جهوية جديدة أضيفت إلى السبعة التي كانت موجودة منذ الاستقلال، ومن المنتظر أن تصل إلى 20 مسرحا جهويا بعد سنتين. والزيادة في الإنتاج لا تقتصر على المسرح الوطني، وإنما كذلك للمسارح الجهوية والتعاونيات الحرة، وبين كل تلك الأعمال هناك الجيد والسيئ هذا أكيد، لكن من الكم يأتي الكيف. الكثيرون قالوا أن هذه الحركية مرهونة بالمناسبة، لكننا أثبتنا العكس وأكدنا أن سنة 2008 هي سنة تقييم وقدمنا العديد من الأعمال، كذلك تم تدعيم 25 فرقة حرة خلال السنة الجارية. هناك اليوم دعم للمسرح وللفنانين وديناميكية حقيقية، حيث أعيدت للحياة مهرجانات ظلت مجمدة لسنوات طويلة وظهرت إلى الوجود تظاهرات مسرحية جديدة لم تكن موجودة على غرار الأيام المسرحية لتندوف... كما تم اكتشاف العديد من المواهب، ما يعادل 450 ممثل يشتغلون اليوم على خشبة المسرح إلى جانب مخرجين شباب، المسرح اليوم يعرض في العديد من ولايات الوطن حتى في أقصى الصحراء تمنراست... ورغم كل ذلك نتمنى استمرارية هذا الاهتمام، خاصة ونحن مقبلون على مرحلة جديدة ليس فقط في مجال الفن الرابع وإنما في كل الفنون، وطموحاتنا تصل إلى الرغبة في إنشاء مسرح في كل ولاية والمزيد من الفرق المسرحية، هناك اليوم نواة تكونت لابد أن تسقى وتتم رعايتها لترسخ وتعطي ثمارا أفضل وأكثر نضوجا.
إبراهيم نوال (مدير معهد فنون العرض والسمعي البصري): الحركية التي تعيشها الساحة الثقافية هي امتداد لما عشناه خلال العهدتين السابقتين، لاسيما في الحقل الثقافي الذي لم نر فيه إلا الخير، من خلال برنامج شهد فتح مجالات هامة في التكوين الفني أو الثقافي، وكذا الكتاب والسينما التي شهدت ترميم العديد من القاعات إلى جانب التراث... وغيرها من الانجازات التي نعتبرها مكسبا هما لنا كمثقفين وكفنانين. وهذا الاهتمام بمجال الثقافة في برنامج رئيس الجمهورية الحالي حقيقة ملموسة شاهدناها في رفع ميزانية الثقافة التي تضاعفت ست مرات، كما أننا اليوم بصدد بناء فضاءات جديدة - وهنا أتحدث باعتباري مدير معهد الفنون - فلأول مرة منذ الاستقلال تقوم الدولة بإنشاء معهد خاص بالتكوين في المجال السينمائي وذلك بالقليعة، وقد خصص لهذا المشروع ظرف مالي هام جدا وهذا دليل على الاهتمام بالقطاع، كما أن هناك اهتماما كبيرا بمجال التكوين وهذا هو الأهم، لأن فيه ضمان للاستمرارية وللمستقبل وللجيل القادم، كما يقول مالك بن نبي. كما أن هناك اهتماما بالفنان، خاصة بعد إصدار مرسوم وزاري يعنى بكل الوجوه الفنية، فالمنشط اليوم له مكانة والمستشار الفني كذلك والأستاذ الفني أيضا والمختص في السمعي البصري... حسب هذا القانون الجديد الذي صدر في الجريدة الرسمية.. كل هذه الأشياء مهمة جدا انتظرناها منذ سنوات طويلة، اليوم لدينا قانون يمكن أن يصبح قانونا خاصا بنساء ورجال في مختلف مجالات الفن. وأنا فخور اليوم بأن معهد فنون العرض والسمعي البصري الذي أديره يسير اليوم وفق هذا المخطط ويتطور في هذا الاتجاه، كما أنني كمدير لا أسير فقط راهن المعهد في يومياته، ولكن اهتم كذلك بأبعاد والمشاريع المسطرة على المدى المتوسط والبعيد من طرف وزارة الثقافة. وهذا ما يجعلنا متفائلين بالمرحلة المقبلة التي تحمل حتما الكثير من الإيجابيات لقطاع الثقافة لأن هناك أشياء كثيرة يتم انجازها وأخرى تنتظر.
قدوري مباركة (مديرة البالي الوطني بالنيابة) : الأمر يتعدى مجرد الطموح، لأن هناك إرادة حقيقية على مستوى الوصاية في إعطاء دعم فعلي بكل معنى الكلمة لمؤسسة البالي حتى تستعيد مكانتها بين المؤسسات التابعة للقطاع، وأنا أقول أنه إذا كان هناك فريق وطني لكرة القدم يمثل الجزائر، لابد أيضا من بال وطني يمثل الثقافة الجزائرية داخل وخارج الوطن، لا يجب أن نكتفي بالقول أنه لابد من مساعدة البالي الوطني فقط من أجل أن يظهر في أحسن صورة، والحمد لله وهذه شهادة للتاريخ، السيدة الوزيرة، قدمت كل المساعدات وفتحت لنا كل الأبواب من أجل الوصول بهذه المؤسسة إلى أرقى درجات نطمح إليها نحن كقائمين عليها.. فالمعهد كان له مشكل مقر الذي حل اليوم، ففي السابق كانت لنا قاعتان على مستوى المسرح الوطني الجزائري لتدريب الفرقة، الآن سيتم تجسيد مقر خاص بالبالي على مستوى معهد فنون العرض لبرج الكيفان، وقد التحقنا مؤقتا بالمعهد من خلال مجموعة من الفضاءات الواسعة، حيث نعمل بكل راحة ريثما يتم إنهاء المبنى الخاص بنا، وهذا ما مكننا من فتح مجال تكوين للمقيمين خارج العاصمة لأننا أصبحنا قادرين على التكفل بهم من حيث التكوين والإيواء.. ومن ثم رفع عدد أفراد البالي الوطني وإضافة دم جديد للقضاء على مشكلة شيخوخة البالي وضمان الاستمرارية بجيل جديد من الراقصين الشباب. كما أن هناك تحسنا على المستوى الاجتماعي لفناني البالي، راقص البالي هو عامل في مؤسسة البالي الوطني ويتقاضى راتبا شهريا مقبولا وهناك محاولات لتحسين أفضل لهذه الظروف.
عبد الكريم بلعربي (مدير المعهد الوطني للموسيقى): المعهد العالي للموسيقى يشهد حركية بعد سبات على غرار الساحة الثقافية بشكل عام التي تعيش انتعاشا وازدهارا كبيرا في مختلف المستويات، هناك الكثير من المشاريع التي تنجز اليوم وذلك كله يندرج ضمن برنامج كامل سطرته وزارة الثقافة، المعهد اليوم يحظى بمقر يعد تحفة حقيقية سيتم افتتاحها عن قريب، بحيث لم تبق هناك إلا اللمسات الأخيرة لاستكمال المبنى الذي يضم مدرجا أطلق عليه اسم الفنانة الراحلة "فضيلة دزيرية". كما تم حل العديد من المشاكل التي كان يتخبط فيها المعهد لا سيما مشكل الاعتراف بالشهادة التي تمنح للطالب بعد انتهاء الدراسة، بحيث أصبح يشترط اليوم على الطلبة المنتسبين الى المعهد الحصول على البكالوريا، ومن ثم فإن شهادة المعهد أصبحت معترفا بها والمتخرج من معهد الموسيقى اليوم يقبل أينما يذهب.. كما أننا نرسل بعثات تكوين إلى الخارج. ونحن نتمنى المزيد من التطور والاهتمام بقطاع الثقافة والاستمرارية، لاسيما ونحن مقبلون على مرحلة جديدة وهامة في تاريخ الجزائر شهر أفريل المقبل.
رضوان محمدي (مدير مؤسسة فنون وثقافة): نحن متفائلون جدا بالمرحلة المقبلة، والعشر سنوات الماضية التي اشتغلنا فيها كانت في إطار برنامج واضح، وأتمنى أن تكون هناك استمرارية وزيادة في الاهتمام بقطاع الثقافة. لاحظتم أنه منذ 1999 ونحن نعمل على نفس الطريق لم نغير لان لدينا برنامج سطرته الدولة وعملنا على أساسه، والدليل على ذلك أننا نعمل بشكل متواز مع الصحافة ونسعى في نهاية كل موسم إلى تقديم حصيلة نشاطنا لوضع النقاط على الحروف وتحديد الإيجابيات والنقائص للتمكن من تداركها لاستمرار أفضل وفي آخر المطاف الجمهور هو الحكم وهو المقيم. واليوم نريد أن نقول أن الثقافة لا يجب أن ينظر إليها بمفهوم ضيق، بمعنى لا نحكم إلا على ما نرى، هناك عمل ينجز في الخفاء وعلى المدى المتوسط، لأننا شعرنا أن الجمهور اليوم يطلب النوعية ومل من التكرار والرداءة لذلك هناك عزوف عن حضور مختلف النشاطات، نحن واعون بهذه المرحلة وندرك في نفس الوقت أن الحركة الثقافية هي حركة نضالية لذلك فنحن نسعى للعمل مع المحترفين لتقديم الأفضل. فبعد مرور عشر سنوات نخشى اليوم أن نقع في الروتين، لذلك طلبنا من الصحافة أن تساعدنا من خلال المتابعة ورصد آراء الناس وكذا التعاون مع مختلف الشركاء بما في ذلك بمؤسسات الدولة وكذا الجمعيات الثقافية في إطار برنامج موحد لفائدة الثقافة. ونحن لا نتحجج بنقص الإمكانيات التي أضحت وسيلة من أجل إخفاء العجز والكسل، الحمد لله الإمكانات موجودة وولاية الجزائر وفرت لنا كل الشروط الملائمة للعمل، وحتى إن لم تكن لنا إمكانيات لإجراء تظاهرات كبيرة، فإننا نعمل بما لدينا، أنا لا اعتقد أن مشكل الإمكانيات أصبح واردا حاليا والنشاط الثقافي موجود في كل مكان. النقص الموجود قد يكون في التكوين وهذا ما دفعنا إلى إجراء دورات تكوينية بالنسبة لمسيري الميدياتيك التابعة للمؤسسة وكذا المكتبيين وذلك من اجل أداء أحسن وأكثر احترافية.