ينصح الأخصائيون في قطاع الصحة بولاية الجزائر، عموم المواطنين، بالتركيز على عامل الوقاية، واحترام تدابير التباعد الاجتماعي، والتحلي بقواعد النظافة الشخصية، وغيرها من النصائح والإرشادات المرتبطة بقواعد النحر السليمة، لتفادي اتساع رقعة "كوفيد 19" التي ازداد خطرها، خاصة عندما تخطى عدد الإصابات مؤخرا، عتبة ستمائة مصاب في يوم واحد، داعين إلى قضاء عيد الأضحى المبارك دون تسجيل فاتورة أكبر، وأخذ العبرة من سيناريو عيد الفطر الماضي. صار هاجس الأخصائيين في الصحة والطواقم الطبية هذه الأيام كالتالي؛ كيف يمكن تفادي سيناريو عيد الفطر، الذي كان نقطة انعطاف خطيرة في انتشار وباء "كورونا" في كل ولايات الوطن؟ لاسيما بالولايات الكبرى كالعاصمة، التي بدأت تسجل عددا متزايدا في الإصابات، بسبب استهتار بعض المواطنين وعدم احترامهم للقواعد الصحية، والتعامل مع هذا الفيروس الخطير بطريقة صحيحة. مثلما ذكره ل«المساء"، البروفيسور نور الدين اسماعيل، رئيس قسم علم الأوبئة والطب الوقائي بمستشفى "مصطفى باشا"، الذي أكد أنه لا خلاص لنا ولا حل في الأفق إلا بالوقاية، مشيرا إلى ضرورة استلهام العِبر من الدول الكبرى التي فعل فيها الوباء فعلته، كإيطاليا، أمريكا، إسبانيا البرازيل وغيرها، ولم تركز على العلاج بقدر ما ركزت على الوقاية، خاصة أنه لا يمكن لأي دولة في العالم، رغم قدرتها المالية والعلمية، أن تقوم بتشخيص وفحص كل أفراد مجتمعها. من أجل عيد أضحى دون مخاطر محدثنا أفاد بأنه كان ضمن اللجنة التي اجتمعت مؤخرا، مع ممثلين لوزارة الشؤون الدينية والأوقاف، حيث قدموا لهم توجيهات وشروحا حول طريقة التعامل مع الأضحية، وما يتطلبه من تطهير وسائل النحر وتنظيف اليدين ووضع الكمامات، من جهة، والتحلي بالتباعد الاجتماعي بين الجيران، وتفادي -بالخصوص- تبادل الزيارات والتقبيل، وينصح بالبقاء في البيوت، ليس يومي العيد، بل لما بعدها من الأيام، حتى يتم محاصرة الجائحة. أما الدكتور بوجمعة آيت أوراس، رئيس مصلحة الوقاية بمديرية الصحة لولاية الجزائر، فأضاف أن "الجيش الأبيض" لامس الخط الأحمر، حسب تعبيره، ولم يعد قادرا على التكفل بكل الحالات، داعيا إلى الإشفاق على أفراد السلك الطبي، والنظر إليهم بأنهم بشر، يتأثرون بما هو واقع، حيث ذكر في هذا المقام، أن العديد منهم لا يلتحقون بمنازلهم بعد ساعات الدوام، واضطروا إلى استئجار شقق للإقامة، من أجل حماية عائلاتهم، كما تطلب الأمر توفير الدعم النفسي للعديد من الأطباء الذين أصيبوا بكوابيس وتعقيدات نفسية، جراء ما يعيشونه، وما يسمعونه من أخبار تخص وفاة زملائهم. فيما ذكر محدثنا، أن التشخيص لا يمكن تعميمه على الجميع، لافتا إلى ضرورة احترام إجراءات الوقاية، وتقوية المناعة والخروج من مناسبة عيد الأضحى وما بعدها بإصابات أقل، وصفر وفيات. لا حل في الأفق خارج خيار الوقاية أشار الدكتور بوجمعة آيت أوراس، إلى أنه يجب على أفراد المجتمع عدم التركيز على وسائل العلاج، بقدر ما يجب تطبيق قواعد الوقاية، مشيرا إلى أنه رغم رفع عدد المؤسسات الاستشفائية بالعاصمة من 14 إلى 21 مؤسسة، إلا أن الأولوية دائما لذوي الأمراض المزمنة والحالات المستعصية، التي تتطلب رعاية خاصة داخل المستشفى، داعيا إلى مساعدة الطواقم الطبية التي تعبت وصارت لا تتحمل المزيد من التدفق البشري، الذي لا ينقطع، مؤكدا أنه لو نتفادى التجمعات وإقامة الأعراس والمناسبات الأخرى، ونحترم نصائح الأخصائيين، فإننا نستطيع بسهولة خفض فاتورة المصابين والضحايا يوميا، ولا يوجد حل في الأفق خارج هذا الإطار. كما لم يخفِ محدثنا انتقاده تصرفات المواطنين، الذين لا زالوا يتزاحمون في طوابير البنوك والبريد وغيرها من المرافق، وعلى هذه المؤسسات أن تتحمل مسؤوليتها في تنظيم الحشود البشرية التي تتدفق يوميا على مراكزها. واستغرب المصدر بعض مظاهر التمرد من طرف بعض المستهترين، الذين صاروا يضعون الكمامات في أذرعهم، بدل ارتدائها في الوجه لتغطية الأنف والفم، ولا يضعونها إلا عندما يكون أفراد الأمن من شرطة ودرك، مفيدا أن مثل هذه التصرفات، هي التي أطالت عُمْر الأزمة، ولا زالت ترفع فاتورة المصابين والضحايا.