أبرز أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر، الدكتور هواري تيغرسي في قراءة مفصلة حول منطقة التجارة الحرة الافريقية، ضرورة العمل على إزالة المعوقات التي تحول دون نجاح هذا الفضاء القاري وتحقيق نتائجه المرجوة، مشيرا إلى أن أهم التحديات المطروحة في هذا المجال، ضرورة القضاء على الفساد المالي والإداري داخل الدول الافريقية مع تأهيل شبكات النقل البحري والسكك الحديدية، فضلا عن العمل على تذليل العراقيل الإدارية على مستوى الحدود، من اجل رفع حجم الصادرات الافريقية التي لاتتعدى حاليا، حسبه، 17 بالمائة فقط، مقابل 59 بالمائة بأسيا و69 بالمائة في أوروبا . وأوضح الدكتور تيغرسي، الذي أعد دراسة حول مشروع منطقة التجارة الحرة الافريقية، تحوز "المساء" على نسخة منها، أن منطقة التجارة الحرة في القارة الإفريقية التي تضم 55 دولة، ستمكن في حال نجاحها من توحيد 1,3 مليار نسمة وتخلق منطقة اقتصادية حجمها 3,4 تريليون دولار مع فتح الباب واسع أمام عهد جديد من التنمية. وينتظر أن يساهم هذا التكتل الثاني - بعد إنشاء منظمة التجارة العالمية في 1994- في إبرار إمكانات إفريقيا الاقتصادية، بعد تعثر طال أمده، وذلك من خلال دعم التجارة البينية، وتقوية سلاسل الإمدادات، فضلا عن تعزيز الموقف التفاوضي على الساحة الدولية. وحسب أستاذ الاقتصاد بجامعة الجزائر فإن المبادلات التجارية البينية في إفريقيا حاليا لا تتعدي 17 بالمائة وفقا لإحصائيات 2017، مقابل 59 بالمائة بآسيا و69 بالمائة في أوروبا، حيث تخلفت إفريقيا، حسبه، عن طفرات اقتصادية حققتها تكتلات تجارية أخرى في العقود الأخيرة. ويواجه "هذا الحلم الاقتصادي" تحديات كبيرة لا تزال قائمة، من بينها "شبكات الطرق والسكك الحديدية المتهالكة، والاضطرابات في مناطق شاسعة، ومعوقات إدارية مفرطة على الحدود، والفساد الذي يعرقل النمو والتكامل" فضلا عن الحاجة إلى "إلغاء الرسوم" على معظم المنتجات، لرفع حجم التجارة في المنطقة بنحو يتراوح بين 15 و25 بالمائة على الأمد المتوسط، "مع الإشارة إلى أن هذا المعدل يمكن أن يتضاعف في حال عولجت التحديات الأخرى، حسب تقديرات صندوق النقد الدولي". ومع توقيع كل الدول الافريقية تقريبا، على اتفاقية التجارة الحرة، ستكون المنطقة التجارية الحرة الأكبر في العالم، من حيث عدد الدول المشاركة فيها، منذ تشكيل منظمة التجارة العالمية. ضبط تصدير المواد الخام وجلب الاستثمارات الأجنبية يرى الدكتور تيغرسي، أن هذه الاتفاقية ستعطى ميزة تنافسية مقابل الواردات من خارج القارة، حيث سيكون لها تأثير على المدى الطويل، ومن المتوقع أن تعزز حركة البضائع المعفاة من الرسوم، حيث سيؤدي ذلك إلى الابتعاد عن تصدير المواد الخام بشكل أساسي، ويزيد القدرة على الصناعة واستقطاب الاستثمارات الأجنبية. كما ستبرز آثار عديدة على المدى المتوسط والطويل، لهذه الاتفاقية، التي ستساهم حسبه، في جلب استثمارات أجنبية لمصانع وشركات تؤسس في إفريقيا ويستفيد منها المنتج من بلد المنشأ، لإنماء الصادرات نحو الدول الإفريقية الأخرى، دون جمارك أو ضرائب. وشدد الدكتور في دراسته، على أهمية اضطلاع البلدان الافريقية بإرادة قوية من أجل إنجاح المشروع وتجسيده ميدانيا من خلال الرفع من المعوقات التي قد تقف في وجه إنشاء هذه السوق وسير عملها بشكل جيد، مبرزا أهمية الأخذ بعين الاعتبار عامل الانسجام مع التكتلات الاقتصادية الحالية، مثل مجموعة شرق إفريقيا، ومجموعة تنمية الجنوب الإفريقية، والسوق المشترك لشرق وجنوب إفريقيا (كوميسيا)، كون أهداف هذه التكتلات تتقاطع مع أهداف السوق الحرة، ما يستدعي العمل على تحقيق التناسق، على اعتبار أن اتفاقيات تأسيس هذه التكتلات لها قواعدها التي يمكن أن تتعارض مع اتفاقية التجارة الإفريقية الحرة.