بعد مسرحية "في انتظار قودو" التي لقيت نجاحا كبيرا خلال المهرجان الوطني للمسرح المحترف، ومسرحية "الحوات والقصر" للروائي الجزائري الطاهر وطار، خاض المخرج المسرحي عز الدين عبار ثالث تجربة له على التوالي خلال هذه السنة، من خلال مسرحية "موقف إجباري" رفقة فرقة المسرح الوطني الجزائري، التي عرضت قبل أيام بدار الثقافة لولاية تمنراست، عن عمله الجديد وحيثيات ومشاريعه المستقبلية، تحدثنا في هذا اللقاء··· - بداية، نريد أن نتوقف عند مسرحية "موقف إجباري" التي عرضتموها مؤخرا في الجنوبالجزائري، وبالضبط في ولاية تمنراست؟ * العمل قدم إلي من طرف مدير المسرح الوطني الجزائري، محمد بن قطاف، وقد قبلته دون تردد رغم صعوبة النص، واعتبرته فرصة مهمة لا يجب تضييعها، ومن ثم عملت على تقديم رؤية إخراجية جديرة بالنص وكاتبه، واخترت لأجل ذلك فنانين هما رشيد جرورو ورضا تخريست، التمست فيهما القدرة على حمل النص وتبليغه، وخاصة الوقوف على المسكوت عنه ومابين السطور· -على ذكر الممثلين، ما لاحظناه في العرض الأول للمسرحية، أن النص كان أقوى من أداء الممثلين، خاصة بالنسبة لصاحب دور البطولة الذي خانه صوته في تبليغ رسالة المسرحية؟ * لا أدعي أن العمل كان ممتازا، لكنني رفقة الفرقة قمنا بمجهود كبير وحاولنا أن نقدم الأفضل، لكن ما شهدناه هو عرض أول، وفي العرض الأول أمام الجمهور لا يكون الممثل قد تمكن من الدور كلية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن قاعة دار الثقافة لولاية تمنراست التي احتضنت العرض، لم تكن مناسبة بالشكل الذي يليق بعرض مسرحي، ما جعل صوت الفنان يتناثر ولا يصل كما يجب إلى المشاهد، خاصة خلال تلك المقاطع التي كان تتطلب صوت مجلجلا حسب ما اقتضاه النص· - أكدتم أن العمل ينتمي إلى مسرح العبث، لكننا لم نتلمس الخصائص المميزة لهذا النوع المسرحي في العمل؟ * صحيح أن حوار العمل جاء مباشرا في الكثير من الأحيان وصريحا، كما أن المسرحية لم تحمل الكثير من التهكم والاستخفاف والغموض، وجاءت واضحة، لكن عبثية العمل تكمن في علاقة الصداقة الغريبة التي جمعت بين السجين والحارس الذي لازمه لأكثر من 30 سنة، وقاسمه الليالي الطويلة التي قضاها خلف القضبان، وحيدا لا أنيس له إلا دفتر مذكراته الخاصة· - خلال مشاهدتنا للعمل، لاحظنا أنه ضم العديد من التقاطعات مع أعمال مسرحية أخرى، على غرار مسرحية "حافلة تسير" لأبي بكر مخوخ و"في انتظار قودو"··· * ربما، ذلك أن مسرح محمد بن قطاف هو مسرح شعبي قريب من هموم الناس وانشغالاتهم، ويخوض بشكل مباشر و جريء في القضايا السياسية، هذا ما أوحى ربما بوجود صلة بين نص "موقف إجباري" و "حافلة تسير "، التي هي اقتباس لنص الكاتب المصري إحسان عبد القدوس "سارق الأتوبيس ، كذلك، مسرحية في "انتظار قودو" التي هي أيضا مسرحية سياسية تعالج صراع الشعب والسلطة· - "موقف إجباري" هي إعادة لمسرحية "السجين الأخير" لنفس الكاتب، والتي قدمها في شكل مونولوغ الفنان الراحل سيراط بومدين في 1996، هل حملت إعادة إخراجكم للعمل جديدا؟ * ليس لي مشكل مع إعادة إخراج أي مسرحية، فأغلب مسرحيات شكسبير أعيد إخراجها عدة مرات كذلك، لوركا و غيرها، ولا أجد صعوبة في إعادة إخراج نص بن قطاف، لأنه يحمل قضية إنسانية صالحة لكل زمان ومكان ولم يتجاوزها الزمن· - ما رأيكم في مبادرة المسرح الوطني الجزائري، الذي سعى إلى إخراج العرض الأول لعدد من المسرحيات من العاصمة ونقلها إلى ولايات الجنوب؟ * هذه ليست المرة الأولى التي أقدم أعمالا في جنوبالجزائر، حيث سبق وأن قدمت عرضا مسرحيا مع فرقة الكون لبشار بعنوان "تلة النار " ثم مع فرقة "الملقى" لتيندوف بعنوان " في انتظار قودو " لبيكت، وأنا أحب العمل مع ناس الجنوب، لذلك أعتبر هذه المبادرة مهمة وجيدة للطرفين، سواء بالنسبة لصاحب العمل أو الجمهور، وهناك مواهب شاب كثيرة تستحق الدعم والمساندة· - بعد مسرحية "موقف إجباري"، هل يحضر عز الدين عبار لعمل مسرحي جديد؟ * أجل، أنا بصدد التحضير لعمل مسرحي جديد بعنوان "المنتحر"، رفقة تعاونية الملقى لتيندوف وذلك لصالح المسرح الجهوي لسيدي بلعباس·