الحوار التقت بشيخ المسرح بن قطاف داخل إمبراطوريته الصارخة بأصوات عبد القادر علولة وسيراط بومدين و عز الدين مجوبي.. و تحدثت معه عن واقع المسرح الجزائري ورهاناته . يشهد المسرح الوطني إعادة بعثٍ جديد منذ تعيينك على رأس هذه الهيئة لكن مع ذلك نلاحظ أن المسرح لم يستعد عافيته بعد . ماتعليقك؟ الجزائر مرت بفترة العشرية السوداء التي أتت على كل ما هو ثقافي بما فيه المسرح، وأعتقد أن ما وصل إليه المسرح خلال السنوات السبع لأخيرة ودعم هذا القطاع من قبل وزارة الثقافة التي أولت أهمية بالغة للمسرح، واعتقد أن إنتاجنا اليوم يسير في الطريق الصحيح حيث استطاع المسرح الجزائري اليوم أن يكوّن رصيدا مهما في حسابه. الجزائر اليوم تملك 14 مسرحا وما لا يقل عن 200 جمعية وتعاونية، مستوى أدائها أقرب إلى الاحترافية منه إلى الهواية، لو جمعنا كل هذا لوجدنا أن المسرح الجزائري يقدم 200 مسرحية كل سنة. غير أننا للأسف نفتقد لعامل الدعاية أو الإشهار فما يقدم على بعد 5 كلم من العاصمة لا يسمع به أحد ، ولو أنتجنا 100 مسرحية وقدمنا من بينها 10 مسرحيات مهمة ذات مستوى راق لكان لدينا رصيد يضاهي الاعمال المسرحية المقدمة في البلدان العربية وهو ما نسعى إليه. عرفت منذ أن توليت حقيبة إدارة المسرح الوطني بعنايتك ورعايتك للشباب الهاوي فهل كان هؤلاء في مستوى ثقتك ؟ سيراط بومدين وعلولة و امحمد بن قطاف وكاتب ياسين وطه العامري.. نجوم مروا على ما يمر عليه شباب اليوم، ولعل الناس كانوا لا يؤمنون بطاقاتهم لكنهم أصبحوا رموز المسرح الجزائري والعربي. يمكن أن أقول اليوم بان مهرجان المسرح المحترف هو إثبات لوجود هؤلاء الشباب، لدينا 14 مسرحية كل المخرجين شباب، فالنص الذي مثل المسرح الوطني للمخرج جمال قرمي من قالمة، وهو مخرج شاب الذي سبق وأن قدم انسو هيروسترات وأخذ عنها جائزة الاخراج الاولى في دورة 2008 من المهرجان المسرح الجهوي لوهران سيشارك بالنافذة لمحمد عباس وهو ايضا شاب يعد بالكثير . إذا أراهن على الشباب لأنني لا استطيع غير هذا، فالواقع يفرض علينا أن نعيش ما هو متاح لدينا واستغلاله . لا يمكن أن نبقى واقفين على أطلال الماضي وأمجاد المسرح، هناك أجيال قادمة من حقها أن نأخذ بيدها على غرار محمد عباس حيدر سيد احمد قارة قرمي، اما الممثلون فحدث ولا حرج ، لدينا حوالي 40 اسما يمكن أن نخرج منهم 10 من أمثال عز الدين مجوبي و 10 من أمثال علولة ... بدون أي مبالغة شرط أن نوفر لهم الإمكانيات التقنية و المالية . هل هناك خطة عمل مستقبلية لتحديث البنية التحتية التي يرتكز عليها النشاط الفني المسرحي بالجزائر ؟ ليس لدينا خيار آخر، لوكانت الجزائر تملك معاهد تخرّج ممثلين ومخرجين وكتاب سيناريو، ولو أنها تنظم بعثات إلى الخارج في مجال الإخراج المسرحي لكانت الأوضاع أحسن. ولكننا الآن نعيش واقعا صعبا لابد من التكيف مع معطياته، لأن وجود معهد واحد على المستوى الوطني وهو معهد برج الكيفان لا يفي بالغرض ..اليوم لدينا واقع أحاول الاستثمار فيه قدر الإمكان، حيث أعمل على جمع كل خريجي معهد برج الكيفان قبل أن يفكروا في الهروب نحو الخارج وأعمل على منحهم نفس الفرص، ولكن تبقى الخشبة وحدها المحدد الأخير لقدرة الممثل من عدمها. مع أنك تعتبر من أكثر كتاب النصوص المسرحية غزارة سيما من حيث الإنتاج. إلا أننا لا ننفك نسمع المسرحيين يشتكون أزمة النصوص. بماذا تفسر ذلك ؟ منذ كنت شابا وأنأ أقول بان المسرح العربي لا يعاني أزمة نصوص كما هو متداول لأن هذه الأزمة أزمة مفتعلة فالمكتبات العربية و العالمية مملوءة بنصوص شيكسبير وموليير و توفيق الحكيم وطه حسين و الطاهر وطار..النصوص المسرحية موجودة نحن نعاني أزمة مؤلفين مسرحيين . 95 بالمائة مما ألف للمسرح الجزائري إلى حد اليوم هو من اقتراح واجتهاد ممثلين أو مخرجين مسرحيين، وعليه كان المسرح الوطني أول من بادر إلى اقتباس الأدب الجزائري ابتداء من الشهداء يعودون هذا الأسبوع للروائي الطاهر وطار واليوم نقتبس لياسمينة خضرا وطاهر جاووت .. قلت في الكثير من تصريحاتك بأن النص الأدبي لا يكفي لصناعة مسرحية لابد من حبكة مسرحية يصنعها أصحاب الحرفة. هل نعتبر تصريحك تقليلا من أهمية الحبكة الدرامية للنصوص الأدبية ؟ الأدباء يملكون اللغة وعمق التفكير وجمال اللغة أما المسرحي فيملك الحبكة وطريقة توظيف التقنية. وعليه فنحن نحاول أن نجمع بين الاثنين وبرنامج صدى الأقلام مثلا يعمل في هذا الاتجاه حيث استطعنا أن نتحصل من خلاله على عشر نصوص أدبية حوّلناها إلى مسرحيات من ضمنها مسرحية غوثية ، وحنضلة .. الآن اطلب من الأدباء و الروائيين أن يكتبوا للمسرح لأنني اعتبر أن الأديب جزء من محيط الفن الرابع مثلما أنا جزء من محيطه . باعتبارك واحد من أعمدة المسرح الجزائري ما تحليلك للفجوة الحاصلة بين المسرح وجمهوره؟ بكل موضوعية لدينا اليوم في الجزائر واقع لا يمكننا أن نتعداه آو أن نزوّره لابد من الانطلاق من الأرقام التي سجلناها خلال السنوات الفارطة، فالمسرح مرتبط بالحالة العامة للمجتمع ونحن في بعض الأحيان نستقبل 500 متفرج يوميا وفي بعض الأحيان لا نستقبل غير 8 متفرجين ولكن مقارنة بالواقع الاجتماعي المعاش فهذا المعدل ممتاز لان المواطن الجزائري لديه اولويات تسبق دخول المسارح وهو واقع لابد من التكيف معه ومحاولة تغييره. وعليه لابد من الإيمان بقدرة شبابنا الذين سيكونون رموز وواجهة المسرح الجزائري مستقبلا . وهل تعتقد بأن التلفزيون الجزائري أدى دوره كما ينبغي في مايخص دعمه للحركة المسرحية الجزائرية ؟ المؤسسة الوطنية للتلفزيون لها ظروفها الخاصة وبرامجها وسياستها التي لا يمكنني أن أناقشها غير أنها صورت تقريبا 50 مسرحية في الطبعات الفارطة للمهرجان، وعليه اعتقد انه كان بإمكان التلفزيون تقديم حصة شهرية خاصة بالمسرح في شكل طاولة مستديرة تجمع باحثين وتقنيين ومحترفين مسرحيين يناقشون خلالها مشاكل وعوائق وتحديات ورهانات المسرح الجزائري. مع أنني لاحظت مؤخرا بأن القناتين الأرضية والثالثة تعرضان بين الحين والآخر بعض المسرحيات التي تبث في أوقات اعتقد انه في اغلب الأحيان غير ملائمة، كما أنها لا تحظى بالإشهار اللازم، الذي يضمن على الأقل متابعتها من قبل جمهور الشاشة الصغيرة . هل تعاني الخشبة المسرحية الجزائرية من قيود الرقابة السياسية ؟ الجزائر لم تعرف سحب أي مسرحية، منذ الاستقلال لم اشهد عبر مسيرتي المسرحية انه تم منع أو اعتقال أي شخص بسبب أي مسرحية،كل مسرحيات كاتب ياسين مرت على الخشبة الجزائرية ولم تعترضها الرقابة . علولة أيضا مر في مرحلة جد حرجة في تاريخ الجزار مثل امحمد بن قطاف وسليمان بن عيسى.. كل المسرحيات مرت بدون أي عوائق رقابية، فمثلا مسرحية ''العيطة'' كانت واحدة من أقوى وأجرء المسرحيات ومسرحية ''موقف إجباري'' أيضا هي من أقوى المسرحية التي لو عرضت في دول أخرى ربما لكانت تعرضت للسحب، إلا أن المسرح الجزائري لم يشهد مثل هذه القيود، وهو دليل على أننا ننعم بحرية التعبير على الخشبة الجزائرية . اختار المسرح الوطني محي الدين بشطارزي نص '' نزهة في غضب '' للتمثيل ضمن فعاليات مهرجان المسرح المحترف. على أي أساس تم هذا الاختيار؟ اختيار مسرحية ''نزهة في غضب'' لتمثيل المسرح الوطني ضمن المنافسات الرسمية للمهرجان راجع لأنني رأيت إلى جانب لجنة المساعدة المختصة أن العمل يتوفر على الشروط التي اعتبرها شخصيا جيدة. وهناك سبب آخر كان من العوامل المباشرة في اختياري للعمل فانا سياستي واضحة فيما يخص دعم الشباب لأن ما يهمني هو إعطاء فرصة للشباب انطلاقا من الممثلين إلى كتاب السيناريو إلى المخرجين إلى التقنيين.