كشف المخرج الجزائري عز الدين عبار أنه يعمل حاليا على تحويل نصين للكاتب الجزائري احميدة عياشي، إلى عمل مسرحي يشارك به المسرح الجهوي لسيدي بلعباس في مسابقة المسرح المحترف لهذا العام. وقال المخرج في تصريحه ل"الأمة العربية"، إن المسرحية ستزاوج بين نصين لاحميدة عياشي وهما "ذاكرة الجنون والانتحار" ، ورواية "متاهات ليل الفتنة"، ويندرج اختيار النصين ضمن البرنامج المسطر للمسرح الوطني والمسارح الجهوية لسنة 2009، حيث ستكون الأولوية لإنجاز مسرحيات لكتّاب جزائريين، كما يعتبر العمل المسرحي الجديد لعبار هو ثاني تجربة تجمعه ب"احميدة عياشي" إذ سبق للرجلين وأن التقيا في مسرحية "هبيل وهبيل" في1996. وقال عبار إنه يلتقي حاليا بالكاتب للاتفاق على طريقة العمل، وكيفية الربط بين الروايتين، المتشابهتين في التركيبة البنيوية، كما سيعتمد المخرج على كل من سليمان حاسبي في الكوريغرافيا، وعبد الرحمن زعبوبي في السينوغرافيا، وسيكون توزيع الأدوار على خمسة ممثلين من المسرح الجهوي لسيدي بلعباس، ولم يفصل بعد المخرج في اختيار من سيؤدي أدوار المسرحية التي لم يتوصل بعد إلى تحديد عنوانها. يذكر أن رواية "الجنون والانتحار" الصادرة سنة 1986، وترجمت إلى اللغة الفرنسية سنة 2003، هي عبارة عن عمل أدبي يدرج ضمن خانة الرواية المجددة لما تحمله من إحالات إلى القرآن الكريم، وألف ليلة وليلة، وعوالم صمويل بيكيت، فهو عمل يبلغ حدود السخرية، ويغامر في فضاءات التجربة والحلم. بينما تلقي رواية "متاهات.. ليل الفتنة" التي صدرت في سنة 2000، الضوء على الأزمة السياسية القائمة التي غرقت فيها الجزائر منذ مطلع التسعينيات، مع العودة إلى التاريخ الإسلامي للمغرب العربي. وتروي الرواية عمليات الاغتيال الجماعية التي كان يقوم بها أعضاء الجماعات المسلحة ضد الفئات الشعبية. ومن جهته، فقد سبق لعبار وأن تعامل مع النصوص الأدبية الجزائرية، حيث أخرج مسرحية "الحوات والقصر" للكاتب الطاهر وطار، ومسرحية "موقف إجباري" للكاتب المسرحي محمد بن ڤطاف، كما انتهى مؤخرا من إخراج مسرحية "فالصو"، المقتبسة عن نص "نيكولاي أردمان". وتجتمع أعمال عز الدين عبار في اعتمادها على النصوص القوية، التي تسلّط الضوء على العلاقة بين الإنسان والمجتمع والسلطة، ففي مسرحية "موقف إجباري" المنجزة في سنة 2007، عودة إلى أحداث أكتوبر 1988 والتحولات السياسية في الجزائر قبل وبعد هذا التاريخ، وترصد "الحوات والقصر" للمسرح الجهوي بقسنطينة والحائزة على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة المسرح المحترف للعام الماضي، وكذلك جائزة أحسن إبداع موسيقي، العوالم السبعة أو المدن السبع التي كان على الحوّات المرور بها للوصول إلى قصر الملك، وتكشف واقع الإنسان في أمكنة معينة، حيث اختلفت الجغرافيا ولكن ظروف الحياة نفسها، ومتاهات الدنيا واحدة، وهي العالقة بين الدمار والانتظار والأمن والخوف. وتناولت "فالصو" لمسرح سيدي بلعباس، والتي حازت بدورها على جائزة أحسن عرض متكامل بنفس المهرجان، مشكلات الشباب المتخبط بين البطالة، الإرهاب، التنصير، وتجّار المخدرات. أما عمله الأخير الذي يعكف حاليا على إنجازه لمسرح سيدي بلعباس، فسيكون محاولة لدخول عالم الكاتب احميدة عياشي، وإطلالة على الآخر بمنظور الكاتب.وكشف المخرج في السياق ذاته، أن عمله الجديد سيكون مختلفا عن باقي أعماله السابقة وسيسجل -على حد قوله- بصمة مميزة في مساره الإخراجي.